شعاع

هل ترفع جمعية العلماء التحدي وتكسب الجولة في مجال التعليــم عن بعـد ؟

يكتبه: حسن خليفة/

من قالمة.. إلى قسنطينة.. إلى تقرت وما جاورها من الشعب البلدية كشعبة الزاوية العابدية..إلى سكيكدة.. إلى عنابة… إلى شُعب كثيرة أخرى استطاعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن تصنع «الفارق» حتى لا نقول الاستثناء، وذلك من خلال الاستمرار في التكوين والتعليم (عن بُعد) .. في العشرات من الأقسام والمدارس؛ سواء تعلّق الأمر بالتعليم التحضيري، بمختلف موادّه وفقراته، أو بـالتعليم القرآني مع ما يتطلّبه من حفظ واستظهار ومراجعة وتصويب الخ ، وكـلّ ذلك بوسائل بسيطة عادية، وفي نفس الظروف والبيئة التي يعيشها المجتمع الجزائري كله، وأقلّ الإكراهات والنقائص فيه كما نعلم جميعا: ضعف الانترنيت وانقطاعه، ونسبـة التدفّق الضئيلة للغاية، وضعف التغطية في مناطق كثيرة من وطننا، وقلة الوسائل المساعدة في مجال التعليم الإلكتروني ، فضلا عن غلائها الفاحش.
لكن مع ذلك أمكن لتلك المدارس أن تحقق المطلوب ليس في حدّه الأدنى، بل فيما هوأكثر من ذلك، وبالأخص منها ما يتعلـق بـ «استمرار» التكوين والتعليـم، ليس بالشكل العادي فحسبُ، بل بأكثر من ذلك بكثير؛ حيث تضاعفت ساعات التكوين (التعليم)، وزيدت مساحة الزّمن المخصص لبعض الموادّ، وتم التحقق من «رجع الصدى» حفظا متقنا، وحلّا للتمارين، ومتابعة للدروس… وأكثر من ذلك «انخراط الأولياء» في هذه العمليـة التكوينية الجميلة المتفرّدة.(وهذا في حدّ ذاته رائع ).
وحتى نشرح الأمر على النحو المطلوب دعنا نستعرض بعضا مما جرى في تلك المدارس، وقد وقفتُ عليه بشكل دقـيق، وتأكدتُ من نتائجـه بنفسي، بالتواصل والاستفسـار والمتابعة، أملا أن نستفيد جميعا من هذه (التجربة) ونعـمل على تعميــمها بشكل يرسّخ «الاستمرار» في التكوين وزيادة الاستيعاب، وتعزيز رصيد التلاميذ والتلميذات، والطلبة والطالبات وسائر من يتكوّنون في رحاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.دعنا نستعرض نموذجين ها هنا حتى تبدو الصورة أكثر وضوحا للقاريء الكريم:
تجربــة مدرسة ضيوف الرحمن(قسنطينة)
تعتمد منهجية العـمل في مدرسة ضيوف الرحمـن، كما بيّنتها الأستاذة ريم.ص مديرة المدرسة على عدة طرق من بينها:
• فتح صفحات خاصة بكل أستاذ من أجل التواصل مع الأولياء والأبناء(التلاميذ).
وقد كان السبب وراء ذلك في الأساس انتشار الوباء وتوقف الدراسة في المراحل السابقة، فـأصبح التركيز على التعليم عن بعد أشدّ والحاجة إليه أمسّ وأقوى ؛حتى إنّ الأساتذة الذيـن لم يكن لديهم صفحات فقد تم فتح صفحات لهم.
• فيما يخص التواصل مع الأولياء تم ذلك عبر هذه الخطوات:
1 – اختيار وقت محدد لا يتغير(باتفاق واضح بين المدرسة والأولياء )..وفي ذلك ما فيه فائدة في الالتزام والانتظام ،وسلاسة العمل .
2 – تعييــن وتحديد من يقوم بالتواصل مباشرة مع التلميذات /الطالبات وتقديم الدرس، هذا فيما يخص فصول القرآن الكريم.
3 – وهناك من يقدم الدرس في وقت معين و يستقبل الإجابات وحلول التمارين (الفيديوهات والصور).
في وقت آخر، وهذا خاص بتلاميذ التحضيري واللغات، وبعض الموادّ التي تُدرس في المدرسة.
• أما فيما يخص إلتزام الأولياء فالأستاذ هو من يحرص عليه، عن طريق تنشيط التنافس، من خلال الصفحة، وتقديم تحفيزات.
وتقييم النتائج يسمـح لنا بالقول أنها ( أي النتائج) جد مبهرة؛ فمثلا بالنسبة للأطفال، هناك تنافس شديد ,من يبرز بالصفحة أكثر، ومن يكون له نصيب من التشجيع، إلى جانب الشغف بالتجربة واستحسانها، وكل ذلك جعل الاستيعاب أكبر وأفضل.وذلك ما يبحث عنه المربي (الأستاذ والأستاذة).
• كما أن ذلك كوّن بيـئة تعليمية آمنة ودافئة أسرية، وجمع أفراد الأسرة ، وعمّق التواصل بين الآباء والأبناء، وهذا أحد المطالب التربوية التي نرنو إليها في المدرسة.
ونظرا لما تحقق نرجو أن يتم تعميم التجربة؛ لأنها سهلة وميسورة ومفيدة جدا. (ومـن منا اليوم ليس له ارتباط بمواقع التواصل الاجتماعي، وإن لم يكن هو فأحد أفراد الأسرة).
ومن بين النصائح لنجاح التجربة: 1 – تحديد الوقت والالتزام به مهما كانت الظروف.
2 – التحفيز والتشجيـع وإذكاء روح المنافسة بين التلاميذ.
3 – السؤال عمّن يتغيب عن الدرس، حتـى يشعر ويفهم (كما يشعر ويفهم أولياؤه أب أو أم ) أن الأمر مهم وأن الأستاذ مهتم أكثر. وأنه لا يُسمح بالتغيب والتأخر عن هذا الأمر الجدي؛ لأنه تعليم وتكوين في مصلحة التلميذ والطالب.
وبطبيعة الحال فاستصحاب النية والاحتساب، بالنسبة للتعب والجهود المبذولة، مع الجدية اللازمة، وقبل ذلك التوكّل على الله هو ما يحقق النتائج المرغوبة .
مدرسة الفتـح (قالمة):
التجربة الثانية من مدرسة الفتح، وهي واحدة من مدارس الجمعية في شعبة قالمة، تقول مديرتها الأستاذة صباح غموشي:
نـحن في مدرسة الفتح فرع الصنوبر التابعة لجمعية العلماء، شعبة قالمة، لم نتوقف لحظة عن التدريس عند بعد ، منذ أن بدأت رياح الوباء في الأشهر الأولى، وتحققـنا أنه لا بد ّ من الاجتهاد في حقل التعليم عن بُعد.
بالنسبة لأقسام التحضيري :
تواصلت المعلمات مع الأمهات، واجتمع الأولاد في مجموعة مغلقة في الميسنجر، وواصلوا دروسهم كأنهم في القسم؛يحفظون القرآن الكريم، وينجزون تمارينهم على اللوحة، وفي الكتب المدرسية، بعدما حضر أولياؤهم إلى المدرسـة لأخذها ليستخدمها أبناؤهم وبناتهم.(الكتب والسندات ).
وفي مختلف الأنشطة الأخرى: رياضيات، ولغة عربية، تربية إسلامية، وغيرهما نفس الريتم المنضبط، ونفـس الاهتمام والمتابعة، كما في التعليــم الحضوري المباشر.. وفقا للتوزيع السنوي المعمول به.
أما بالنسبة لأفواج القرآن فاعتمدت المدرســةُ طريقتين:
الأولى باستظهار التلاميذ لما حفظوه على معلميهم، عبر الهاتف.
والثانية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وأحيانا تكون الحصة كاملة بحضور(وجود) الطلبة كلهم (في وقت واحد) عبر الميسنجر مثلا ، وتكون الحصـة فيها كل الفقرات من: مراجعة، وتلقين، واستظهار وأحكام… وكل هذا تحت شعار: لن نغلق مصاحفنا ولن نترك كراريسنا»…
ونأمل أن تعمم تجربتنا الناجحة بفضـل الله على كل مدارس الجمعية.
نعتذر عن عدم إدراج تجاريب أخرى رائعة ونافعة، ونعمل على تقديم كامل المعلومات، بحول الله، في تحقيـق صحفي ضاف في المستقبل.
لكـن يبقى السؤال الكبير: هل سعت وزارة التربية بأساتذتها وطواقمها وإمكاناتها الضخمة وموظّفيها وهم بالآلاف المؤلفة.. هل سعـت في ردم الفجوة، واستمرار التكويـن باستثمار ماهـو متاح من الإمكانات؟
ذلك ما سنجيب عنه في مقال أوتحقـيق لاحق بحول الله تعالى…

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com