ملف

الكاريكاتور سلاح ذو حدين: جريــــدة الوطن تغالـــط الزمن؟!

جمال نصر الله */

يقول المثل الشعبي (إن لم تستح فافعل ما شئت) وهذا نوع من المقاربة لما صدر من جريدة الوطن الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية… التي لم تجد ما تعبر به عن فرحتها بتتويج الفريق الوطني بكأس العرب إلاّ نفث جرعة من السم المقيت والقاتل للمنطق والحقيقة… فالكاريكاتور يحمل في كثير من جنباته شراشف الحقيد المبين بل قل الدفين؟ إلاّ من أراد ألا يفهم ويستعمل وعيه وذكاءه.
وكذلك هو نوع من التجني على كل يمت بصلة إلى الثقافة العربية والعروبة القُحة…. والدليل الذي يؤكد ذلك… العنوان الذي جاء بارزا على الصفحة الأولى(ربحنا العرب) أي في دلالة أن دول الخليج الأسيوي هم العرب ـ ونحن ماذا يا ترى ـ أولئك الذين نظّموا الكأس في أحسن حلة وهم عرب الجِمال والبعير؟ إن هذا التمزق الهوياتي الخطير يؤشر إلى حضارة غائرة في الزمن المظلم؟! يوم كانت هنالك حروب وغارات بدأت قبل التتار، وصولا إلى الحروب الصليبية التي كانت لا تبقي ولا تذر أي شيء أمامها باسم الجنس والعرق والديانة واللغة؟.
لسنا هنا لتضخيم الأمور أو صب قطرات من الزيت على رؤوس النيران التي في كل مرة تطلع علينا بشكل مغاير.. لكننا نريد أن نشد على يد هاته الزمرة ونوجهها بلطف لحقيقة العالم اليوم الذي تحكمه التسارعات والتجاذبات وذلك على مقاس (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) ونُشير لها بالبنان أن الإنسانية هي من صميم النوايا الحسنة وجذور الخير أينما حل وارتحل في بقعة من بقع العالم؟! ـ ولا فرق بين أعجمي وعربي إلاّ بالتقوى والعمل الصالح والبصيرة العادلة كما ورد في الحديث القدسي ـ
ناهيك عن بعض الجزئيات التي تعني فيما تعنيه أن الحضارة وصناعتها (وبشهادة كبار المؤرخين) لم تكن في يوم من الأيام حكرا على وطن دون آخر أو أمة دون أخرى… بل هي تراكمات لجهود كل بني الإنسان بلا استثناء.. حتى لا نقول كما قاله أحد العلماء الألمان أن الحيوان والطير والزواحف لهم دور كذلك في وصول الإنسان إلى ما وصل إليه اليوم من تقدم وراحة نفسية بعد أن عانى بشاعة الويلات والحروب والصدمات.
لقد وجب علينا أن نقف في صف أفكار العلامة عبد الحميد ابن باديس يوم قال: (نحن أمازيغ عرّبنا الإسلام) وهي قمة الوسطية والتقديرات في علم الأصول.. بل في أدبيات النبوغ والطموح الإنسانيين؟! والعروبة لم تكن في يوم من الأيام وصمة عار قدر ما كانت روحا مسكونة في الوجدان تحتاج فقط لمن يفسح لها المجال ويزكيها. بل من يفسح لها المجال كي تعبر عن ذاتها وتختار لنفسها لغة توحّد فيها كيان جيل بعد جيل وجهود أبنائها ، لكن للأسف الشديد (وهذا ديدنها) يوم ارتبطت بالرسالة المحمدية وبالإسلام كإطار عام ـ وهذه قدرة الله العظيم الجبار ـ (لقد أنزلناه قرآنا عربيا) فحام حولها الأعداء والحاقدون حتى من بني عمومتها من أجل تركيعها، وجعلها مجرد تابع باسم عدة مسميات منها الامبريالية والإقطاع. وحتى حقوق الإنسان على مقاس العقل الغربي؟
مما أفضى إلى صراع تاريخي محتدم يتقدمهم في الصفوف الأولى معشر اليهود لأنهم كما يقال عرفوا من أين تؤكل الكتف… يوم سارعوا وبذكاء ملفوف بكثير من الخبث إلى السيطرة على هياكل ومفاصل الاستقواء (فكانت لهم البنوك… والإعلام والسينما) وتمادوا ضمن تقاريرهم الاستخبارية وبروتوكولاتهم في اللعب على المسائل الحساسة (أهمها الدين والجنس والسياسة) وقد كان لهم ما كان مما جعلهم الأكثر تأثيرا في العالم متخذين من شعارات (الأرض الموعودة وشعب الله المختار) دساتير تقنع ذواتهم المتعطشة لتزييف التاريخ…. وبناء فكر يقوم على الاحتكار والاحتقار؟.
كان على جريدتنا الجزائرية ألا…. تبرز حقدها وبالمقابل تفضح نفسها أمام الرأي العام، لأنها ظلت تعتبر بأن العروبة هي سبب التخلف والانبطاح وأن الارتماء في حضن الغرب هو سبيل النجاح… إشباعا لأفئدة ظلت تنادي بأن العروبة والإسلام هما عين الظلم.. أو قل الظلم عينه؟! كذلك نقول بأننا نعتز بالأمازيغية كحضارة… وأن كثيرا من رموزها صنعوا مجد هذا الوطن، وأمدوه بالنفس والنفيس ولنا آلاف الرموز والشخصيات التي لا يتسع المقام إلى ذكرهم من الونداليين إلى قادة الثورة التحريرية إلى المثقفين الذين دافعوا بالقلم عن حياض هذه الجغرافيا التي في كل مرة تصنع مجدا.
شاعر وناقد أدبي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com