المرأة و الأسرة

من المسؤول عن تردي النتائج الدراسية ؟؟؟/ أمال السائحي

صدقا، عندما نرى بأم أعيننا الوالدين وهم يركضون كل صباح، قبل ذهابهم إلى عملهم، ليقفوا عند باب الروضة، وباب الابتدائية، وباب المتوسطة، والثانوي، حيت يودعون فلذات أكبادهم، في مدارسهم متمنين لهم كل التوفيق والنجاح مع أساتذتهم، وكذلك عند استلامهم من المدرسة ،ليعودوا كذلك إلى المدرسة ولكن المدرسة الموازية، التي تقدم لهم الدروس الخصوصية، التي أنهكت الوالدين جسديا وماديا، وبعد العودة إلى البيت لا بد من المراجعة المستمرة، وهكذا تظل هذه العجلة تدور على هذا النحو إلى أن تأتي الامتحانات لتفرز عن نتائجها  على غير ما كان يتمناها المتمدرس وعائلته، نتائج صادمة بل كارثية، بحيث دفعت بعضهم إلى وضع حد لحياته خوفا من رد فعل أولياء أمره، والذي سيكون بلا شك  بالتعنيف، والضرب، والعقاب المؤلم..

وهذه نقابة مجلس ثانويات الجزائر أكدت هذا التدني في مستوى التلاميذ في أغلب المواد التعليمية والشعب خلال الفصل الأول وذلك في بيان لها، جاء فيه أن “النتائج كانت ضعيفة في أقسام السنتين الأولى والثالثة ثانوي وخاصة في مادتي الفرنسية والرياضيات تليهما مادة اللغة العربية”.

وقد أرجعت النقابة ضعف هذه النتائج إلى ظاهرة الاكتظاظ التي تشهدها مختلف الأقسام في المدارس والثانويات الجزائرية، وهو ما ينعكس سلبًا على قدرة التلاميذ على الاستيعاب، وإمكانية المعلم أو الأستاذ على إيصال المعلومة لجميع تلاميذ القسم، فضلاً عن كثافة البرامج، وغياب أساتذة لبعض المواد التعليمية، ناهيك عن الظروف الاجتماعية والصحية المزرية، التي يزاول فيها التلاميذ دروسهم، بمنشآت مدرسية تفتقر للتهيئة غالبًا.

وهناك أسئلة كثيرة يطرحها أولياء التلاميذ، الذين يرون أنفسهم هم الضحية من الناحية النفسية والبدنية والمادية، فأين الخلل؟ وما هو سببه؟

إن الأولياء يرون أن تردي مردود التمدرس على كافة المستويات يرجع إلى الأسباب الآتية:

1 – طبيعة المنهجية المتبعة التي تفرضها وزارة التعليم والتربية على المعلمين.

2ـــ الاكتظاظ الذي يضطر المدرسين إلى اعتماد طريقة التلقين والحشو في الدروس.

3– افتقار الأستاذ إلى التكوين البيداغوجي، يحول بينه وبين إيصال المعلومة إلى تلامذته، حيث أنه تخرج من الجامعة لا من مؤسسة تربوية كالمعهد التكنولوجي أو المدرسة العليا للأساتذة، ودخل إلى سلك التعليم بدون أي تكوين يؤهله لهذا المنصب الحساس جدا، وهو منصب التربية والتعليم، الذي هو في حقيقته العمود الفقري للبلاد والعباد.

4 – اختلاف قدرات التلميذ، إذ يوجد من هو ذكي، ويوجد المتوسط ذكاء، ويوجد من هو أدنى، وهذا ما يضطر بعضهم إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية، لأن المدرسة العمومية لا يهتم فيها المدرسون بالتعامل مع الصعوبات التي تتولد عنها.

5 – تأثير العامل التكنولوجي، فالتلاميذ في المتوسطات والثانويات، يصطحبون تلك الهواتف الذكية التي لا تفارقهم حتى في نومهم، وينشغلون بها عن متابعة الدرس، فالأستاذ لا يستطيع أن يحرس 45 تلميذا أو 50 تلميذا في الصف الواحد، ناهيك عن الذين يأتون للمشاغبة واللعب، وتضييع الوقت أصلا…

لذا إذا أرادت المدرسة أن تجد طريقها للنجاح، وتحسين المردود المدرسي، فلا بد أن تعيد النظر في تكوين الإطار التربوي، وأن تعالج مشكلة الاكتظاظ، وأن تأخذ بعين الاعتبار تفاوت قدرات التلاميذ، وعلى الأولياء إن كانوا حريصين على تحسن نتائج أبنائهم، عدم الانصياع لفلذات أكبادهم بهذه المغريات من هواتف ذكية وحواسيب …الخ، حتى لا ينشغلوا بها عن التركيز على الدرس، وعلى إدارة المدرسة أن تفرض شروطها في هيئة التلميذ التي يأتي بها إلى المدرسة ولزوم انضباطه فيها إلى حين موعد خروجه منها، وعلى الوزارة أن تعيد النظر في المنظومة التربوية، واقتراح طرق تدريس حديثة غير تقليدية، وأن تسهر على التخفيف من المنهاج، حتى يتسنى للأستاذ اعتماد الطرق الحوارية بدل الطرق التلقينية  التي يضطر الأستاذ إلى اللجوء إليها تجاوزا لكثافة المنهاج.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com