فتاوى

شروط صحة الصوم، وبلوغ فوائده التعبدية

الشيخ محمد مكركب أبران/

Oulama.fatwa@gmail.com

الســــــــــــؤال
قال السائل: قرأت في حديث قدسي، قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل:[كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ] وسؤالي: ماهي شروط صحة الصوم؟ وماهي الفوائد من الصوم؟، فإنني أخشى أن يكون صومي غير مقبول. وكيف نحرص على أن تكون كل عبادتنا صحيحة مقبولة؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: ماهي شروط صحة الصوم؟ وهذا هام جدا، أن يعلم كل مسلم شروط صحة عمله في العبادات أو المعاملات، وكذلك معرفة معالم الهداية نحو الصراط المستقيم. واعلم أننا نتفقه ونتعلم شروط صحة العمل، فنقول: كيف يكون الصوم صحيحا، وفق ما شرعه الله تعالى، وكما بينه النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال السائل: {أخشى أن يكون صومي غير مقبول} ونقول له: أما القبول فلايعلمه إلا الله الرحمن الرحيم. فاللهم اغفر لنا ذنوبنا، وتب علينا، وتقبل منا أعمالنا، وارض عنا، آمين.
الشرط الأول: النية والإخلاص: ورد في الحديث.[إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى] (البخاري:1) أي: أن صحة ما يقع من المكلف من قول أو فعل، أو ما ينبغي أن يكون من التمام في العبادات والمعاملات، وترتيب الثواب عليه، لا يكون إلا حسب ما ينويه العامل، وقال الله سبحانه وتعالى:﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. ومن مقتضيات النية الصادقة، والإخلاص التام، هو الإيمان والاحتساب. وأنبه السائل بأن يتفقه في مبدئي: الإيمان، والاحتساب، في القيام بكل عمل. فالسر في:[من صام رمضان إيمانا واحتسابا] و[قام رمضان إيمانا واحتسابا] و[قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا]. والواجب، تبييت النية للصوم قبل الفجر.فعن حَفْصَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: [مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ] (النسائي:2331) الشرط الثاني: الإمساك التام عن الطعام، من الفجر، إلى غروب الشمس، كل يوم من أيام رمضان. الشرط الثالث: اجتناب المعاصي. كقول الزور، والنميمة، والغيبة، والخوض في أموال الناس، كالاختلاس، والرشوة، والتطفيف، واجتناب الظلم بكل أنواعه. الشرط الرابع: عدم ترك عبادة مفروضة عن عمد. فلا بد من العناية بإقامة الصلاة، بكل أركانها وشروطها، وإيتاء الزكاة وفق أحكامها، والقيام بواجب الوظيفة في العمل بكل إخلاص، وصدق، وأمانة، وبر الوالدين، ورعاية الأولاد وحسن تربيتهم.
ثانيا: قال السائل: (وماهي الفوائد من الصوم؟). الصوم عبادة شرعها الله تعالى، والعبادة حق الله على عباده، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. فالفائدة، الكبرى: نيل السعادة الأبدية في جنات النعيم. لأن من صام إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وأدخله الله الجنة من باب الريان. [إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ] (البخاري:1896)
ومن فوائد الصيام في الدنيا كثيرة، ولكن المسلم لايقوم بالصوم بنية أن ينال هذه الفوائد التي يسمعها، إن الصائم يريد بعبادة الله تعالى، ما عند الله سبحانه، إخلاصا تاما لله عز وجل. فبالقيام بالعبادة كلها ومنها فريضة الصيام. أن المؤمن ينال السكينة والاطمئنان، وسلامة القلب، وطهارة النفس، بالصوم يتجدد العزم والثبات، بالصوم يتدرب الصائمون على الصبر والمصابرة، وجهاد النفس، والشهوات، وجهاد الشيطان. الصوم مدرسة عظيمة، يتخرج منها المتقون. ومن فوائد الصيام: تقوية روح التكافل بين المؤمنين، وتدريب النفس على قيام الليل بصلاة التراويح، والتربية على الجود والكرم، وتقوية رابطة التراحم والتعاطف بين الصائمين، حيث تزداد القلوب رقة وصفاء في رمضان. ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل: (وكيف نحرص على أن تكون كل عبادتنا صحيحة مقبولة؟) أن نفهم ما معنى أن نعبد الله مخلصين له الدين؟ أن نعبد الله عن خضوع تام، وحب صادق، وطاعة إرادية للخالق المعبود وحده، عن يقين. لا لدنيا ولا لشهرة، ولا لمناصب، أن نرضى بكل ما كتب الله علينا، نعبده ولوكنا مبتلين، نعبده عبودية الحب الخالص له سبحانه. اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومعه الصحابة، الذين قالوا:﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com