شعاع الأمل، في عام العمل/د. عبد الرزاق قسوم
[contact-form][contact-field label=”الاسم” type=”name” required=”true” /][contact-field label=”البريد الإلكتروني” type=”email” required=”true” /][contact-field label=”الموقع” type=”url” /][contact-field label=”رسالة” type=”textarea” /][/contact-form] [contact-form][contact-field label=”الاسم” type=”name” required=”true” /][contact-field label=”البريد الإلكتروني” type=”email” required=”true” /][contact-field label=”الموقع” type=”url” /][contact-field label=”رسالة” type=”textarea” /][/contact-form] [contact-form][contact-field label=”الاسم” type=”name” required=”true” /][contact-field label=”البريد الإلكتروني” type=”email” required=”true” /][contact-field label=”الموقع” type=”url” /][contact-field label=”رسالة” type=”textarea” /][/contact-form]
من وحي نسمات العام الجديد الفتية الندية، ومن أشعة شمسه الدافئة الشجيّة.
من وحي هذه النسمات، ومن أشعة هذه الشموس، أصوغ إليكم تحية الوفاء، وأطيب مشاعر الإخاء، في هذا اللقاء، الذي يطبعه التعاون، والبناء، والنماء.
سلام عليكم، في رحاب جمعيتكم أم الجمعيات، هذه الخيمة التي نستظل جميعا بظلالها، يحدونا الأمل، وحب العمل، للمساهمة في النهوض بوطننا، لتجاوز كل الأزمات، وأهمها أزمة القيم، كي نتبوأ المكانة اللائقة بين الأمم.
ها نحن يا إخوتي في لقائنا الاعتيادي، بعد انقضاء سنة على اجتماع مجلسنا الوطني، وهي سنة كانت مليئة في معظم أيامها بالآلام، والدماء، والدموع.
لذلك نقول في وداع هذا العام، ما قالته الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان:
انتهينا منه شيعناه لم نأسف عليه
ففي هذا العام ودعنا إخوة أعزاء، كانوا في اللقاء الماضي معنا.
فقدنا أخانا العزيز الزبير طوالبي الثعالبي، الذي خلا الميدان بفقده، ولا نزال نعاني أثر هذا الفقد.
ومن قبله فقدنا أخا عزيزاً آخر، هو محمد الشريف قاهر، هذا العالم العامل بعلمه، والذي كان علامة مضيئة في سماء ثقافتنا العربية الإسلامية.
كما فقدنا، أخونا الصالح المصلح، المجاهد محمد العربي دماغ العتروس، الذي جمع بين الثقافة، والدبلوماسية، وبين الأخلاق والوطنية.
ومنذ أسابيع قليلة، ودعنا العالم الرباني، مهندس الملتقيات، وصاحب المسلمات عبد الوهاب حمودة، الذي بكاه الجامع والجامعة، بقلوب خاشعة، وعيون دامعة.
ساكني الأحداث أنتم مثلنا بالأمس كنتم
هذه هي الحياة –إذن- دمعة وابتسامة، على أن هذه الأحداث المؤلمة، ما كانت لتفت من عضدنا، ولا لتثنينا عن عزمنا.
فقد واكبت جمعيتكم، على جميع المستويات، وفي كل أنحاء الوطن، سلسلة من الأنشطة، تمثلت في انطلاق المعاهد والمؤسسات، وفي عقد الندوات والملتقيات، وكل ذلك بحزم وعزم شُعبنا في مختلف الولايات. كما لا ننسى أن نحيّي المحسنين من أبناء شعبنا، الذين وثقوا في نزاهة ونبل رسالة جمعية العلماء، فقدموا لنا الهبات، بالتنازل عن الأراضي والبنايات، وتقديم المساعدات، إذ لولا مساعدات المحسنين، ما استطاعت الجمعية أن تقوم بواجبها أحسن قيام.
وقد تجلى هذا في المزيد من فتح المؤسسات التعليمية، والقيام بالواجبات العلمية والإعلامية، وستلاحظون سلسلة الإنجازات من حسن أداء أسبوعية “البصائر”، وتوزيعها على مستوى شُعب الولايات، وكذلك مجلة الشاب المسلم الناطقة بالفرنسية التي تحسنت أداء ومضمونا وتوزيعا. هذا إلى جانب مجلة التبيان، هذه المجلة الشيقة الأنيقة المتنوعة الألوان والمواضيع، وهي الآن تستعد لإصدار العدد الخامس، وفي كل عدد تزداد تألقاً وتأنقاً.
وأخيرا، ها هي ذي المجلة الأكاديمية العلمية المحكمة، مجلة المقدمة، التي تتجه إلى الأساتذة، والباحثين، والطلبة الجامعيين ببحوث دسمة، وستكون لها مكانتها في المكتبات الجامعية. ولا ننسى الموقع الإعلامي الذي فتحته الجمعية، والذي ما فتئ يستقطب المعجبين والمعجبات، ويطل على الجميع بما تزخر به الجمعية من إنجازات.
إن هذه المكاسب كلها، ما كانت لتتحقق لولا تضحيات جسيمة، وجهود عظيمة من النخبة العلمية الإعلامية في جمعية العلماء، وهو دليل عملي، نقدمه لندلل به على أن أبناء وبنات جمعية العلماء، يعملون أكثر مما يقولون.
وحتى عندما نقول، فإننا نؤكد على الدفاع عن ثوابت الأمة.
وشهد العام الماضي، مواقف مشهودة، وقفتها الجمعية، تميزت هذه المواقف بالتصدي للعدوان على عقول فلذات أكبادنا، بدء بمحاولة إلغاء العربية الفصحى وإبدالها بالعامية، وبمحاولة تقزيم مواد الثوابت الوطنية ومعاملها، لغة، وتاريخا، وتربية إسلامية، وانتهاء بحذف البسملة من المناهج التربوية.
ويشهد الله، أننا ما وهنا، وما ضعفنا، وما استكنا، دفاعا عن هوية وطننا، وأصالة شعبنا، وكان البقاء في النهاية للأصلح.
وما كانت هذه المواقف، لتثنينا عن مواكبة الحياة الوطنية العامة، فقد تميزت مقالاتنا بالتصدي، للفساد المالي، والفساد الأخلاقي، في محاولة منا لتوعية الجميع، بوجوب إصلاح الذمة والعناية بثوابت الأمّة.
هذا إذن على الصعيد الوطني المحلي، وما كان ذلك ليجعلنا نتقوقع على أنفسنا، بل إننا كنا في طليعة من اهتم بالشأن القومي، والشأن الإسلامي.
فقد كنا من أوائل من احتضن القضية الفلسطينية ماديا ومعنويا، وسيرنا القوافل تباعا إلى غزة، والمساعدات إلى القدس، وقد تابعتم جميعاً، المعاناة القاسية التي عاناها إخوانكم في لجنة الإغاثة، والوفد الذي كان مرابطاً في مصر الشقيقة، لإدخال المساعدات إلى غزة، والتي باءت كلها بالفشل، لأسباب عديدة، مما جعلنا نوجه تلك الحاويات المحمّلة بالمساعدات إلى إخواننا المسلمين اللاجئين الروهينغا، ضحايا القمع البوذي في بنغلاديش.
كانت قضية فلسطين إذن، وقضية القدس وغزة، في مقدمة اهتمام شعبنا بقيادة جمعية العلماء، ولا تزال حملة من المساعدات وحشد الوعي لقضية القدس متواصلة، إيماناً منا بأن قضية القدس وفلسطين هي قضية الجميع.
ونحن نؤمن بأن قضية القدس، وفلسطين بوجه عام، هي بالدرجة الأولى قضية الشعب الفلسطيني، الذي يقدم في كل يوم، وفي كل لحظة المزيد من الشهداء، وما قضية عهد التميمي، البطلة الشابة، التي قدمت للعالَم أروع الأمثلة في الصمود والفداء، إلا مثالا على ذلك.
وكذلك قضية الشهيد ابن غزة إبراهيم أبو ثريا، الذي بترت ساقاه في العدوان الصهيوني على غزة، إن هذا البطل قد هزم الإعاقة البدنية، عندما تقدم إلى الخطوط الأولى، خطوط التّماس مع العدو الصهيوني، تقدم الصفوف دفاعا عن القدس، فكان الاستشهاد حليفه على يد الصهاينة.
إن شعباً فيه هذا النموذج الفذ من الفدائيين والفدائيات، لا يمكنه أن يُغلب أبداً، فذلك وعد الله، ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات/173]، على أننا نعود فنؤكد أيضاً، أنه ما كان للصهاينة الجبناء أن يتغطرسوا لولا الضعف والهوان الذي أصاب أمتنا بتقاتلها وتخاذلها.
أمة قذفت في ساعدها بغضها الأهل وحب الغرباء
وإن ما يحدث في اليمن وفي سوريا وفي العراق وفي مصر وفي ليبيا، لأسوأ مثال على ما تعانيه أمتنا من بأس على أيدي أبنائها.
ولذلك فإننا من هذا اللقاء، لقاء الصفاء، والإخاء، نتوجه بصادق النداء إلى القادة الأشقاء، وإلى الإخوة العلماء، أن اتقوا الله في دين الأمة، وفي علماء الأمة، وفي مال الأمة، وفي ذمة الأمة.
نقول للجميع، كفى دماء، كفى دموعا، كفى تنابزا، وشتاتا، ﴿َاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال/1].
ونعود إلى داخل صفوفنا في جمعية العلماء المسلمين الجزائلاريين، ونقول لأبناء وبنات الجمعية، إن هذه المكاسب الوطنية والإسلامية التي حققتها جمعيتكم، لا يجب أن تنسينا جوانب الضعف فينا.
فلا يزال الجهد المبذول في حاجة إلى تقوية وتعزيز، ولا يزال الانضباط في حاجة إلى تنظيم وتعميم.
إننا نملك رصيداً هاماً، لدى شُعبنا، وإننا كفيلون بتحقيق المزيد من المكاسب إذا وحّدنا الجهود، ونظمنا الخطى، وسددنا الهدف، ونظمنا الصفوف، وإن هذا المجلس الذي يضم خيرة أبناء الوطن، لكفيل بأن ينكب على أهم القضايا، ليصل إلى النتيجة الكفيلة لتبوئ جمعيتنا ما تصبوا إليه، وما يعلقه عليها شَعبنا من آمال.
يجب أن تتحلوا بالشجاعة في النقد والتحليل والإصلاح، وأني لعلى يقين من أنكم سوف تصلون، بفضل ذلك إلى الهدف الأسمى.
﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة/105].
سدد الله خطاكم، وحقق مبتغاكم، وعين الله تكلؤكم وترعاكم.