ما هذا الذي يحدث في المسجد الأقصى؟
أ د. عمار طالبي/
إنها دولة إرهابية، عنصرية محتلة استعمارية. فبالأمس تعرض القدس للحروب الصليبية المسيحية، وها هو اليوم تعرض ويتعرض لحرب يهودية دينية، تثيرها هذه العصابة من متشردي الآفاق، الذين استولوا بالخديعة على اقتصاد العالم وعلى الإعلام، وأصبحوا يحركون الحروب، ويتوغلون في الأوساط السياسية في دولة عظمى تحميهم، وتبارك إرهابهم، واحتلالهم، وقتلهم للأطفال والنساء والرجال، ونهبهم لأرض فلسطين، لبناء قلاع للمستوطنين، قلاع مسلحة إرهابية، تجند لها الجنود لحمايتهم وتشجيعهم على قتل الفلسطينيين، ونهب أراضيهم ومنازلهم وهدمها، وهم قبل ذلك يحصلون على حماية السلطة الأمريكية، والكنائس البروتستانتية المتصهينة، تمدهم بالمال والحماية، بالإضافة إلى ما تمدهم به السلطة الأمريكية من الأسلحة، والمال والتأييد السياسي في المحافل الدولية، وأشهار سيف الفيتو في مجلس الأمن. يستعملون الدين في تحقيق أغراضهم وهم بعيدون عن حقيقة الدين، وهل الصهاينة أهل دين؟ إنهم علمانيون يستعملون الغلاة منهم لتحقيق أهدافهم السياسية.
نرى هذه الحكومة الضعيفة يستولي عليها الغلاة المتطرفون، ويحملونها على حشد الجيش والشرطة للعدوان على المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين في مسجدهم منذ قرون، وقذف هؤلاء المصلين من الشيوخ والنساء والشبان بقنابل الغاز لخنقهم، ويرمونهم بالرصاص المطاطي وبأعيرة النار داخل المسجد.
يخرجون المصلين بالقوة من المسجد الأقصى، المسجد القبلي، ومسجد قبة الصخرة، لإخلاء ذلك للإرهابيين اليهود الذين يزعمون أنهم أهل دين، وأي دين هذا الذي يهاجم الذين يعبدون الله وحده في مسجدهم، ويعتكفون فيه للصلاة وإسلام الوجه لله وحده.
لا عجب في ذلك فإنهم قتلوا الأنبياء من قبل، وعبدوا العجل الذهبي في حياة موسى عليه السلام نفسه، وبحضور هارون، وكانوا من الجبناء حين أمروا بقتال الفلسطينيين فقالوا: إن فيها قوما جبارين وأنهم لن يدخلوا حتى يخرج منها الجبارون. هذا جبنهم، واليوم أصبحوا جبارين لا بأنفسهم وإنما بقوة الولايات المتحدة وأوروبا، الذين استولوا على اقتصادهم وإعلامهم، ويثيرونهم لشن الحروب على غيرهم ويدعون أمريكا ليلا ونهارا لشن الحرب على إيران التي يخشونها لاعتدادها بذاتيتها وعدم خضوعها لغيرها.
ونحن الآن نتوجه للصهاينة الجدد في بلاد العرب يزعمون أنهم مسلمون ولكنهم أصيبوا بالصهيونية، وبتذللهم لها أصبحوا تقام في مدنهم أعيادهم ويبذلون لهم أموالهم لاستثمارها، ضد أهل فلسطين.
والمرء اليوم يتساءل عن موقفهم مما يجري في المسجد الأقصى، وتدنيس جنودهم واقتحام المستوطنين لهذه المقدسات في حماية العسكر والشرطة، هل المسجد الأقصى أصبح غير مقدس عندهم؟ وهل هم مسلمون بهذا الصنيع؟ ألا يخجلون؟ أليست لهم غيرة؟ هل فقدوا مشاعرهم، فقدوا الإحساس بالعزة والأنفة العربية الجاهلية، فضلا عن عزة الإسلام، إن هذا لمن العجب العجاب، وأغرب الغرائب، إن هؤلاء مسخوا مسخا، وزالت كرامتهم زوالا، وكان ذلك عليهم وبالا، ذاقوا الذل وحلا لهم، وركعوا وطاب الركوع لهم، فهنيئا لهم هذا الذل، وهنيئا لهم هذا الركوع، وفقدان الغيرة والكرامة.