موقــــف و خـــاطـــــرة

الشَّـــــــاذّ يُحفـــــظ ولا يُقاس عليــــــــه

الشيخ نــور الدين رزيق /

 

في 8 مارس من كل سنة تخرج أقلام وتشحذ تصريحا وتلميحا في مهاجمة نصوص الشريعة الإسلامية وبخاصة الأحاديث النبوية الصحيحة كونها تنتقص من مكانة المرأة وحق المساواة مع الرجل.
أو لا يعلم هؤلاء أنه لما جاءت رسالة الإسلام وجدت وضعا خاصا تعيشه المرأة حيث البنت تدفن حية إذ وجودها مذمةٌ للأب ومعرةٌ على الأسرة وقيل في شأنها: ومن غاية المجد والبركات… بقاء البنين وموت البنات، دون الحديث عن حق التملك وما إلى ذلك، أما طلب العلم وتعليمها فأنشدوا الآتي: ما للنساء وللكتابة والعمالة والخطابة، هذا لنا ولهن منا أن يبتن على جنابه.
من هذه النصوص المقصودة والمرفوضة عندهم ما رواه البخاري (4425 ) والنسائي في سنن(8/227):عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ 🙁 لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ. قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً)، وبوب عليه النسائي بقوله: «النهي عن استعمال النساء في الحكم»
يحتج البعض ممن يَرد هذا الحديث أن الله عز وجل ذكر فى كتابه «قصة بلقيس» ملكة سبأ، وذكر من حسن سياستها وتدبيرها مملكتها، ونظرها فى عواقب الأمور، وحسن تلقيها كتاب سليمان عليه السلام، واستشارتها أهل الحل والعقد من قومها مع ردهم الأمر إليها، ورجاحة رأيها وعقلها.
والواقع يشهد خلاف ما جاء في هذا الأثر فها هي مارغريت هيلدا تاتشر ‏ كانت رئيسة وزراء المملكة المتحدة (1979 – 1990)، وزعيمة حزب المحافظين للفترة من 1975 إلى 1990، وهي أول امرأة تولت رئاسة وزراء المملكة المتحدة وفترة حكمها في بلدها هي الأطول خلال القرن العشرين، وقد لازمها لقب «المرأة الحديدية» الذي عرفت به وتعد من أهم الشخصيات المؤثرة.
ثم ها هي أنديرا غاندي، سياسية هندية، المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئيس وزراء الهند ولحد الآن وقد شغلته ثلاث فترات متتالية (1966-1977) والفترة الرابعة (1984-1980)، وقد كانت رئيسة حزب المؤتمر الوطني الهندي والشخصية المحورية فيه.
إن هذه الحالات والعينات محدودة ولا تتعدى أصابع اليد الواحدة منذ زمن آدم عليه السلام إلى يوم الناس هذا، ولا يكون القياس على النّدرة والقلّة، هذا يعدّ شاذا فيُحفظ ولا يُقاس عليه ولا يعمم ليكون حكما.
ثم إنه ليس في هذا الحديث انتقاص لقدرات المرأة القيادية في الإسلام، ولكنه توجيه لقدراتها التوجيه الصحيح المناسب، حفاظاً عليها من الهدر والضياع في أمر لا يلائم طبيعة المرأة النفسية والبدنية والشخصية، ولا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية الأخرى، التي حفظت المرأة من الفساد والإفساد.
والحديث كما قال الدكتور يوسف القرضاوي تلقاه علماء المسلمين في سائر الأعصار بالقبول وبنوا عليه حكمهم بأن المرأة لا تلي على الرجال ولاية عامة.
جاء في الأثر «أُمرنا أن ننزل الناس منازلهم» هذا أدَبٌ وتربيةٌ قويمةٌ، وفيها الحَضُّ على مُراعاةِ مَقاديرِ الناسِ، ومَراتبِهم، ومناصبِهم، فيُعامَلُ كلُّ واحدٍ منهم بما يَلِيقُ بحالِه، وبما يُلائمُ مَنصِبَه في الدِّينِ، والعلمِ، والشَّرَفِ، والمرتبةِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى قد رتَّبَ عبيدَه وخَلْقَه، وأعطى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com