مآسٍ رهيـبــة لا يعــرفهـــا إلا الســـوريــــون

بقلم أمال السائحي/
إذا قورنت المرأة العربية في كل أنحاء البلاد المسلمة مع نظيرتها في سوريا أو فلسطين أو بمن ابتلاها الله بهذه الحروب التي تجد نفسها فيها، إلا وتردد الحمد لله على نعمة الأمن والأمان والصحة والعافية، فكم من نعمة يتقلب الإنسان فيها ولا يعرف قيمتها إلا حين تُسلب منه، ونعوذ بالله من السلب بعد العطاء.
وقد نبّهت منظمة غير حكومية من أنّ مأساة تلوح في الأفق في بلدة جبلية يقطنها سبعون ألف لاجئ سوري في شرق لبنان، بعدما أعلن مسؤولون محليون حالة طوارئ مع ارتفاع أسعار الوقود الضروري للتدفئة خلال الشتاء القارص وقالت منظمة “إدنبره دايركت ايد” وهي واحدة من المنظمات غير الحكومية القليلة التي تحافظ على وجود دائم في عرسال في بيان الخميس “نجا العديد من عائلات اللاجئين في عرسال من فصول الشتاء السابقة لكن هذا الفصل مختلف، وارتفعت كلفة الوقود الذي تحتاجه العائلات لتشغيل مدافئها بنحو 350 في المائة، نتيجة رفع الدعم الحكومي على وقع الانهيار الاقتصادي في لبنان، حيث بات الحد الأدنى للأجور يعادل أقلّ من 25 دولاراً مع خسارة الليرة نحو 95 في المائة من قيمتها مقابل الدولار، وتحتاج كل عائلة، وفق المنظمة إلى 350 دولاراً لتدفئة مسكنها خلال موسم الشتاء.
ومع “خفض الموازنة”، باتت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية الأخرى قادرة فقط على توفير تمويل لأقل من ثلاثين في المائة من الاحتياجات، ودفع ذلك القائمين على هذه البلدة إلى إعلان حالة طوارئ في ما يتعلّق بالوقود تزامناً مع إصدار نداء لسدّ فجوة التمويل وجمع القليل من المال.
ووفق البيان الذي أصدره القائمون على هذه البلدة أنهم يحذرون من عواقب ترك آلاف العائلات في خيام واهية دون تدفئة في درجات حرارة أقل بكثير من الصفر ورياح لاذعة، وقد لقي عشرات النازحين في سوريا واللاجئين في لبنان حتفهم جراء البرد، بما في ذلك في عرسال وخلال محاولتهم اجتياز الحدود بين البلدين، منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011.
بالإضافة إلى أنهم جميعا يعانون من أمراض بسبب المناطق التي هم فيها، إلى أن وصل بهم وبأبنائهم المعاناة إلى حد كبير بالإصابة بأمراض أخرى التي تنتشر بين الكبار والصغار، وذلك كما قلنا لافتقار البيئة التي يحيون فيها إلى المياه اللازمة، ناهيكم بالصدمات النفسية التي ليس لها أول ولا آخر، بسبب فقدانهم لأفراد من عائلاتهم، وها هم يأوون إلى مخيمات بائسة يعتمدون فيها على سخاء البلدان المضيفة، واستجابة للوكالات الإنسانية والدعم المالي من جانب الحكومات والأفراد
إن نساء الشام وأطفالها يعانون الأمرّين في مخيمات اللاجئين، على كل الأصعدة، وتشير التقارير أيضا إلى ارتفاع نسبة الولادة المبكرة بسبب سوء الأحوال النفسية والغذائية، والخوف الذي يعانين منه بسبب استمرار عمليات التهجير والفرار من البلد.
تقول السيدة سمانثا كاميرون، سفيرة أنقذوا الأطفال:” لقد كان مؤثرا وملهما جدا لقاء هؤلاء الأفراد الشجعان، والكثير منهم أطفال، والاستماع لقصص نجاتهم وتشردهم، وما فقدوه نتيجة القتال. علينا مضاعفة جهودنا لتنفيذ ما تعهدت به الدول المانحة خلال مؤتمر الكويت، ومساعدة من هم في أمس الحاجة للمساعدة بحيث أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تقريرين منفصلين، ذكرتا فيهما إحصائياتٍ تبيّن حجم الضرر الذي لحق بالسوريين عموما، وبالأطفال السوريين خصوصا، خلال السنوات العشر الأخيرة … كل هذا وذاك هو غيض من فيض مما تعانيه الشعوب خصوصا المرأة والطفل، ولا ملجأ لهم ولا مفر إلا الصبر والتجلد، ومع ذلك نجدها في مواقف كبيرة كهذه شامخة، عالية، محتسبة. كما عودتنا المرأة العربية المسلمة، لك الله يا أخت الشام .