رمضانيات

خاطرة الخوف من رمضان

محمد الطاهر رشراش */

 

نعمة يُحسد عليها المسلمون حقا إنها نعمة: *رمضان*… كم يتمنى أهل القبور أن يعودوا إلى الدنيا مرة أخرى ليُدركوا هذه الأيام المباركات، فيُعمّروها بطاعة الله، لترفع درجاتهم، وتُمحى خطيئاتهم، ويُعتقون من النار…
ومن رحمة الله بعباده المسلمين أن يُبلغهم عاماً بعد آخر، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار فيتهيئون له، ويستقبلونه بحفاوة وفرح ومسرات كثيرة غامرة، عكس صنفين اثنين من الناس، صنف ابتلاه الله تعالى بنقص في الأموال، ذراعه وِساده، وفراشه الأرض، ولحافه السماء، تارة يجد ما يُسكت به جوعه، وتارة يطوي على خواء، تراه ضعيف الإيمان يروح كئيبا ويغدو حزينا، خوفا من رمضان ومتطلباته ومشتهياته التي قد يفرضها صوم النهار، قال تعالى {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(النساء 175)، الحق أنه يجب استقبال رمضان برجاء وترحاب لأنه معين على الإكثار من الطاعات إلى جانب تقوية الإرادة والصبر على المكاره، آملين أن تتحول عملةُ الطاعات إلى رصيد من الحسنات ولن يُضيع الله أجر من أحسن عملاً، قال تعالى:{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف 110)، كما أن رحمة الله ليست مُلقاة في فلاة، ينالها البر والفاجر كما اتفق، كلا كلا .. إنما هي عطية حسنة كتبها الله للمتقين، قال تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ}(التوبة 21)، أما الصنف الثاني الذي يخشى رمضان، فهو صنف أنعم الله عليه بنعمه الوفيرة، لكنه قانط من رحمة الله، تراه خائفاً وجلاً من قدوم رمضان، وغير مُهَيّأ نفسيا للقاء الشهر المعظم، ومن فضل الله عزّ وجلّ أن جعل لنا طريقا إلى رمضان عبر بوابة رجب وشعبان، فلا يمكن دخوله إلا عبرهما، وهنا يكمن التهيؤ سواءً نفسيا كان أو بدنيا، لأن من أراد السفر فلابد أن يعدّ له العدة، وإلاّ ظلّ مكانه دون سفر أو رحيل.
إن رمضان مدرسة للعلم والصبر والإيمان والتعاون والتضامن والتفكير في الآخرين ومد يد العون إلى المحتاجين والمساكين وذوي المسغبة …
أخي الكريم … عندما ترى هذا النور قادماً من هناك لا تخف…لا توجل، فهو نور له هيبته المهيبة، وهو ليس بسطوع مخيف، إنما عليك تقبل هيبته بحفاوة، ثم دعه يحتضن ضعفك… دعه يحتويك ويأخذك إلى عالمه وأجوائه اللطيفة العبقة بأنوار السكينة والإيمان .
والله وليّ التوفيق.
* جامعة تبسة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com