إلى المرأة الإنسان.. رمز التثبيت والاحتـــــواء والاهتمام والحنان..

مداني حديبي/
كان يفزع إليها أعظم إنسان .. نبوة وعصمة وأخلاقا.. صلى الله عليه وسلم ولا يفزع لسواها في المواقف العظيمة.. والذي كان ديدنه أنه إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة..
جاءها يرتعد قلقا وخوفا .. زملوني زملوني .. فغمرته حبا وسكينة وطمأنينة: كلا، لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الدهر.
وحينما اختفى في الغار مع صاحبه كانت تصعد ذاك الجبل الشاهق وهي المرأة الحامل في شهرها الثامن تحمل له الزاد والابتسامة والأمان.
وحينما غضب الصحابة في الحديبية و بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون.. ذهب إليها حزينا حائرا.. فاحتوته تلك الحصيفة العظيمة ودلته على الرأي السديد الرشيد وقالت له: اخرج ولا تكلم أحدا واذبح هديك وحلق شعرك.. فكانت الخطة العملية الهادئة المؤثرة التي انقذت ذلك الجيل الفريد.
وحينما فر الأبطال والشجعان.. إذ تصعدون ولا تلوون على أحد.. في معركة أحد.. كان لا يلتفت يمينا ولا شمالا إلا وجدها تقاتل دونه وتحميه بنفسها ودمها وكلها.. كانت تتقدم الصفوف حينما يتوارى الرجال وتنهار الهمم..
ها هي ميسون الدمشقية تجمع نساء حيها وتأمرهن بحلق شعورهن وتهديهن إلى خطيب الجمعة سبط ابن الجوزي ليصوغ من تلك الشعور مشاعر الشجاعة والتحدي والحسم..
وظلت هي هي في كل عصر وجيل تصوغ الأبطال وتصنع القدوات وترضع بحليبها الطاهر: العلماء والفقهاء وقادة الفتوح والربانيين والمرشدين والأولياء والمبدعين والمتميزين .. بل صارت تتصدر المجالس وتتفوق في شتى الفنون والعلوم .. بذكائها المتوقد وحضورها القوي الصادق.
إلى المرأة الإنسان التي كل أيامها أعياد ونظلمها حينما نختصرها في نصف يوم .. إليها كل آيات الحب والاحترام والتقدير والدعاء.