قضايا و آراء

وأتبع السيئة الحسنة تمحها

مداني حديبي/

جاءني هذا السؤال من أستاذة فاضلة:
هل عندما أذنب ذنبا مع نفسي، ثم أريد أن أنشر أمرا مفيدا، تأتيني وسوسة.. هذا رياء، ..
كيف تقوم وحدك بذنب ثم تدعي أنك ملاك أمام الملأ..
والنية أنني أحاول نشر الإيجابية كي أنهض بنفسي ومن حولي..؟
….
يظن البعض أنه لابد أن يصل إلى مرحلة من الصفاء والنقاء والارتقاء بحيث لا يرتكب ذنبا، حينها يحق له أن يدعو وينصح ويصلح، أما قبلها فيعتبر رياء ونفاقا وتناقضا..
وكأن نظرية الأئمة المعصومين والأولياء المنتجبين قد ترسخت في اللاوعي الجمعي..في حين أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم لم يدعو يوما أنهم وصلوا إلى مرحلة العصمة..(نكون عند رسول الله يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عنده، عافسنا الأزواج والضيعات ونسينا كثيرا)…بل الحديث النبوي الشريف واضح وصريح: كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
..لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم…
وكان أحد الربانيين يطوف حول الكعبة ويدعو الله بإلحاح قائلا: اللهم ارزقني العصمة من الذنوب… اللهم ارزقني العصمة…اللهم ارزقني العصمة…فنام تلك الليلة فسمع هاتفا يقول له: إن رزقناك العصمة .. فعلى من نتوب وعلى من نجود؟!.. وكيف يظهر اسم الله: التواب والغفور..؟!
فما دام الإنسان لا يصر ولا يجاهر، ويلازم الاستغفار.. فعليه أن ينصح ويصلح ويتحرك بهذا الدين.. ولو انتظر مرحلة النفس المطمئنة الراضية المرضية فسيصلها بعد أن يشتعل رأسه شيبا وتضعف حيويته وتتآكل همته.. حينها من ينصح ويدعو ويصلح..؟!..
لهذا يأتيك الشيطان وهو يلبس ثوب الناصح الحكيم ليعطلك عن الدعوة والإيجابية ويقول لك: ألست صاحب ذنب كذا وكذا… ألا ترى أن ثيابك تفوح من رائحة الرياء..دعك من الادعاء والدعوة..اصلح نفسك أولا.. لكن الحكيم المتبصر سيراغمه حالا ومقالا.. وذلك بأن يجمع بين التوبة والاستغفار وبين النشاط والحيوية والاصرار.
لهذا ينبغي أن نتبع عثراتنا العابسات بحسنات باسمات من عمل خيري ونشاط دعوي وعمل إصلاحي ولا نتوقف أبدا لنسمع وسوسات الشيطان وتلبيسات النفس ومكر الحاسدين.
{قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com