بالمختصر المفيد

حاجتنا إلى الإصلاح/ كمال أبو سنة

انتشار الجريمة بأنواعها في الجزائر صار أمرا مقلقا ومزعجا ومرعبا، والغريب أن الظاهرة تتفاقم يوما بعد يوم  دون أن تعالج أسبابها الحقيقية للحد منها، وكان من المفروض أن تجتمع جهود المسؤولين، كل في موقعه، على معالجتها ومحاربتها..!

بل تطور الأمر في هذه الأيام إلى حد عادت الجريمة منظمة يقوم عليها محترفون للترهيب تارة وللاغتناء تارة أخرى حتى صار الناس لا يأمنون على أنفسهم وأهليهم وأموالهم..!

لقد أحدثت عوامل كثيرة في السنوات الأخيرة تغيرات كبيرة في قيم المجتمع الجزائري وعادته وتقاليده التي استمدها من تعاليم الدين الإسلامي- إن لم تكن عن علم، فقد كانت موروثة عن الآباء والأجداد- فانقرضت أخلاقيات أسهمت في حفظ الأعراض والأنفس والأموال والحقوق العامة، دون الحاجة إلى رقيب عتيد أو وعيد شديد.

هناك قاعدة برهنت على صحتها الأيام السوالف تقول: إن غياب العدالة الاجتماعية، وتهميش الدين، يصنعان الفساد الاجتماعي بكل أنواعه..!

والحق أن العدالة في بلادنا ضعيفة عليلة تحتاج إلى تطبيب سريع، ودور الدين فيها غائب في الأسرة، وفي المؤسسات التعليمية على اختلاف مستوياتها، وفي الإعلام والثقافة، وفي القوانين والأحكام…والغريب أن الباب مفتوح للتدين المغشوش الذي لا يقيم بناء، ولا يرفع صرحا، ولا يداوي مرضا، ولا يجبر كسرا، في حين أن الأبواب تكاد تكون موصدة أمام التدين الصحيح الذي يحبه الله ورسوله.!

لهذا فإن صلاح المجتمع يبدأ بالتزام العدل واحترام الحقوق، وتقوية الوازع الديني في أفراده، ومحاربة الآفات التي حذرت الشريعة الإسلامية منها وحرمتها، وذلك بتطبيق أحكامها، والعمل بتعاليمها التي شرعها الله -عز وجل- خالق الإنسان ورازقه، والخبير بما يصلحه وبما يفسده، وصدق الإمام عبد الحميد بن باديس-رحمة الله عليه- حين قال:” إن الغاية التي يسعى إليها كل عاقل هي السعادة الحقة، وإن التكاليف الإسلامية كلها شرعت لسوقه إليها “[تفسير ابن باديس، ص: 142].

وإنه لمن الجهل المطبق، وتضيع الوقت، أن يسعى الساعون إلى السعادة الحقة بولوج باب تهميش التكاليف الإسلامية التي شُرعت، والعض بالنواجذ على ما تشرعه الأهواء البشرية التي أوصلت الإنسان إلى الحيوانية المتوحشة حتى صرنا نقرأ ونسمع عن شاب قتل والديه ذبحا، وعن فتاة لم يتعد سنها خمس سنوات اغتصبت بلا رحمة، وعن مخمور أردى صديقه قتيلا بعد عراك بينهما، وعن عصابة تقطع الطريق وترعب الآمنين، وعن طفل مخطوف يطلب مختطفوه من أهله الفدية أو القتل، وعن..وعن..!

إننا بحاجة إلى أن نناقش بصراحة ما وصل إليه واقعنا الاجتماعي المتردي بعيدا عن النيات السيئة من أجل وصف الأدواء المستفحلة بكل مسؤولية وأمانة وعلاجها بحكمة لأن غرس الرأس في الرمال لن ينفع أحدا..والله الهادي لما يحبه ويرضاه.

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com