الإسلام والغرب

علماء وهيئات تطالب السويــــد بحلول عاجـــلة لما يروج عن خطف للأطفال ‎‎

أ. محمد مصطفى حابس جنيف/سويسرا/

 

ذكرنا في مقال الأسبوع الماضي، ما يجري من مآس لأطفال المسلمين في السويد، وحملة «أوقفوا خطف أطفالنا»، تنديداً بظاهرة «خطف الأطفال من أسرهم»، التي تمارسها مصالح الشؤون الاجتماعية السويدية بحق اللاجئين العرب والمسلمين خصوصا، كما اجتمع المجلس السويدي للأئمة في لقاء لمناقشة الوضع الراهن بالسويد الدور الذي يستطيع أن يقوم به في ظل الأحداث الجارية حالياً، وما هي الحلول العملية المقترحة، كما دعت من جهتها «رابطة علماء المغرب العربي» الى تنظيم ندوة علمية دولية لمعالجة القضية، بعنوان: «أطفال المسلمين في الغرب، المخاطر والحلول- السويد نموذجا-»، وفق محاور منها ، واقع المسلمين في السويد – مشكلة «السوسيال» وعلاقته بأطفال المسلمين – الحكم الشرعي لتسليم أطفال المسلمين لأسر غير مسلمة – والواجب على الأمة المسلمة وقادتها..

على مملكة السويد أن لا تبقى مكتوفة الأيدي لمعالجة الوضع
من جهة أخرى لاحظ مراقبون من الجالية أن السويد وبالرغم من كونها دولة حريات وديمقراطية، لا زال الوضع تشوبه مخاوف كثيرة وكبيرة منتشرة بين أعضاء الإتحادات الإسلامية المكونة للتواجد الإسلامي في السويد وبين المسلمين هناك، حول قضية الرعاية القسرية للأطفال وقوانين رعايتهم ، وأوجه التمييز العنصري في تطبيقاتها من قِبل هيئة الشؤون الاجتماعية (المعروفة بالسوسيال). إذ أصدر مجلس التعاون الإسلامي (اي اس ار) المتكون من 6 هيئات إسلامية، بيانا بتاريخ 21 فيفري مبينا فيه أنه «يتابع عن كثب التظاهرات وقوائم أسماء العائلات المتضررة كما تُجمع البيانات التي تُنشر على منصات التواصل الاجتماعي ودعوات التغيير والصرخات التي تبحث عمّن يستمع لها ويستوعبها». مبينين أن المجلس شكل لجنة عمل يوم 3 فبراير 2022، لمتابعة الموضوع والسعي للحوار مع الجهات الرسمية المختصّة، موضحا أن لقاءات ومحادثات مختلفة عقدت مع عدد من المؤسسات والجهات المهتمّة بهذه القضية.. كما أبدى قلقه بالطبع من دور الشائعات والمعلومات المغلوطة في التشويش على المسألة الجوهرية وتعطيل الحراك حولها، بقوله «هناك مزاعم بأن النظام السويدي نظام فاسدٌ بأكمله، وأنّ السويد دولة فاشية، وأنّ المسلمين في السويد يتعرضون لحملة وجودية تنتزع منهم أطفالهم وتسلب منهم دينهم. كل هذه المزاعم غير صحيحة، بل وخطيرة!»، على حد تعبير البيان. مؤكّدين من جهة أخرى «أنّه ليس من المفيد أن يتم تجاهل هذا القلق واعتباره جزءًا من الحملات المُضلّلة أو نتيجة لها. كما أنه ليس من المفيد وصم جميع الأصوات التي تُثير موضوع التمييز العنصري في هيئة الشؤون الاجتماعية بالتطرف» !
مطالبين بتشجيع جميع الأطراف وحثّهم على التفكير بالحلول طويلة المدى وأن تعمل على تعزيزها وتفعيلها، رغم آنية الأزمة، مختتمين بيانهم بتساؤلات، منها قولهم «هل هناك أخطاء نظرية في مراحل سحب الأطفال حسب قانون رعاية الأطفال والشباب؟ هل هناك أخطاء في التطبيقات العملية؟ أم أنّ هنالك أخطاء في كلّ ذلك؟ أو ربما هناك أخطاء أخرى تماماً غير ما تمّ ذكره؟ ما هي إذن؟»، وأختتم البيان، جازما بقوله : «من خلال الإجابة على هذه الأسئلة بشكل موضوعي و صريح بين الاطراف نقترب بإذن الله من حلّ مستدام يضمن عدم تضرر الأطفال، لا من التمييز العنصري لدى هيئة الشؤون الاجتماعية ولا من العائلة نفسها»..
نداء العلماء وأصحاب الاختصاص بخصوص الممارسات المؤسفة من الجهتين ..
من جهة أخرى وجهت كوكبة من العلماء والمفكرين والدعاة والإعلاميين والمختصين في مجال التربية والصحة النفسية نهار اليوم باللغات الثلاث (سويدية – عربية – وانكليزية)، رسالة عاجلة ومتاحة للتوقيع لجميع الراغبين في أوروبا في المشاركة في هذه المطالب العادلة بخصوص الممارسات المؤسفة التي تقوم بها دائرة الشؤون الاجتماعية في السويد من عزل للأطفال عن أسرهم في السويد عموما والجاليات المهاجرة خصوصاً:
– متأسفين، أن تلجأ السلطات السويدية، إلى التعامي عن الحقائق ومحاولة تشويه اليقظة الإعلامية والاجتماعية تجاه هذه القضية، واللجوء إلى ترهيب الحراك المطالِب بمطالبات عادلة في الداخل السويدي. وعليه، فإنهم يدعونها إلى التحلي بالتوازن واستماع صوت العقل، وتجنب التعصب والاستبداد
– مبينين حرصهم على حق الأطفال من كل الأديان في نشأة سويةٍ عقلياً وخُلُقياً وصحياً ونفسياً وعاطفياً. وأي ممارسة بخلاف ذلك يقوم بها والدا الطفل أو غيرهما فهي مرفوضة وآثمة وعلى المجتمع التعاون لحلها أو ردعها.
شارحين أن ما تقوم به دائرة الشؤون الاجتماعية بحق الأطفال المسلمين وعائلاتهم يحقق عكس هذه المقاصد في كثير من الأحيان. فهي تعاقب الآباء على تعليمهم أطفالهم تعاليم لا يمكن فصلها عن معتقداتهم الدينية والثقافية التي يكفلها الدستور، وتَعْتَبِر هذه التعاليم جرائم تستوجب نزع الأطفال من آبائهم وتعريضهم لحياة اليُتم والتشريد في المراكز، أو لإعطائهم لعوائل قد تغير دينهم وأخلاقهم.
– موضحين أن هدف الحملة ليس إثارة العداوات بين الشعوب كما تزعم بعض وسائل الإعلام السويدية، وإنما حماية حق الأطفال في العيش في ظل والديهم وأسرهم خصوصاً في السويد، البلد الذي يرفع شعار حقوق الإنسان، لا سيما وأن كثيراً من العوائل العربية قد هربت من الاضطهاد في بلادها لتتمتع ببعض الحقوق والحريات في السويد.
– متسائلين، ماذا يتوقع المجتمع من أطفال انتُزعوا من أحضان آبائهم وأمهاتهم وهم يصرخون؟! وماذا يتوقع من آباء وأمهات يُنتزع منهم أبناؤهم لأتفه الأسباب، ثم يعرف أحدهم أن ابنه افترسه الكلب لدى «العائلة البديلة» أو اغتصبها «الأب البديل» عشرات المرات؟! إن هذه الممارسات تفكك المجتمعات وتنشئ أجيالاً من الناقمين، لا قدر الله.
المطالبة بإجراءات عاجلة منها على الخصوص
1- التدخل بشكل عاجل لوقف السياسة المتبعة حالياً والتي تؤدي إلى سحب بعض الأطفال من أسرهم، وإعادةُ الأطفال الذين تم سحبهم من عائلاتهم..
2- تشكيل لجانٍ من المجتمع السويدي بمن في ذلك شخصيات من الجاليات بحيث تقوم بدور الوساطة بين الجهات المسؤولة والأُسَر، قصد تحسين الأوضاع العائلات المخالفة وتثقيفها تربوياً ومتابعتها بدلاً من اللجوء إلى سحب الأبناء من آبائهم.
3- وقف تدخل مصالح «الشؤون الاجتماعية» فيما تعلمه الأُسَر لأبنائها من قيم ودين وأخلاق مما لا يتعارض مع الأمن المجتمعي، وتعديل القوانين التي تعطي للـ «سوسيال» صلاحيات موسعة غير منضبطة..
4- مطالبة الجالية المسلمة بأن يلتزم كل فرد من أفراد الأسرة بما أمرهم به دينهم من التعامل بالعدل والرحمة مع الأزواج والآباء والأبناء، حتى لا تكون هناك ذريعة لتدخل خارجي. عملا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾، وبقول نبيه صلى الله عليه وسلم: «أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك».
5- السماح للجاليات بإنشاء مدارس ومراكز إيواء للأطفال الذين يستحيل بقاؤهم في أسرهم لأسباب مبررة وفق البنود السابقة، بحيث تشرف كل جالية على التعامل مع الأطفال بما لا يعارض والأمن المجتمعي.
مختتمين نداءهم هذا بدعوة السلطات السويدية إلى فتح صفحة جديدة قائمة على التفاهم والتعاون على الخير.
توقيع 142 شخصية من العالمين الإسلامي والغربي، يتقدمهم
– د. محمد راتب النابلسي داعية إسلامي ورئيس هيئة الإعجاز القرآني
– الشيخ العلامة محمد الحسن الددو رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، ومستشار جامعة قطر
– محمد الصغير الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
– د. محمد العوضي المشرف على مؤسسة ركاز لتعزيز الأخلاق، وعضو الهيئة العالمية للإعلام.
د. أمجد قورشة أكاديمي جامعي في مقارنة الأديان وإعلامي.
د. أحمد موفق زيدان كاتب وإعلامي سوري في قناة الجزيرة.
د. سامي عامري المشرف العلمي على مبادرة البحث العلمي لمقارنة الأديان.
د. ياسين العمري أستاذ تقنيات التواصل بجامعة الحسن الثاني بالمغرب.
د. محمد المختار الشنقيطي أستاذ الشؤون الدولية والأخلاق السياسية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com