مرحبا بك يا رمضان في كل وقت وآن
مداني حديبي/
جرت عادة الخطباء والوعاظ والشعراء وغيرهم أن يسكبوا دموعا هتانة على فراق رمضان، وهوسيعود مرارا وتكرارا.
ذلك لأن الحزن الحقيقي الصادق إنما يكون على ضياع الأوقات الشريفة وعدم استثمار الأنفاس الزكية المباركة..
أما الحزن العاطفي الوهمي وكأننا نواري رمضان التراب ولن يعود مرة أخرى..فحزن خاطئ شكلي..والمفروض أن نبكي على حالنا وتقصيرنا وأنه قد يأتي رمضان ونحن هناك قد وضعنا في صدع من الأرض، قد قطعنا الأسباب، وفارقنا الأحباب، وواجهنا الحساب.
لهذا نحن لن نبكي على رمضان بتلك الطريقة الطفولية البائسة ولن نستعجل رحيله بل نسعد به ضيفا دائما معززا مكرما..
مرحبا به في كل وقت وآن..يعيش معنا في كل الشهور ويتغلغل في كل تفاصيلنا وينساب عذوبة في كل أحوالنا.. صحيح أن شرف الزمان في رمضان ومضاعفة الأجور والبيئة المرحبة المعززة وفتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران وتصفيد مردة الجان، لا تكون كل هذه إلا في رمضان لكن عبيرها وعبقها وسحرها ونورها وأثرها يكون في سائر الأزمان والأحوال..فباب التوبة مفتوح وباب التوفيق باسم وباب العبادات مبتهج متوهج..
والوفاء هوعنوان منهجنا وروح أخلاقنا يقتضي منا أن نبقى أوفياء لرمضان في كل شهر..إنها كانت تأتينا أيام خديجة.
فإذا كان القيام في رمضان بثماني ركعات فلنحافظ على قيام الليل ولوبركعتين في الأسحار.. وإذا كان الصيام شهرا كاملا، فلنحافظ على ثلاثة من كل شهر وصيام التسع من ذي الحجة وعرفة وعاشوراء .. وإذا كانت لنا ختمات في رمضان..فلنحافظ على ختمة في كل شهر.
وكذا النوافل وألوان الطاعات وأعمال البر..
فنعيش رمضان في شوال وذي القعدة وذي الحجة و..
ويرافقنا نسيم رمضان ويلازمنا أنفاسا في كل وقت.
ذلك لأن من علامات قبول رمضان هو الثبات بعده.. وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.. وإن الحسنة تستوحش تأبى التفرد، فإذا عملت حسنات في رمضان تسلمك إلى حسنات باسمات في بقية السنة.
فلن نبكيك رمضان وكأنك لعبة أطفال تفككت وتشرذمت لأنك لن تفارقنا روحا وأورادا وعبيرا وصياما وأذكارا ودعاء..بل نسعد بك ونسترد معانيك ونستنشق عبقك الزكي في كل وآن.