مساهمات

الاختبارات الصادقة في الـمناهج التربوية الحديثة

د.خالد شنيون/

 

يشهد البحث التربوي في الآونة الاخيرة تطورا مذهلا، وفي مختلف مجالات تنشئة النشىء وصقل قدراتهم ومواهبهم بالكفاءات اللازمة لمجابهة تحديات الحياة، سواء على المستوى الفردي في الشخصية، او على مستوى المؤسسة والمجتمع، حيث تعد التربية أكبر محرك للنمو والتطور في أي زمن، وفي ظل ذلك تسعى المناهج التعليمية إلى توفير برامج وبيئات تعليمية مبنية على مقاربات معاصرة، محفزة ومحببة للتعلم وتحقق الاهداف بأقل جهد، حيث لا تتوانى منظومة التربية في التدخل لكف أي متغير قد يشوب الرضا التعليمي لدى التلاميذ وحريته التربوية لا السلوكية في المدرسة، ونفس الشيء بالنسبة لجو الأداء لدى المعلم.
وفي ظل هذه التحديات والعوامل نجد ان تطوير البرامج والطرائق والوسائل التعليمية وايلاء الاهتمام للعوامل المعرفية والتكنولوجية والنفسية والوجدانية في التعلم، هي تحديات علمية وتطبيقية، تتطلب تضافر جهود المتخصصين من الباحثين والخبراء من البيداغوجيين المنفذين للعملية التعليمية من المعلمين، وكذا المشرفين، في شكل تخطيط مدمج بل وضعية إدماجيه تقترب من سياق المحتويات التعليمية، حيث التكامل الذي لا يقبل التجزئة، هذا ناهيك عن ان التجديد والتطوير في المناهج شمل حتى التصورات التعليمية، حيث تعد هذه الاخيرة خلفية للتعامل مع الفعل التعلمي والتعليمي والتقويم، ان لم اقل التصحيح والتصويب والتعديل في سلوك المتعلم اثناء التعلم، حيث اولى الباحثون اهتماما خاصا للقياس والتقويم في العملية التعليمية، ويذكر ان الامتحانات والاختبارات لم تعد مثل ما كانت عليه في ما سبق، تختبر الذاكرة وتتطلب استرجاع المعلومات، بل تجاوزت ذلك الى سياقات استعمال المعرفة المحصلة او المبنية وتوظيفها في مواقف يستشرفها المتعلم، والمعلم معا للحدوث، حتى أضحت تعبر عن مشكلات وحل مشكلات على اعتبار أننا لا نتعلم المعلوم، وانما نتعلم لفك المجهول، ونعطى استراتيجيات لحل المشكلات، لأن المشكلات في المجتمع وتطور المجتمع لا يتكرر منه الا القليل، وحينها يركز خبراء القياس النفسي وبناء الاختبارات النفسية والاختبارات التحصيلية، على ان هذه الاخيرة تعنى اكثر بالمواقف الاختبارية حول الظواهر موضع القياس، وليس قياسا يختبر معلومات في الذاكرة على اساس معدل الأداء الجماعة من زملاء الممتحن، وحينها نطرح التساؤل الكبير، وهو هل الاختبار تقويم أم تقييم واصدار احكام فقط، وهل مواقفه ترتبط بما يجابه المتعلم في المستقبل، أم في الماضي من مواقف تعليمية تعلمية، ولعل الجواب هو أن التعليم تقويم، والاختبار تقويم وتصحيح، معياريته هي التعديل والتصويب في السلوك تجاه المعرفة والكفاءات والقيم …الخ، لا استرجاع معرفة فقط، كما ان صدقه ينطلق من انه يرتبط فعلا بشمولية كل مواقف التعلم التي مر بها المتعلم، هذا ناهيك عن عامل التمييز والصعوبة حيث تتطلب تقنينا خاصا بداية من تحديد الهدف من الاختبار واستعمالات نتائجها غاية الحصول على ارقام فيه تعبر عن مقدار صادق من عينة السلوك موضع القياس..
*استاذ علم النفس التربوي وباحث في القياس النفسي وبناء الاختبارات / جامعة الجزائر 2

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com