قمـــــــة الجــــــــــزائر
أ. محمد الحسن أكيلال/
لقد كان موعد انعقاد القمة العربية مبرمجا في شهر مارس المقبل، لكن يبدو أنه سيؤجل إلى موعد آخر يتفق عليه، لأن مناورات عرب التطبيع لأجل إفشاله فرضت على الجزائر هذا التأجيل الذي تريده في ذكرى أول نوفمبر عسى أن يكون فيه ذلك الفيض من الذكريات التي كانت في عهد الثورة مبعث الاعتزاز والفخر بها والتضامن مع الشعب الذي فجرها وحقق بها أول نصر في تاريخ الأمة العربية منذ ما بعد الحروب الصليبية، وتعود بهذه الذكريات تلك النخوة وروح النصر بدل روح الذل والخنوع السائدة في هذه الأيام.
عوامل انعقاد القمة وأسباب نجاحها تبدو ماثلة للعيان، وخاصة بعد النجاح الباهر الذي حققته الدبلوماسية الجزائرية في قمة الاتحاد الإفريقي التي انعقدت في «أديس أيبيبا» . النجاح، بل النصر الباهر على ضعاف النفوس الذين كانوا يستقوون بالعدو الصهيوني وبالقوى الإمبريالية ضد مصالح شعوب القارة ومن ضمنها شعوب عربية هي جزء لا يتجزأ منها.
الانتصار على العدو الصهيوني الذي استطاع في غفلة من الجميع إقناع أغلبية حكام وأنظمة القارة ويشتري ذممهم وضمائرهم مقابل فتح سفارات في بلدانهم والتغاضي على كل جرائم هذا العدو ضد الشعب الفلسطيني بل واقترب في المدة الأخيرة من الحدود الجزائرية.
لقد استطاعت الجزائر إقناع خمسة وعشرين دولة إفريقية مقابل اثنتين وخمسين لتعليق عضوية الكيان الصهيوني كمراقب منحها له خائن تشادي هو «موسى محمد فقي» دون أية استشارة لأحد لأنهم كانوا أصحاب الفضل عليه منذ كان طالبا في جامعة «زئير»، وهم الذين ساعدوه على الوصول إلى تبوء منصب وزير خارجية بلاده، ثم طلبوا منه ترك المنصب ليعين رئيسا للمفوضية للاتحاد الإفريقي ليرد الجميل للكيان الصهيوني بأن قرر منحه عضوية مراقب في الاتحاد الإفريقي رغم عدم وجود أي سبب أو مبرر لهذه العضوية في منظمة قارية لا علاقة جغرافية تربط الجغرافيا التي تحتلها بجغرافية القارة.
هذا الانتصار يؤكد قوة الجزائر وتأثيرها في القارة باعتبارها القوة الإقليمية الوحيدة التي أصبحت قوة التوازن كما اعترفت بذلك الولايات المتحدة الأمريكية أمام حلف «الناتو» والدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا التي ما زالت تعتبر مستعمراتها في الماضي مستعمرات حاليا.
نجاحات الدبلوماسية الجزائرية التي حققتها هذه المرة لها ما بعدها، إنها تمهد لنجاحات أخرى على الصعيد العربي الذي تأجل موعد انعقاد قمة جامعته في الجزائر، فإلى أن يحين هذا الموعد بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية في الحضور إلى الجزائر لتعمل في صمت على إعادة اللحمة وتوحيد هذه الفصائل تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت الجزائر من الدول العربية إلى جانب مصر «عبد الناصر» التي عملت على تأسيسها ودعمها بكل الوسائل.
المؤكد الآن أن العالم العربي عامة والشعب الفلسطيني خاصة سينتظرون ما سوف تثمره جهود الجزائر في توحيد هذه الفصائل لتكون الطريق السليم إلى إنجاح القمة العربية واتخاذ قرارات لم يسبق للجامعة العربية منذ عقود أن اتخذتها لصالح الكفاح التحرري الفلسطيني ضد العدو الصهيوني والإمبريالية العالمية. وفي هذا ما يمكن فعلا أن يشكل بداية قوة ردع ضد العدو الصهيوني وإرغامه على الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وإنهاء سياسة الأمر الواقع التي فرضها بالقوة على هذا الشعب الذي أصبح ضحية أشقائه في المدة الأخيرة أكثر من العدو نفسه.