من هــــدي أخـــــلاق رســـول الإســــــــــلام -صلى الله عليه وسلم-
أ. حشاني زغيدي
لقد كانت حياة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم عامة، ليس فيها من الخصوصية، فيخفى شيء من جوانبها، كانت حياته صلى الله عليه وسلم سنة عملية يقتدى بها، كانت حياته واضحة المعالم، حياة نقرأها ككتاب مصور، نجد فيها النموذج التطبيقي الصحيح، نموذج واقعي يتناغم مع فطرة الإنسان في كل جوانبه الحياتية، فحياة رسول الله دعوة لكل معاني الخير والفلاح والرشاد .
فاليوم نستعرض جوانب مضيئة من سيرة رسول الله من خلال سيرته العطرة، نستحضر حياته المشرقة، نرى بينيان هذا البيت العامر بالإيمان، نستعرض حياته من صحيح سنته، نحاول عرضها بإيجاز بأسلوب بسيط .
كان الرسول في صلى الله عليه وسلم كل حياته حسبة لله تعالى، كانت حياته طاعة وعبادة، فكان حسن الخلق، طيب العشرة؛ حتى استحق ثناء الله عز وجل ومدحه يقول الله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} سورة القلم
وقال عن أدبه صلى الله عليه وسلم « أدبني ربي فأحْسن تأديبي» بهذه التربية السليمة التي خص بها كان بيته أفضل البيوت خلقا وأدبا .
فكان رسول الله صلى الله علية رحيما رفيقا، لينا في غير ضعف، يعفو ويصفح، يميل لليسر، يظهر البشر في وجهه، يسلم على من يلقاه، يكرم الضيف، يحسن الجوار، كان لا يدعو إلا بخير، يكره المدح، يحب الكرم والجود، كانت حياته قرآنا كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – أحرص الناس على صلة الرحم، فكان برا بأرحامه؛ يخدمهم ويشاركهم، حتى نال تزكية ومدح قريش أهله فوصفوه بالصادق الأمين، ثم نال تزكية رفيقة دربه السيدة خديجة رضي الله عنها بقولها:« «كلا، أبشر، فو الله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».
كان صلى الله عليه وسلم يتواضع للمرأة المسكينة ويمنحها من وقته المليء بالأعمال، يقضي حاجتها ويلبي طلبها في المكان الذي تطيب نفسها فيه، هذا لسمو خلقه . .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن امرأة جاءت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالت له: إن لي إليك حاجة، فقال: «اجلسي في أي طريق المدينة شئت أجلس إليك» (رواه أبو داود ).
وكان أفضل الخلق، حسن معاملة الخدم والعمال ـ كان يرفق بهم، ينزلهم منزلة تليق بكرامة الإنسان ، من هذا المنطلق يحق لمنظمات حقوق الانسان أن تدون السنة المطهرة في دواوين الفخار لعظم القيم الانسانية التي جاءت بها
يقول رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم في حق الخدم والعمال:«هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم»(رواه مسلم ).
أين نحن من المنظمات الراعية لحقوق الطفولة التي ضاعت في زمن تعفن القيم؟ أين الذين يتطاولون على رسولنا الذين يكيلون التهم الباطلة أين أنتم من هدي رسولنا ؟
كان ينزل الأطفال منزلة الرحمة والإشفاق، يلبسهم عطفه وحنانه، يقبلهم يضمهم إليه، يمسح على رؤوسهم، كانت رحمة عامة لجميع الناس
قال الله عن نبيه – صلى الله عليه وسلم-:{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: 128].
وقال تعالى:{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: 159].
في غمرة الصلاة التي هي قرة عين النبي – صلى الله عليه وسلم – وراحته، فإن فيض الرحمة تحمله ليخفف الصلاة، رحمة لبكاء الطفل الصغير، الرحمة التي أودعت قلبه الرحيم – صلى الله عليه وسلم – في الأرض والسموات وفي الملأ الأعلى .
فأين هي الرحمة التي تغنى بها الغرب ؟
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وسلم فقال:«إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها من النار» رواه مسلم.
هذه بعض قطوف السنة العطرة وهذه بعض نفحات سيرته العطرة
نقول للمتعصبين والغلاة المتطرفين من الحاقدين على الإسلام وهديه، هذه هي قيم ديننا الحنيف صفحة بيضاء، نقول كفوا ألسنتكم عن رسول الإسلام، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .