بريطانيا تستعيد دورها
أ. محمد الحسن أكيلال/
منذ أيام مضت قام وزير الداخلية في الحكومة البريطانية، في مجلس العموم البريطاني، بتقديم لائحة لوضع حركة “حماس” الفلسطينية في قائمة المنظمات الإرهابية ومنع الجمعيات المساندة لها في بريطانيا من أي نشاط في الأراضي البريطانية؛ رغم أن هذه الحركة من فروع حركة الإخوان المسلمين التي تأسست في عام 1928 أثناء الانتداب البريطاني على مصر والتأسيس كان بعلمها وبموافقتها، بل هناك من يقول أن ذلك بإنجاز منها.
هذا القرار في هذا الوقت بالذات ينم عن تفكير عميق وطويل مستحضرًا كل ما جرى ويجري في المنطقة من تطورات وتحولات متسارعة تضع الكيان الصهيوني في مربع الخطر المحدق الداهم في أية لحظة.
فآخر المعارك التي خاضها ضد المقاومة الفلسطينية “حماس” و “الجهاد” الإسلاميتين وما تلا هذه المعركة من إعداد وتطوير للجاهزية تكوينا وتدريبا وتسليحا، كل هذا يشير بوضوح إلى إمكانية قدرة المقاومة في الحرب القادمة، وخاصة أنها ستكون من جبهات عديدة، على استئصال هذا الكيان المحتل وإزالته نهائيا.
والولايات المتحدة الأمريكية بعد انسحابها المذل من أفغانستان لا شك أنها بصدد الانسحاب أيضا من كل إقليم الشرق الأوسط، من العراق وسوريا، ومن اليونان وقبرص.
وبريطانيا العظمى بأجهزة مخابراتها العريقة والقوية لا يخفى عليها أحوال الولايات المتحدة وأوضاعها المختلفة، وأهمها بداية ضعفها الظاهر من الناحية الاقتصادية والمالية والتكنولوجية مقارنة بخصومها، الصين الشعبية والاتحاد الروسي، خاصة في جانب الأسلحة الذكية كالطيران والدرونات والصواريخ الـــسبرصوتية ومختلف أنظمة الرادارات؛ بالتالي أرادت المملكة المتحدة استرجاع ما أخذته منها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية من زعامتها للعالم الحر، وهي تدرك فضلها على الحركة الصهيونية في العالم، إنها هي التي خلقت دولة الكيان وغرسته في محميتها “فلسطين” ووفرت له كل أسباب الرعاية والحماية إلى حين اشتد عوده وأصبح قادرًا على إلحاق الهزائم العسكرية بكل الدول العربية المحيطة به. فالأوان أوان إنقاذ هذا الكيان من خطر الزوال إن أمكن بالحفاظ على المكتسبات التي حققها في السنوات الأخيرة، وأهمها التطبيع.
أول الأخطار تحالف الدول الإسلامية الكبرى على اطمئنانها الكامل على جانب الدول العربية المحيطة بالدولة العبرية باستثناء سوريا والعراق لكن الشعور بالخوف عن جانب الدول الإسلامية الكبرى كتركيا وباكستان التي إن تقربا من بعضهما وبإيران جمهورية أفغانستان، فالدولتان بدأتا فعلا تبادل الإشارات الودية حول إمكانية التفاهم، ولم لا التحالف ضد عدو الإسلام والمسلمين.
هذا في الشرق، وفي غرب البحر الأبيض المتوسط تجلى للعيان عملاق آخر يهدد الكيان الصهيوني وكل حلفائه في أوروبا الغربية، إنه الجزائر.
الجزائر التي افتكت سيادتها واستقلالها بقوة الحديد والنار من استعمار استيطاني فرنسي دام قرنا وربع قرن.
فالجزائر تمتلك جيشا قويا له من المهارات القتالية التي اكتسبها في حرب التحرير ثم محاربة الإرهاب ما تجعله من الجيوش الخطيرة في المنطقة، وخاصة أنه أصبح يتربع على حضيرة أسلحة فتاكة بحرية وجوية وبرية أظهرت في المدة الأخيرة قدرتها على مواجهة الغرب ندا لند في غرب البحر الأبيض المتوسط، زيادة على كونه يتمتع بعقيدة عسكرية وطنية ترتكز على مبادئ وقيم ومثل عليا تفرض على القوى الغربية نفسها احترامها.
كما أنها ذات ماض ثري بتجارب الكفاح والنضال ضد الامبريالية والاستعمار، بحيث ساهمت في تحرير أقطار إفريقية كثيرة منه، وهي اليوم تواصل مسعاها لتنظيف القارة السمراء من بقاياه كالفرنسيين والصهاينة الذين يستعملون كل الوسائل لاختراق الأنظمة والدول الضعيفة لإقامة علاقات طبيعية معها ظاهرها التعاون وباطنها تخريب هذه الشعوب والدول لتسهيل بقاء الدول الإمبريالية فيها. والجزائر وحدها تحارب هذا السرطان في القارة دون مساعدة من أحد حتى الدول التي تجمعها معها جامعة الدول العربية التي أصبحت في السنوات الأخيرة مفرقة للعرب بدل تجميعهم.