غـــاز الجــزائـــر.. غــــزوة أوكــرانـیـــا

د. جمال سالمي */
1 / نسبة اعتماد أوروبا على غاز روسيا= 40%.
2 / تجهيزات أوروبا تسمح لها باستقبال غاز مسال يعوض ثلثي 2/3 ما تصدره لها روسيا.
3 / قطر+ الجزائر+ روسيا= معظم غاز العالم.
4 / أوكرانيا ستفقد 2 مليار دولار عند تخلي روسيا عن أنابيبها في أوكرانيا ومرور الغاز الروسي مباشرة عبر نورد ستريم 2 إلى ألمانيا.
سيناريو الغزو/ دبلوماسية الغاز
رغم التعتیم الإعلامي المتعمد، سیلعب الغاز الجزائري دورا مهما جدا في خفض التوتر بین واشنطن وموسكو.. بعد حشود روسیة ضخمة، في هذا البرد الشدید على حدودها مع مسقط رأس خروتشوف: أوكرانيا.
دبلوماسیة الصمت والتكتم ساعدت الجزائر على العمل الهادئ.. لإقناع أطراف الصراع على الرجوع لصوت العقل.. فروسیا لیست كوریا الشمالیة أو إیران.. نشوب أي نزاع معها، أو ضدها، قد یجر العالم للویلات..
لیس الولایات المتحدة فقط.. بل كل العالم..
تعویض الغاز الجزائري للكمیات التي تصدرها روسیا لأوروبا محور طلبات أمریكیة عاجلة وملحة..
الرفض الجزائري لم یكن صریحا..
فقد اختبأ صناع القرار وراء التعقیدات اللوجستیة والتقنیة.. التي لعبت لصالح الجزائریین كثیرا..
قطر لم تبتعد كثیرا عن الموقف الجزائري.. بل زادت علیها بعرض وساطة سریة بین واشنطن وروسیا من جهة.. وتسریع إقناع إیران بضرورة إبرام الاتفاق النووي مهما كان سیئا.. تجنبا لأي حرب إقلیمیة قد تتزامن مع غزو روسي لأوكرانیا.. أو مناوشات على الحدود بینهما كاحتمال بدیل.. لاستنزاف الدب الروسي..
كوالیس المفاوضات الجزائریة/الأمریكیة حول الغاز الجزائري لم یظهر منها على الصحف والفضائیات سوى بعض الأخبار القصیرة الموجزة.. التي تخضع عمدا لحذف كلمات مهمة مثل: رفض/تفاوض/موقف.. حفاظا على الكبریاء الأمریكي أمام بقیة العرب..
إحراج أم توريط؟
الغاز الجزائري بدیل تكتیكي محتمل لغیاب، أو تغییب الغاز الروسي..
لیس فقط لمخزونها الاحتیاطي الهائل.. بل لقربها من أوروبا.. مما یقلص تكالیف النقل بشكل كبیر..
السيناريو الأمريكي المفضل هو اجتياح روسيا لأوكرانيا..
يصعب حينذاك، بل قد يستحيل تعويض 40 % غاز.. التي تستوردها أوروبا من موسكو..
القطريون صرحوا بذلك علنا.. لكن بإضافة جملة مثيرة للاهتمام:
لا يمكن لدولة وحدها فعل ذلك..
أي يجب إشراك تكتل غازي دولي..
لعل من أهم من يشير لهم القطريون: الجزائر..
تقنيا، بإمكان أوروبا تعويض الثلثين 2/3 من الغاز الروسي بغاز مسال..
لكن التجهيزات الأوروبية لن تكفي سوى النصف من هذه الكميات، حسب تصريحات أوروبية رسمية..
أمريكا أعلنت جهارا نهارا أنها اتصلت بالهند وكوريا الجنوبية، بل حتى بالصين، لتخصيص نسبة مما يستوردونه من الغاز لأوروبا.. لكن الجواب كان طبعا بالرفض..
أمريكا تريد تركيع روسيا بأي ثمن..
أوروبا هي التي ستدفع الثمن أكثر من روسيا.. عبر شتاء بارد وسعي محموم لتعويض الغاز الروسي..
الجزائر في موقف محرج دوليا:
تحالفها مع روسيا على المحك..
أي معارضة قوية للأمريكان ستشعل حربا إعلامية شرسة ضد الجزائر..
تغذيها فرنسا بشكل كبير..
حتى في حال نشوب حرب، فإن الجزائر لن تقف عسكريا مع روسيا..
ستلتزم بالحياد الإيجابي..
ثم ستنضم لتركيا وقطر في مساعي نزع فتيل الأزمة..
الجزائر الغنية جدا بالغاز تدفع ثمن أي صراع دولي حوله.. مهما كانت المشاهد والسيناريوهات والاحتمالات..لذلك، مازال خبراء الطاقة الجزائريون يوصون صناع القرار الجزائري بضرورة التحكم الشديد في الأعصاب.. لمنع أي تصعيد دولي أو إقليمي، خاصة من الثلاثي: فرنسا/المغرب/إسرائيل..
طبيعة العقود طويلة الأجل التي تتحكم في الغاز عالميا ستساعد الموقف التفاوضي الجزائري مع أمريكا وحلفائها الأوروبيين..
الحلم الأمريكي بضم الجزائر إلى أفريكوم سيخفف من ضغوطاتها السرية عليها في تعويض الغاز الروسي..
غزو أوكرانيا ستكون وبالا على الغاز الجزائري في كل الاحتمالات..
* أستاذ الاقتصاد في جامعة عنابة الجزائرية
algnobel2022@gmail.com