قضايا و آراء

إذا تصدر الفتى فاته خير كثير..

مداني حديبي/

قديما قال الرافعي:
الأمم الصغيرة تخترع لها الألفاظ الكبيرة لتتلهى بها…
الألفاظ الكبيرة لها سحرها الخادع الذي يمنعك من تطوير ذاتك واستكمال النقص فيك وتحول بينك وبين تشوفك إلى سلبياتك لعلاجها.
ويُضرب للشباب أمثلة من نماذج فائقة..من أمثال أسامة بن زيد ومحمد الفاتح وصقر قريش .. ليقتدوا بهم.
لا ليتعجلوا برنامج تكوينهم العلمي الروحي المهاري المتدرج ويحرقوا المراحل ..فيكون ذلك على حساب أولويات النضوج الصادق..ذلك لأن الشاب إذا تصدر قبل أوانه، فاته خير كثير في بناء شخصيته على مكث…عقليا وروحيا ونفسيا..
والأفضل أن يجمع بين تكوين ذاته بتأن وهدوء واستكمال نقصه العلمي والروحي وبين قيادة غيره وتوجيهه..
كثير من الشباب تشوقهم النصوص الجذابة تدفعهم دفعا مبكرا إلى التصدر والقيادة والتوجيه قبل أن يكتمل نضجهم العلمي والفكري والروحي..خاصة فنون التنمية..التي تتعجل عبر دوراتها السريعة اللحظية منح بعض الشباب شهادات ساحرة في الإدارة والهندسة النفسية والتأثيرية خلال ساعات محدودة..ويظن الشاب أنه بمجرد حصوله على لقب ما، فقد اكتملت فيه كل معاني الخبرة الميدانية والجاذبية القيادية ..وبعد فترة يفطمه اللقب الفخم المهيب عن المطالعة والبحث والاجتهاد والمجاهدة والمكابدة والتطوير.
ويظن من يطالع هذه الكلمات أننا نريد من الشباب أن يتراجعوا عن طموحاتهم وتفجير طاقاتهم وابداعاتهم.
معاذ الله..إنما نريد لهم أن يهتموا باستكمال أي نقص علمي، أو روحي أو نفسي في البدايات حتى ينطلقوا على بصيرة.
وارتواء وامتلاء..ويستثمر سنوات الدراسة بالثانوية والجامعة في تطوير ذاته وصقلها كأولوية ضرورية وينجح في تخصصه ويتبحر فيه ويطالع مئات الكتب ويحضر عشرات الدورات الروحية والفكرية والنفسية..
من كان هذا شأنه ..كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى..تكون قيادته مباركة ناجحة متألقة نافعة دفاقة.
أما من يحترق في البدايات ليضيئ غيره ، فسرعان ما يفقد الزاد والرواء واللمعان وينطفئ كل شيء فيه.
لهذا جاء في الحديث النبوي: وشاب نشأ في عبادة الله..
أي أن بداياته ومنطلقاته ونشأته الأولى..محراب ومسجد وذكر وتعلم وتكوين..
لهذا لم يكن مخطئا ذاك الداعية الرباني حينما قال:
كونوا عبادا قبل أن تكونوا قادة، فستصل بكم العبادة إلى أفضل قيادة..و إياكم أن تعكسوا المسألة فتطلبوا القيادة قبل أن تسلم لكم ناحية العبادة، فتضطربوا و تترنحوا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com