عين البصائر

دينك لن يغلب، وأمتك لن تموت: فقط: اعرف نفسك، واعرف الآخرين، وعرِّف نفسك للآخرين:

أ. لخضر لقدي/

جاءت أحداث نهاية هذه السنة لتؤكد حقيقة ثابتة ماضية وهي: أن هذه الأمة إن غفت فلن تنام وإن مرضت فلن تموت، وإن خبت يوما فلن تنطفئ أبدا..
ففي حين تنافس مرشحو اليمين الفرنسي وتسابقوا حول لقب الأكثر كرها للمسلمين والأشد شيطنة لهم، وانشغل اليسار الفرنسي بأزماته وضعفه ولطالما راهن عليه المسلمون فخذلهم.
جاءت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المؤتمر الصحفي السنوي مع نهاية سنة 2021 تقول: أن الإساءة إلى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ليست حرية تعبير، وهي ليست حرية رأي بل انتهاك حرية الدين وانتهاك المشاعر المقدسة لمن يعتنق الإسلام.
وفي مارس 2021 أكد البروفيسور الفرنسي أوليفييه لو كور غراندمايسون أنه لا يمكن فهم موقف باريس المعادي للإسلام اليوم دون فهم ماضي فرنسا الاستعماري، وأن ما يكتب عن الإسلام في فرنسا اليوم يعد استمرارا لما كان يكتب منذ نهاية القرن التاسع عشر، وأن خسارة فرنسا للحرب ضد الجزائر أدت إلى تأجيج وزيادة معاداة الإسلام لدى بعض القطاعات، وأن مشروع قانون «الانفصالية» هو ورقة ماكرون في الانتخابات.
ولطالما اعتقد أعداء الإسلام أن كيدهم سوف يفلح وأن مكرهم سوف ينجح ،غير أن التاريخ حدثنا أن الأمل في النصر لن يغيب أبدا وأن الله يُقَيِّض لهذه الأمة في كل عصر من ينصرها، ويجدّد لها أمر دينها.
فهذه الأمة المحمدية أمة عجب لا تزداد مع سياط النكبات ولهيب الأزمات إلا قوة وعزة واستعلاء، إنها أمة تصقلها المحن وتنبهها الكوارث وتجمعها الأزمات.
إنها أمة تجعل من المستحيل ممكنا، وتتخذ من الصعب مركبا، تدافع عن نفسها وترد حروب البغي والعدوان ولن يُسكت لها صوت، ولن تكون أثرا بعد عين.
ومهما اشتدّت الأزمات وعظمت الخطوب وازدادت الكروب، وتقوَّى وتحصّن أعداء الدين فإن النصر قريب والمستقبل لهذا الدين ولهذه الأمة، فالشعوب الإسلامية فيها من الخير والأصالة ما يجعلها تراجع سيرها وتقيم ذاتها وتعاود انطلاقتها.
وقد أكد خبراء الغرب هذه الحقيقة يقول بات بوكانان- جمهوري أمريكي محافظ-: «الحقيقة هي أن ثبات الإسلام وقدرة الاحتمال لديه شيء مبهر حقا. فقد تمكن الإسلام من البقاء على الرغم من قرنين من الهزائم والإذلال».
وبين أمجاد الماضي ومآسي الحاضر يأتي دور المسلم الذي يعلم أن أمته لن تموت على الرغم مما يثخن جسمها من جراحات وما يعتري طريقها من عقبات جسام لأنّها تحمل في داخلها عوامل البقاء، ويبقى متفائلا بغد مشرق ليس ببعيد، يبذل فيه جهده ويؤدي فيه دوره ويجمع بين عمل لا ينقطع، وأمل في مستقبل زاهر.
وقد ألقى مالك بن نبي عام 1972 محاضرتين في دمشق، عن «دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين» وكانتا آخر محاضرتين يلقيهما قبيل وفاته، واعتبرت بمثابة الوصية التي استودعها ضمير الشباب المسلم برؤيته التحليلية والاستشرافية للواقع والمستقبل توصل مالك بن نبي إلى أن الحضارة الإنسانية تتجه إلى العالمية، وأن المسلم لديه ما يقدمه، بل هو أمل الإنسانية الوحيد في الخروج من ظلمات التيه والقلق والاضطرابات.
لذلك تحدد دوره ورسالته من جديد في أن ينقذ نفسه وينقذ الآخرين، وذلك بأن يعرف نفسه، وأن يعرف الآخرين، وأن يُعرِّف الآخرين بنفسه.
ولطالما نبه مالك بن نبي رحمه الله إلى محاربة الجهل وهو صاحب مقولة: «الجهل في حقيقته وثنية؛ لأنه لا يغرس أفكارًا بل ينصّب أصنامًا».

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com