الحرب القادمة.. التأجيل

أ. محمد الحسن أكيلال/
الحرب القادمة المنتظرة بين محور المقاومة والكيان الصهيوني أصبحت تثير الكثير من الجدل والنقاشات الحادة بين الطرفين، وهذه النقاشات بقدر ما هي تؤجج الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بكاملها، بقدر ما تبردها ليس بالماء فحسب بل بالثلج في كثير من الأحيان لأسباب ودواع كثيرة ومختلفة لصالح الطرفين المتواجهين على الساحة.
التأجيج والتبريد وإن كان يقوم به الطرفان، لكن الكيان الصهيوني وحلفاؤه من العرب هم الذين تستهويهم اللعبة أكثر، فهم يخافون من الحرب ولكنهم يريدونها حينما يتأكدون أنها ستكون لصالحهم، يعني حين يتأكدون من النصر والتخلص من غول المقاومة الذي يرونه يزداد قوة وعنفوانا على مر الأيام.
حسابات هذا الطرف تظهر له دائما خاطئة ولا يعرفون الخلل فهم يراكمون مختلف الأسلحة وأشدها فتكا، وينفقون على ذلك أموالا باهظة تكفي لإعالة كل فقراء العرب والمسلمين. في حين أن الطرف الخصم وهو الأضعف، بحيث مورس عليه الحصار المالي والاقتصادي وعوقبت كل الدول التي يظهر أنها تتعاون معه بأي شكل من الأشكال، ومع ذلك يظهر لهم أنه الأقوى.
لذلك يؤجلون أملا في ظروف أخرى مساعدة على تحقيق النصر والتخلص النهائي من السبب الحقيقي لهذا الصراع، القضية الفلسطينية، بأي شكل من الأشكال.
فالمستفيد إذن من التأجيل هو الكيان الصهيوني والمطبعون معه. إنهم يرون فيه المنقذ والملجأ والملاذ الحامي من الحق. لقد بايعوه قائدًا لهم منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي بتوقيع اتفاقية «كامب ديفيد» التي دفع إليها رئيس مصر «محمد أنور السادات» دفعا من طرف ملك المغرب «الحسن الثاني»، فالتطبيع لم يبدأ منذ السنة الماضية، فقط كانوا يتحاشون شعوبهم المقهورة المقموعة بكل وسائل القمع المادي والمعنوي الذي بلغ حد التفقير والتجويع والتخويف بالفتن والحروب الأهلية والإرهاب.
العدو الصهيوني يعرفهم جدًّا ويعرف حاجتهم إليه، لذلك فهم يتفنن في ابتزازهم وإذلالهم بإظهار تزلفهم له أمام العالم وأمام شعوبهم، وهو أيضا يعرف أن التأجيل لصالحه أكثر منهم، فهو يخاف من الحرب القادمة التي يعلم جيدًّا أنها ستزيلهم نهائيا من المنطقة.
طرف المقاومة أيضا سيستفيد من هذا التأجيل لأنه يساعده على الحصول على أسلحة أقوى وأشد فتكا من خلال تطويره لما يمتلك واكتساب المزيد منها والمزيد من الجاهزية القتالية، ولكنه ليس مثلهم من الناحية المعنوية لأنه لا يخاف من الحرب بقدر ما هو في شوق إليها، فهو في المحصلة لا يضيع بها أكثر مما أضاع بدونها، محاربوه دافعهم استرداد الحق في حين أن الآخرين محاربوهم مرتزقة يعتاشون برواتبهم في الجيوش ويعلمون أنهم يدافعون عن الباطل، لذلك فالنصر لأصحاب الحق والحق يعلو ولا يعلى عليه.