وراء الأحداث

صمود المرابطين في مواجهة جرائم المحتلين الإسرائيليين

أ. عبد الحميد عبدوس/

أسبوع من التغول الصهيوني على المواطنين والمقدسات الإسلامية في فلسطين لم يجد من يتصدى له من أمة المليار ونصف المليار مسلم سوى المرابطين والمرابطات في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس بأياديهم الفارغة من السلاح، وصدورهم العامرة بالإيمان، وصيحاتهم المتعالية بالتكبير، وفي المقابل كانت قطعان المستوطنين يتناوبون على تدنيس الحرم القدسي تحت حماية بنادق جنود الاحتلال الاسرائيلي وحراستهم، فقد أكد خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أن الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك لا تجري إلا بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، لأنه لا يوجد يهودي يجرؤ على اقتحام الأقصى من دون حراسة وبالتالي الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة عن الانتهاكات.اقتحام المستوطنين اليهود لباحات المسجد الأقصى لم تكن مفاجئة، لأنه بالتزامن مع وصول وزراء خارجية الإمارات ومصر والمغرب والبحرين إلى دولة الكيان الإسرائيلي المحتل، يوم 27 مارس المنصرم، أعلنت قناة (كان) العبرية الرسمية، أن: «تل أبيب قررت السماح للمستوطنين اليهود بمواصلة اقتحام المسجد الأقصى خلال شهر رمضان» وكأن دول التطبيع العربي أعطت ضوءاً أخضر، للمحتل الإسرائيلي لمواصلة تهويد القدس والاستمرار في مشروعه لتقسيم الحرم القدسي زمانيا ومكانيا بين اليهود والمسلمين
في يوم السبت 16 أفريل الجاري وجهت منظمة «هيئة مقر منظمات الهيكل» نداء للمستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى خلال أيام عيد الفصح اليهودي. وقالت إن الباب سيفتح لـ«اقتحام جماعي» للمسجد الأقصى من (الأحد 17 إلى الخميس 21 افريل) من السابعة صباحاً حتى العاشرة والنصف صباحاً. جاءت هذه الدعوة بعد إفشال المرابطين الفلسطينيين لمحاولة مجموعة الأصوليين الاستيطانيين التضحية بقرابين دخل الحرم القدسي كجزء من طقوس عيد الفصح اليهودي الذي بدا يوم الجمعة 15 أفريل.
وعلى مدار أيام أعياد الفصح اليهودية (الأحد 17 إلى الخميس 21 افريل 2022) اقتحم باحات الحرم القدسي ما لا يقل عن 3986 مستوطنا، على دفعات ضمت المجموعة الأولى 728 مستوطنا يوم الأحد، وضمت الثانية 694 مستوطنا يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء كان عددهم 622 مستوطنا، ويوم الاربعاء ارتفع عددهم إلى نحو1180مستوطن، ويوم الخميس كان عددهم 762 … وقبل دخول كل مجموعة من المستوطنين المتطرفين كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تقوم بإخلاء المسجد الأقصى المبارك من المصلين والمعتكفين بالقوة باستخدام الهراوات والرصاص وقنابل الغاز مما أدى إلى إصابة المئات من المصلين والمصليات الفلسطينيين واعتقال العشرات منهم، وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تمنع حتى سيارات الاسعاف من الوصل إلى المصابين والجرحى لتقديم الإسعافات الأولية لهم.كل هذا الإرهاب الصهيوني كان من أجل تمكين المستوطنين المتطرفين من القيام بزيارتهم الاستفزازية وأداء طقوسهم التلمودية.
إصرارالمصلين والمرابطين في المسجد الأقصى على مقاومة تدنيس المسجد الأقصى المبارك من طرف المستوطنين المتطرفين، ومنع المجموعات اليهودية من التضحية بقرابينهم داخل الحرم القدسي، وتأكيد دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، أن الاعتكاف قائم في المسجد الأقصى المبارك حتى نهاية شهر رمضان المبارك، بسبب تهديدات المتطرفين باقتحامه، ألجأ قوات الشرطة الإسرائيلية لوقف اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بدءا من يوم الجمعة22 أفريل (21 رمضان) حتى انتهاء عطلة عيد الفطر، ومنع مسيرة الأعلام التي نظمتها قوى يمينية يهودية متطرفة يوم الأربعاء الماضي (20 أفريل) من الوصول إلى باب العامود في البلدة القديمة بالقدس المحتلة. كما أصدرت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس التي اجتمعت يوم الخميس الماضي (21 أفريل 2022) في عمان عاصمة الاردن بيانا أدانت فيه الانتهاكات الإسرائيلية بحق المصلين في المسجد الأقصى، والتي تنذر ـ حسب البيان ـ بإشعال دوامة من العنف تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة».
ومن اللافت للانتباه أن يكون الغائب الأكبر في عملية التصدي للاعتداء على القدس واقتحام المسجد الأقصى من قبل المتطرفين اليهود هي لجنة القدس التي تهدف نظريا إلى «حماية القدس من المخططات والمؤامرات الصهيونية وخطط تهويدها». هذه اللجنة التي مازال يترأسها ملك المغرب محمد السادس حاكم الدولة المغربية المطبعة مع الكيان الصهيوني.
لم يكن الحرم القدسي هو وحده من تعرض للاعتداءات الصهيونية وتدنيس المستوطنين المتطرفين لمقدسات المسلمين بمناسبة الاحتفالات اليهودية بما يسمى بـ «عيد الفصح»، فقد قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين 18 أفريل (17 رمضان) إغلاق الحرم الإبراهيمي الشريف بالخليل، يومي الاثنين والثلاثاء، ولم يسمح للمصلين بالوصول إليه، أكد مدير الحرم الإبراهيمي، أن «الاحتلال يعتبر أن هذه الأيام من حقه، وعليه فإن الحرم يستباح من قبل المستوطنين، الذين يقومون بتنفيذ حفلات تلمودية داخل الحرم الإبراهيمي الشريف».
لعل ما يجري في الحرم الابراهيمي هو تحذير إسرائيلي لما قد يلحق بالحرم القدسي من تطبيق مخطط التقسيم الزماني والمكاني كما هو الأمر في الحرم الإبراهيمي الذي قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتقسيمه في سنة 1995 بين اليهود والمسلمين وبعدما كان حرما إسلاميا خالصا اصبح 60 بالمائة منه تابع للإسرائيليين، مقابل 40 بالمائة للمسلمين.
فقبل قبل28 سنة أي في 1994 دخل الإرهابي الصهيوني باروخ جولدشتاين تلميذ الحاخام كاهانا، مؤسس حركة “كاخ” إلى الحرم الإبراهيمي وأطلق النار على المصلين، ما أدى إلى استشهاد 29 وجرح أكثر من مئة، بعد الجريمة الإرهابية النكراء قامت إسرائيل بتقسيم الحرم الإبراهيمي.
لقد تدرجت مطامع الإسرائيليين في الحرم القدسي من المطالبة بحق الزيارة إلى المطالبة بحق العبادة وبدأ الأمر بدعوة عدد من قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية وغيرهم من الساسة الإسرائيليين الحكومة والحاخامية الرئيسية في إسرائيل لرفع الحظر عن صلاة اليهود داخل الحرم، وفي السنوات الأخيرة شرعت مجموعات يهودية متطرفة في تنظيم اقتحامات يومية صباحية للمسجد الأقصى لجعل الأمر معتاداً وطبيعياً مع مرور الزمن، وتحويل الحرم القدسي إلى مزار للإسرائيليين صباحاً خلال فترة ما قبل صلاة الظهر. ولكن المقاومة الدائمة والشجاعة للمرابطين والمصلين في بيت المقدس واكناف بيت المقدس هي التي تتصدى للمخططات الإسرائيلية وتبذل النفس والنفيس لمنع تهويد المسجد الأقصى الذي يعد من أقدس المقدسات الإسلامية ورمز الهوية الفلسطينية وإسمنت الوحدة الوطنية للفلسطينيين على مر السنين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com