كيفيــــة ثبـــوت رؤيـــــة هـــــلال رمضــــان وشـــــوال.

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com

الســــــــــــؤال
قال السائل: ما معنى قول النبي صلى الهو عليه وسلم: [إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له] وما معنى فاقدروا له؟ ومن هم الذين يقدرون له؟ وهل إذا أعلن عن رؤية الهلال في بلد، وجب على كل البلدان الإسلامية الصوم؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: جاء الخطاب في القرآن الكريم لكل الناس على الإطلاق، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر، والذين آمنوا جميعا هم المخاطبون بقوله تبارك وتعالى:﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة:185). فأي مسلم هَلَّ عليه هلالُ رمضانَ وجب عليه أن يصومه، أي أن يصوم كل أيام رمضان دون انقطاع، إلا من عذر شرعي. وقول الله تعالى:﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ يعني من حضر في الشهر، أي هَلَّ عليه هلال رمضان وكان حاضرا مقيما في موطنه، غير مسافر، فليصم أيام ذلك الشهر كله، فالمعنى: مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ هلال الشهر فليصمه، على أنه مفعول به. كقولك: شهدت الجمعة أي صلاتها. وصوم رمضان فرض عين على كل مسلم بالغ، عاقل، ذكر، أو أنثى، مقيم، مستطيع. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: ما معنى قول النبي صلى اله عليه وسلم:[إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له]؟ إذا رأيتم هلال رمضان فصوموا، وإذا رأيتم هلال شوال فأفطروا فإذا تعذر عليكم رؤية هلال رمضان آخر شهر شعبان، فاقدروا له، أي: أتموا العدد لشهر شعبان حتى الثلاثين يوما، وفي رواية للبخاري [فإن غُبِّيَ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. فمعنى [فاقدروا له] {مَعْنَاهُ قَدِّرُوا لَهُ تَمَامَ الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا} (ش. النووي). والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل: {ومن هم الذين يقدرون له؟} وكأن السائل يقول هل كل مسلم، لا يصوم حتى يرى الهلال، وإذا لم يره وجب عليه أن يقدر له؟ والجواب: هو أن الخطاب للمسلمين كافة، والمقصود من يمثل المسلمين وهم ولاة الأمر، من هيئة العلماء المسؤولين عن الفتوى، ويكفي المسلمين العمل بما يعلنه المفتي العام، تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. فإذا أعلن أولوا الأمر عن طريق المفتي العام عن رؤية هلال رمضان وجب على كل المسلمين الصيام، وإذا أُعلن عن رؤية هلال شوال أفطروا. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: كيف تثبت الرؤية: أن يراه جماعة كثيرة وإن لم يكونوا عدولاً، ولكنهم من الذين يعرفون في العادة أنهم ثقة ولا يتهمون بالكذب. أو يراه رجلان عَدْلان: فيثبت بهما الصوم والفطر في حالة الغيم أو الصحو. وإذا رئي الهلال من العشي فمعناه أن الشهر من اليوم الثاني، ومن أبصر هلال الصوم وحده عليه أن يصوم، ومن أبصر هلال شوال وحده لا يفطر.. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
سادسا: قال السائل: (وهل إذا أعلن عن رؤية الهلال في بلد، وجب على كل البلدان الإسلامية الصوم؟) نعم، هذا هو الأصل، أنه إذا رؤي في بلد وأعلن عنه رسميا، يفترض أن تصوم كل الشعوب الإسلامية. ولكن لَمَّا صار كل قطر له دولة وإمام، وهيئة فتوى خاصة به، جاز لكل بلد رؤيته، إن لم يُرَ في بلد فلا يصومون برؤية البلد الذي رؤي فيه، وفتوى لكل بلد رؤيته صحيحة، إلا أن الأصل أن تصوم الأمة كلها برؤية واحدة، خصوصا البلدان المتقاربة، كالبلدان العربية مثلا. قال ابن رشد:{وإذا قلنا: إن الرؤية تثبت بالخبر في حق من لم يره، فهل يتعدى ذلك من بلد إلى بلد؟ – أعني: هل يجب على أهل بلد ما إذا لم يروه أن يأخذوا في ذلك برؤية بلد آخر أم لكل بلد رؤية؟ – فيه خلاف، فأما مالك فإن ابن القاسم والمصريين رووا عنه أنه إذا ثبت عند أهل بلد أن أهل بلد آخر رأوا الهلال أن عليهم قضاء ذلك اليوم الذي أفطروه وصامه غيرهم، وبه قال الشافعي وأحمد. وروى المدنيون عن مالك أن الرؤية لا تلزم بالخبر عند غير أهل البلد الذي وقعت فيه الرؤية، إلا أن يكون الإمام يحمل الناس على ذلك، وبه قال ابن الماجشون والمغيرة من أصحاب مالك، وأجمعوا أنه لا يراعى ذلك في البلدان النائية كالأندلس والحجاز}(بداية المجتهد:2/50). والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.