منح جائزة الملك فيصل لعام 1443هـ/2022 للعــلامــــة الشيــخ حسن الشافـــعي
أ. عبد القادر قلاتي/
أحسن القائمون -الأمانة العامة للجائزة – على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام بمنحها هذه السنة (1443هـ/2022م) للعلامة الكبير الشيخ حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، بالاشتراك مع الرئيس علي حسن مويني، الرئيس الأسبق لجمهورية تنزانيا الاتحادية، وجاء منح الشافعي هذه الجائزة لمكانته العلمية في الأزهر الشريف ومساهمته في بناء الجامعة الاسلامية بباكستان، وقد منحت هذه الجائزة منذ إنشائها عام 1979م للكثير من مفكري الإسلام الكبار مثل: أبي الأعلى المودودي، وأبي الحسن الندوي، والبروفيسور أحمد خور شيد، والشيخ علي الطنطاوي، وأحمد ديدات، ورجاء جاودي، والشيخ محمد الغزالي، وعلي غزت بيجوفيتش، ورجب طيب أردوغان، وكان اختيار هذه الشخصيات لمنحها الجائزة، تقديراً سليماً لمكانتهم في الأمة، ودورهم المشهود في خدمة قضاياها، وكلّ واحد من هذه الثلة السامقة، يشكّل نموذجاً فريداً للعالم وللسياسيّ وللمفكر، ومن يعرف مسار الحركة الاسلامية المعاصرة، يعرف من هو المودودي، أو الندوي، أو علي عزت بيجوفيتش، أو حتى أردوغان الذي مازل بموافقه وسياساته، محلّ عداء ومحاربة من الأنظمة السياسية التقليدية، وربما هذا ما أعطى نوعاً من المصداقية للجائزة منذ إنشائها، ولعلّ الأحداث التي صاحبت ثورات الربيع العربي السياسية، ودفعت نحو تحوّلات جديدة، من جدل الثورات الحقيقة والثورات المضادة، أعطت تصورات جديدة -سلبية غالباً – لكلّ ما له علاقة بهذا النّظام أو ذاك، دون النّظر أو التقدير لحالات بعينها، ترتبط بسياسات هذه الأنظمة.
خلال السنوات الماضية شاهدنا جملة من المواقف السياسية في المنطقة العربية، وصلت حدّ العداء، وقطع العلاقات البينية بين هذه الأنظمة، وانقسمت الدول بين من يساند هذه الثورات وبين من يقف وراء الثورات المضادة، ومن وراء هذه المواقف انقسمت أيضاً الشعوب، وفي ظلّ هذا الوضع بنيت الآراء والتصورات، واتخذت المواقف من هذا النظام أو ذاك، بمنطق حدّي ونهائي، ولغة تجمعت مفرداتها من قاموس العداء والمخاصمة، بينما السياسة لا تعرف منطق النهايات، وإنما منطقها دائما يخضع للممكن واللامستحيل، وهذا ما شاهدناه خلال السنتين الماضيتين من إنهاء للخصومات وإرجاع للعلاقات، وكأن الأمر لم يكن سوى مسرحية، الكلّ أدى دوره وانتهى العرض، وذهب الجميع لممارسة حياتهم العادية المألوفة والطبيعية، أما من تفاعل مع العرض وانخرط فيه مصدقاً حيثياته، ومسلماً بكلّ ما جاء فيه، فإنّه بقي أسيراً لتلك اللحظة، يعيشها بتفاصيلها وينتظر النّهايات التي يريدها هو وليس صناع هذه المسرحية، وهذا هو حال السياسة دائماً.
ونرجع لشيخنا العلامة حسن الشافعي الذي تربي في الأزهر الشريف طالبا، ثمَّ مدرساً وعالماً كبيراً من علمائه، كما أنّه نشأ وتربى في أحضان الحركة الاسلامية المعاصرة، وعانا ما عاناه أبناؤها من ظلم الساسة وأتباعهم، في فترات زمانية أشبه ما تكون باللحظات الحرجة التي تمر بها الحركة الإسلامية في مصر اليوم، والشيخ -وهو في هذا العمر – حقيق بأن يمنح الجوائز والاعتراف والتقدير، فقد أصابه نصيب من الخصومات السياسية التي عرفتها مصر بعد الانقلاب على الشرعية، آخرها إبعاده من رئاسة مجمع اللغة العربية وتنصيب شخص آخر بالتعيين، رغم أن الانتخابات التي أجريت جاءت بالشيخ على رأس المجمع، فمبارك للشيخ حسن الشافعي الجائزة، وللأزهر الشريف الذي نتمنى رجوعه إلى ما كان عليه من مصداقية في الحق، ومكانة علمية يشهد لها العالم الاسلامي كلّه.