حكم من يصلي وهو مكتوب على ظهر ثيابه كتابات إشهارية
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com
الفتوى رقم: 539
الســـــؤال
قال السائل: قمنا للصلاة، فقام أمامي مصل يرتدي ثوبا على ظهره كتابة بالفرنسية فيها إشهار لشركة أجنبية مع شعارها. فشغل انتباهي وحال بيني وبين الخشوع. فأغمضت عيني وصليت، لأحافظ على الخشوع، فهل يجوز لي تغميض العينين في الصلاة في مثل هذا الحال؟ وما حكم من يصلي وهو يحمل على ظهره تشويشا لمن خلفه بتلك الكتابات؟ وما حكم كتابات ورموز الإشهار للماركات الأجنبية؟؟ على الظهور والصدور.؟
الجـــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: قال الله تعالى:﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (الأعراف:26) وقال تبارك وتعالى: ووجه الاستدلال بالآية أن من يحمل على ظهره شعارا إشهاريا لماركة مسجلة أجنبية فليس ذلك من التقوى. ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ (الأعراف:31) ووجه الاستدلال بهذه الآية، اللباس الشرعي عند كل مسجد لاتكون على ظهره تأييد لشركات وشعارات عدائية.
اللباس جُعِلَ لأهداف صحية وإنسانية وأخلاقية وتعبدية. ويشترط فيه الصورة المحتشمة، والجميلة التي تعبر عن الوقار، والهيبة، والرجولة، والمروءة، كما يعبر الباس عن الشخصية السوية. والكتابة، وخاصة باللغة الأجنبية والرسوم والصور على الظهر، والصدر، كل ذلك مخالف للشخصية الإنسانية، والآداب الإسلامية. ففي الحديث عن أبي هريرة، قال: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ] (أبو داود:4098)
ولباس التقوى للرجل، أن يكون معبرا عن الرجولة، خاصة عند الوقوف في الصلاة لمناجاة الله تعالى. فكيف يسجد المصلي لله سبحانه، وعلى ظهره عبارات إشهار وتأييد لأعدائه؟؟ ولباس التقوى للمرأة المسلمة يجب أيضا أن يعبر لباسها عن شخصية المسلمة التقية المحترمة. كما بين النبي صلى الله عليه وسلم. عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:[يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا] (أبو داود:4098) فالبنت المسلمة أيضا لا يصح ولا يجوز لها أن تحمل في ثيابها كتابات وشعارات ورسوما وصورا. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: (فقام أمامي مصلي يرتدي ثوبا على ظهره كتابة بالفرنسية فيها إشهار لشركة أجنبية مع شعارها. فشغل انتباهي وحال بيني وبين الخشوع. فأغمضت عيني وصليت، لأحافظ على الخشوع، فهل يجوز لي تغميض العينين في الصلاة؟)
أقول له: الأصل في المصلي أنه لايغمض عينيه في الصلاة، وإنما ينظر إلى مكان سجوده، ويصلي. وفي الخلاصة الفقهية:{ومن المكروهات تغميض عينيه إلا لخوف وقوع بصره على ما يشغله عن صلاته} (ص:81) وفي الشرح الكبير:في الحديث عن المكروهات في الصلاة: {(وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ) لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِيهَا} وفي حاشية الدسوقي:{(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِيهَا) أَيْ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ هُوَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ غَيْرُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ التَّغْمِيضَ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِي الصَّلَاةِ وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ التَّغْمِيضِ مَا لَمْ يَخَفْ النَّظَرَ لِمُحَرَّمٍ أَوْ يَكُونُ فَتْحُ بَصَرِهِ يُشَوِّشُهُ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ التَّغْمِيضُ حِينَئِذٍ} (1/254)
ولا يكره التغميض في حال خوف المصلي التشويش على خشوعه في الصلاة، بل يستحب للمصلي إذا كان أمامها ما يشغله عن صلاته أن يغمض عينيه. ويقال للسائل: وحسنا فعلت عندما أغمضت عينيك وأتممت صلاتك بخشوع، وأسأل الله تعالى أن يهدي أولئك الذين يحملون على ظهورهم الشعارات والماركات الأجنبية، ليخدموهم بالمجان.!!!. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: ورد في فقه السنة.{تغميض العينين: كرهه البعض وجوزه البعض بلا كراهة،
قال ابن القيم: والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهناك لا يكره التغميض قطعا والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة} ( فقه السنة:1/269).