قضايا و آراء

الحرب على أوكرانيا.. بيــن الـمركز والأطراف

أ. عبد القادر قلاتي/

 

لم يكن الغرب (المركز) بأنظمته ومؤسساته السياسية والاقتصادية ينتظر الحرب على اوكرانيا بهذه السرعة في اتخاذ القرار الروسي، لأنّ الخلاف بين روسيا والغرب حول الحصار الذي كان الغرب يريد من خلاله أن يطبق على النفس الروسي بتوزيع مواقع الحلف الاطلسي من جهة، وبسحب أوكرانيا من مجالها الجغرافي والحضاري إلى الدائرة الغربية من جهة أخرى، لكن الروس كانوا أيضا يحملون مشروعًا مضادًا للسياسات الغربية في وجه التمدد الروسي المعروف تاريخيًا، ولذا عندما كان بوتين يلوح بشن حرب على اوكرانيا، كان الغرب لا يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، لأنّه من التقاليد السياسية -عندما تنشب الخلافات بين الدول – تكون سياسة التهديد بالحرب ليس معناها دائمًا الحرب العسكرية، وإنمّا تكون جزءا من الخلاف البيني، حيث تستخدم الأطراف المتنازعة كلّ الأوراق للضغط والمساومة، ومنها مصطلح الحرب الذي يكون أعلى سقفاً في لغة الصراع الدولي، إلا أن الروس خرجوا عن هذه الأعراف المألوفة، وقاموا بشنّ حرب تدميرية شملت البنية التحتية للمدن الأوكرانيا، جعلت العالم يستحضر صور الحرب العالمية الثانية، فأربكت بذلك الغرب كلّه، ونزعت عنه هالة القوة والسيطرة التي فرضها على باقي العالم (الأطراف)، وتحوّلت بذلك سياسات التفاوض بين الغرب وأوكرانيا من جهة، وروسيا والصين وبعض الدول الملحقة بهما من جهة أخرى، إلى حرب عسكرية تدار في الميدان بين دولتين جارتين، لكنها في الحقيقة تدار بين مجالين حضاريين، وهو ما يؤشر إلى وضع عالمي خطير ربما يتحول إلى حرب عالمية ثالثة، كما يقول الكثير من المحللين السياسيين وعلماء السياسة الكبار الذين اقترحوا مجموعة من السيناريوهات لإنهاء الحرب، وإلاّ تحوّلت إلى حرب عالمية يشارك فيها الجميع (المركز الأطراف)، وهو الخيار الأصعب والأخطر، والأكثر احتمالاً إذا لم يحكّم العقل، ويقدم على سياسات التهور التي يدار بها العالم اليوم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com