الأسمــــاء والألقــــاب فــي الجــزائـــر الأسمـــاء فــي الجــزائــر الـمفــردة و الـمركبــة الحلقة الثالثة
أ. د. محمد عيلان */
أ ـــ الأسماء المفردة نوعان:
ـــ مرتجلة وهي قليلة جدا(19).
ـــ مشتقة وهي صيغ منقولة(20)، وكثيرة، أغلبها له نظير في العربية، وقد اقتصرتُ على الشائع منها دون إحصائها. وسيلاحظ القارئ الكريم أنني عند التمثيل أذكر صيغة من بعض الصيغ ولا أذكر جميع الصيغ، لأن ما سمعته وجمعت بعضا منه ميدانيا يستدعي مجلدات ضخمة.
وعامتنا في الجزائر كغيرهم من إخوانهم في البلاد العربية، يأتون باشتقاقات لغوية، وبصيغ محيِّرة إلى جانب الصيغ الشائعة في اللغة العربية، مما يدل على القدرة الفائقة في استغلال اللهجة المنحرفة عن العربية من جهة، ومرونتها وطواعيتها لهم من جهة أخرى، وهو أمر يستدعي النظر إلى هذه الظاهرة بشيء من العلمية؛ إثراء للغة العربية التي حفلت لهجاتها بفيض كبير من الصيغ والتراكيب والدلالات التي أهملت على مر الأيام في اللغة العربية الأم واحتفظت بها اللهجات.
الصيغ المتداولة في بناء الأسماء والألقاب:
1 ــ صيغة الفعل المضارع يسمى به مثل: يزيد، يسعد، يخلف، ولا يسمى الاَّ بصيغة الفعل المضارع دون غيره من الأفعال.
2 ــ صيغة اسم الفاعل مثل: كاتب، عادل، مالك، طالب، سالم، زاهر..
3 ــ صيغة اسم المفعول مثل: مسعود، محمود، مجذوب، معروف، منصور ..
4 ــ صيغة فَعَّال بفتح الفاء والعين المشددة، من صيغ المبالغة، تتحول من الدلالة على المبالغة ليتسمى بها الأشخاص بعيدا عن أن تكون صيغة للمبالغة مثل: غلَّاب، سقَّاي، شوَّاي، عَمَّار، خَمَّار.
5 ــ صيغة فَعِيل بفتح الفاء وكسر العين، وهي أيضا من صيغ المبالغة وتتحول من دلالتها على صفة ملازمة حقيقة أو ادِّعاء إلى اسم يسمى به الشخص، وتفقد دلالتها الأولى مثل: وسيم، بديع، نسيم، جميل، فقير، بخيل، حكيم.. وقد تكون الصيغة بمعنى اسم الفاعل إن كانت تطلق على الشخص غير المسمى بها فتكون صفة عارضة يوصف بها الشخص لإظهار عيب به ذمًّا له مثل: شحيح، بخيل ، قبيح ، خبيث.. أو مدحا مثل: كريم، شجيع (شجاع).. وقد يستبدلون صيغة فَعِيل (الصفة) بصيغة مِفْعَال بفتح الأول أو كسره أو ضمه مثل: مشحاح، مصفار، محمار، مشتاق، ولم أسمع في عامة الجزائر مبخال بمعنى كثير البخل.
6 ــ صيغة فَعُّولْ بفتح الفاء وتشديد العين المضمومة في أحمد: حمُّود . أحْمش: حموش .. وفي هذه الصيغة حُذف الحرف الأول من الاسم تخفيفا ليصبح اسما شائعا متداولا.
7 ــ صيغة أفعل وهي واردة بكثرة في الدلالة على الألوان، ولكنهم ينقلونها إلى التسمية بها، وذلك في مثل الصفات الخِلْقية والعاهات مثل: الأحمر، الأسود، الأشقر، الأبيض، وأحسن، وأجدع، وأقرع وأخرس. أعور وفي السلوك: أكرم أجود وأطوع. وقد تحذف الهمزة وتعوض بلام فيقال تسمية: لكرم، لجود لطوع، لَفْحَلْ (من الفحولة). ونقل في غيرها كالأحجام مثل: أطول، أعرض.
وقد تكون التسمية بالصفات المذكورة جاءت من كون العائلة أرادت أن تسمي المولود باسم أحد أفرادها أو أقاربها من ذوي المكانة الذين يحملون تلك العاهة أولهم شيء ما من صفاتها، والمسمى الثاني لا علاقة له لا بالعاهة ولا بصفاتها أو مظاهرها، وإنما القصد من التسمية هو الفأل والتبرك والأمل في أن يصبح في كبره يمارس وظائف ذلك الشخص المسمى به.
8 ــ صيغة فْعَايْلِيَّة: وهي صيغة لصفات نشأت أساسا للدلالة على الكثرة المستمرة التي يتصف بها الشخص فيقال في: عِمَارة (عْمَايْرِيَّة ) وفي عشير ( عشايرية ) وفي فهيم ( فهايمية ) وفي كريم (كرايمية). ومنه صيغة فْعَايْلي (نسبة) فيقولون في الفاسد: فسايدي.
وهكذا فالغالب أن هذه الصيغة تحريف لاسم المبالغة، لأن فَعَّال أدل على الصفة المؤقتة أكثر من دلالته على الصفة الدائمة، بعكس صيغة فعايلية؛ فهي أدل على الدوام والاستمرار. وهذه الصيغة في الأسماء لا توجد في عموم الجزائر وإنما نلحظ لها كثرة في منطقة تشتهر بها دون غيرها، هي منطقة الشمال الشرقي الجزائري «سوق أهراس» وما جاورها.
9 ــ صيغة فَعْلُولْ بفتح الفاء وسكون العين وضم اللام مثل: جَحْنُون، سعدون، حنون، شقرون، جمعون.. وقد تؤنث هذه الصيغة وتطلق على المذكر والمؤنث إلا أنها في المؤنث أكثر شيوعا، كما سنبين في مقال آخر عن أسماء النساء في الجزائر (إن شاء الله).
10 ــ صيغة فَعْلَان (صفة)، بفتح الفاء وسكون العين مثل: نعمان، قيطان، حفيان، عريان، كعوان، دعماش، وشواش، عرعار، شَحْماط. مزهار، مزيان. وقد تكون هذه صيغة من صيغ المثنى مثل: زيدان.
11 ــ صيغة فَعْلَات بفتح الفاء وسكون العين مثل: حركات سعدات ، جنات …
12 ــ صيغة فَعْلَال بفتح الفاء وسكون العين مثل: زروال، زرواط، خزواط، جلواح، شملال، شعلال، عرعار، وشواش، زهوان، وهذه الصيغة ليست من صيغ الفعل الثلاثي، بل هي من صيغ الفعل الماضي الرباعي: زرول ، زروط ، خزوط، جلوج، شعلل..)، وقد تكون صيغة أمازيغية محرفة خضعت للصيغة العربية بحكم العلاقات الاجتماعية اليومية بين المواطنين.
13 ــ صيغة فَعْلَة بفتح الفاء أو ضمها أحيانا وسكون العين، مثل جروة، عروة، نوة، عطوة، لهوة.. وهي من الصيغ التي تدل على المرَّة أو العدد دون ذكره إذ يُكْتفى بالصيغة فقط. مثل: جروة واحدة.
14 ــ صيغة فَاعِيلْ مثل طاجين، عزيل عبد القادر: بطل ثوري بدائرة بريكة ولاية باتنة..
15 ــ صيغة فَعَالِي بفتح الفاء والعين وكسر اللام مثل: عَوالي، صَواري، وقد تكسر الفاء في مثل تِكَاري دِيساري..
16 ــ صيغة فعلاوي، بفتح الفاء وسكون العين: وهي للنسبة مسمى بها، وفي هذه الصيغة يأتون بالمفرد ويزيدون في آخره ألفا وواوا ثم ياء النسبة فيقولون في: سعد سعداوي، وفي عسل عسلاوي، وفي أحمد حمداوي، وفي دخيل دخلاوي، وفي جبل جبلاوي.
وقد يرد الاسم منسوبا بصيغة أخرى وهي الصيغة العادية المتعارف عليها من إلحاق الياء بالاسم مباشرة مثل سعد يقولون: سعدي، دخيل دخلي، جبل جبلي.. وهناك صيغة أخرى يأتون بالاسم مفردا ويضيفون إليه الألف والنون ثم ياء النسبة مثل: براني، سمراني، وقد ورد هذا في اللهجات العربية. وبتأثير الثقافة التركية في الجزائر نجد العامة يستعيرون حرفي النسبة (الجيم والياء) لأضافتهما إلى الاسم بدلا من الياء، ولكن هذا لا يكون إلا حين التسمية بالحرفة مثل: قهواجي، زرناجي (عازف المزمار المنفرد أو مزمار المزود)، مكواجي، زَلابْجِي (بائع الزلابية)، قْراقْجي (بائع الخردة) أو هو ما يعرف بمصر (الروبا بيكيا/السلعة القديمة)، كلمة ذات أصل إيطالي Roba vecchia).
17 ــ صيغة فعلون بفتح الفاء وسكون العين مثل: زيدون، حمدون، طرشون، عرجون..
ونشير هنا إلى أن الأسماء المنقولة أو المستعارة من البيئة أو من خارجها قد يعتورها التحريف، وهو يحدث بأساليب مختلفة، كنقل الاسم من صيغته إلى صيغة المبالغة، أو بالتصغير، أو بإضافة اسم إلى اسم آخر فيَتَكَوَّن اسم واحد، مثل: عبد السميع = سميميع. نور الدين = نَوْري. ومثل محمد علي كلاهما اسم واحد.. ودواعي التحريف متعددة، وأولها سهولة النطق بالاسم محرفا أثناء التعامل اليومي. وثانيها قد يكون من باب التودد والتحبب. وثالثها، قد يكون من باب التهكم والحط من مكانة الشخص، ورابعها وهو نادر قد يكون النطق محرفا لعيب في جهاز ناطقه، ومن ثم يشيع الاسم محرفا. وأحيانا يكون التحريف فارقا بين شخص وأخر يشتركان في اسم واحد ويختلفان خلقا وخلقا، أو دينا وانتماء اجتماعيا وطبقيا..
والواقع أن هناك صيغا مشتقة من أصول مُسَمًّى بها وهي كثيرة ومتطورة وتحدث فيها اشتقاقات متنوعة من منطقة إلى أخرى، أضف إلى ذلك أن أغلب المشتقات صفات في الأصل تحولت أعلاما وألقابا لأشخاص وشاعت فيهم، بعضها أطلقه أصحابها على أنفسهم أو أسرهم عليهم، وبعضها الآخر كان الاستعمار الفرنسي سببا في إطلاقها عندما قدم غازيا إلى الجزائر في عام 1830،وبعد أن استقرت له الأمور أراد إحصاء السكان فوجدهم يتسمون بأسمائهم العربية المعهودة، من ذكر اسم الشخص واسم الأب واسم الأسرة أي اسم الجد الأكبر الذي تتسمى به فروع الأسرة أو القبيلة، ثم يضاف أحيانا اسم القرية أو المدينة مثل: محمد علي الدراجي المسيلي؛ محمد اسم الشخص، وعلي اسم الأب، والدراجي لقب القبيلة واسمها، لأن جدهم الأعلى درَّاج، ويقال لهم أولاد دراج، والمسيلي نسبة إلى منطقة المسيلة التي ولد بها ابن رشيق الشهير بالقيرواني. وهذه التسمية اربكت الاستعمار في تحصيل الضرائب والتحكم في حركة المواطنين وتنقلهم، فاستغنى عن الأسماء المذكورة وعوضها بالاسم الشخصي ثم اللقب الأسري، وهذا اللقب الأسري الذي جعله الاستعمار قسرا على المواطن الجزائري البسيط اتخذه من الهيئة التي يكون عليها الشخص المراد تقييد اسمه، كأن يسمى الرجل بالعاهات أو بالسلوك المشين، أو الحرفة أو غيرها، ويوضع له لقب يشيع في أسرته. ووظف لذلك أعوانه من أبناء السكان يحرصون على أن تتبين هُوِيتهم من خلال تلك النعوت والألقاب، وهكذا ورثنا معجما بأسماء القصد منها تشويه صورة الجزائري.
ب ـــ الأسماء المــــركبـــة: وهي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المركب من اسمين أو أكثر ولكنها ليست كالتسمية في العهد القديم أو كالتسمية في الشرق العربي المكونة من الاسم واسمي الأب والجد، بل هي مركبة، لأن بعض الناس أعجب بأسماء معينة وأراد أن يمنحها ولده، أو لأن الأب أراد أن يعطي اسما من أسماء أجداده لأحد أبنائه.. مثل: محمد توفيق الصديق. وقد يكون الاسم مركبا من كلمتين، ولكن المراد منه الصفة، كتسمية العامة بعض الأشخاص بـ: زرق العيون، شايب الراس، كحل العين، حمر العين.. وقد نطلق على هذا النوع: مصطلح المركب تركيبا إضافيا كما سنوضح..
النوع الثاني المركب من (أب، ابن، ولد) إذ ترد كلمة أب مضافة إلى اسم آخر وهي ليست على الحقيقة في غالب الأحيان، بل لتدل إما على معنى صاحب، وإما للدلالة على الملكية والاحتواء والاتصاف، مثل: بو اللبن، بوالخير، بو القمح، بو زبدة، بوالفول. وقد تستعمل للدلالة على أعراض خلقية (جسمية) مستديمة في جسم الإنسان مثل: بو لكتاف بو لفخاذ، بو العينين، بوركبة.. ومثل هذا الاستعمال لا يخلو من تحريف إذ يحذف الحرف الأول (الألف) من كلمة أب ويبقى حرف الباء فيضم ثم تشبع الضمة. أما كلمة ابن فإنها تطلق على حقيقتها أي نسبة الشخص إلى أبيه فيقال: بن الطاهر، بن العربي ، بن الحواس. وقد تحذف حرف النون من (بن) وتلحق الباء بالاسم للدلالة على الأبوة تخفيفا فيقال: بالطاهر، بالعربي، بالحواس.
وأما ما يحدث فيه من تغيير فهو حذف الهمزة وفتح الباء وسكون النون ثم يضاف إليها الاسم. وأما ولد فإنها تبقى على حالها مع سكون اللام مثل: ولد العربي، ولد عمار، ولد الطاهر، ولد الحاج امبارك. ولد النَّوِي.
وما تجدر الإشارة إليه أن العامة أحيانا تنقل كلمتي (ابن وولد) لتدل بهما على الموطن الذي ينتمي إليه الشخص أو القبيلة أو غيرهما، وهو شائع ومعروف مثل: ولد الجزائر، بن مصر، بن هوارة، بن كتامة، بن أولاد دراج.
وقد تسمي العامة بابن أو ولد مضافتين في حالة الجمع مثل قولهم: أولاد موسى لَقَبًا، اُولاد عيسى لَقَبًا، اُولاد العربي، اُولاد احمد، وبني فرحون، بني فُوغال، بني سنوس، اُولاد الجبال، اُولاد التين، ابناء التين.
وقد تضاف كلمة (ابن) إلى الياء فيقولون جمعا بني ورتيلان، بني أحمد ، بني هوارة ، بني عزيز، بني يني.. وقد يستعان بكلمة (بن) لتبيان العمر فيقال: بن 14 سنة، وبن 20 سنة، كما يستبدلون أحيانا كلمة (بن) بولد فيقال ولد 14 وولد 20 ويقصدون عاما أو سنة وهو قليل.
النوع الثالث المركب تركيبا مزجيا وهو كالآتي:
أ ــ تضاف إليه ياء النسبة، وهو شائع ويعتز الناس بتسمية ابنائهم به، لأنه يميز الشخص بنسبته إلى قبيلته أو سلفه مثل قول العامة: سِحَمدي نحتا من تركيب أولاد سيدي أحمد، ودراجي من أولاد دراج، وقولهم مخالفي نحتا من قولهم اُولاد خلوف تجمع على المِخَالفة..
ب ــ المركب تركيبا إسناديا مثل:جاب الله، عطا الله، جاب الخير..
ج ــ المركب تركيبا إضافيا كما أشرت مثل: حمر العين، شايب الراس..
وهناك صيغ أمازيغية تستمد حضورها من اللهجات المحلية، ولكنها تنحو منحى عربيا في اشتقاقاتها ودلالاتها، كصيغ:
ــ تَفَعُّولَت بفتح التاء والفاء وتشديد العين المضمومة وفتح اللام مثل: تَشَكُّورت. وصيغة:
ـــ تَفَعْلُولَت بفتح التاء والفاء وسكون العين مثل: تَمَزْرُورت.
ـــ فُعْلاَن أو فَعْلاَن بضم الفاء أو فتحها وسكون العين وفتح اللام مثل: مُقْرَان بَرْكَان. وقد يضاف لأول الاسم ألف ممدودة مثل: آمقران، آبركان. ومعنى مقران كبير، وبركان أسود أو أسمر.
وتجدر الملاحظة إلى أن أغلب الأسماء الجزائرية في مختلف المناطق وعبر تباين اللهجات أسماء أمازيغية عربية إسلامية في أصواتها وتركيبها ودلالاتها، فإن بدا نوع من التحريف أثناء النطق فمرده إلى البيئة والتقاليد اللغوية.
الحلقة القادمة: مرجعية الأسماء في الجزائر.
أ . د . محمد عيلان
ailafolk@hotmail.com
كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية
جامعة باجي مختار ــ عناب