انتخابات هادئــــة برهانات حاسمــــة
أ. عبد الحميد عبدوس/
بعد إعلان النتائج المؤقتة لانتخابات المجالس الشعبية المحلية (البلدية والولائية) المسبقة التي جرت في 27 نوفمبر 2021 يكون مسار تجديد المؤسسات المنتخبة قد أوشك على الاكتمال، في انتظار تشكيل مجلالأمة الذي يضم منتخبي المجالس المحلية، وثلثا رئاسيا يعين من طرف رئيس الجمهورية. هذه الخطوة تمثل نظريا نهاية العهد السابق المعروف في التداول الإعلامي بمصطلح «حكم العصابة»، حتى وإن كانت الأحزاب السياسية الفائزة في هذه الانتخابات الجديدة تنتمي في أغلبها إلى القوى السياسية التي كانت مهيمنة على المشهد السياسي في العهد السابق . كان من المفروض أن تنتهي عهدة منتخبي المجالس الشعبية البلدية والولائية المنصرفة التي تمتد لخمس سنوات في نوفمبر القادم (2022)، لكن الرئيس عبد المجيد تبون قرر تنظيم انتخابات مسبقة، ووقع في شهر أوت المنصرم مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات المحلية يوم 27 نوفمبر 2021.
يرى مسؤول السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن انتخابات 27 نوفمبر 2021جرت في ظروف هادئة وسلسلة، وتميزت بمشاركة كافة الأطياف السياسية ضمن قوائم حزبية أو مستقلة وشملت كل مناطق الوطن، والجديد هو تسجيل ولايتي تيزي وزو وبجاية المعروفتين عادة بارتفاع نسبة المقاطعة فيهما في السابق تقدما ملحوظا في نسبة المشاركة، حيث بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية بولاية تيزي وزو 20 بالمائة وفي المجالس الولائية 15.17 بالمائة، أما في بجاية فقد بلغت نسبة المشاركة في المجالس البلدية18.36 بالمائة والولائية 14.77 بالمائة، وعلى المستوى الوطني فإن نسبة المشاركة فقد ارتفعت إلى أكثر من 36بالمئة، وتعتبر بذلك ثاني أعلى نسبة في المسار الانتخابي الجديد بعد النسبة المسجلة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر 2019، حيث بلغت نسبة المشاركة 39.8%، ثم تليها نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 جوان2021 التي بلغت 30.2%، بينما سجلت أضعف نسبة مشاركة في الاستفتاء على تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020 التي تعدت بقليل نسبة 23%، وإذا كان البعض يجادل بأن نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية في عهد الرئيس تبون تبقى ضعيفة مقارنة بمثيلاتها في الانتخابات التي جرت في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وفي العهود التي سبقته، فإن مسؤولي السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات يفسرون هذا الأمر بظاهرة التضخيم الإداري لنسب المشاركة التي كانت أبعد ما تكون عن الارقام الحقيقية لنسب للمشاركة. وسبق للرئيس عبد المجيد تبون أن أكد أن «الهدف هو الوصول إلى مؤسسات شرعية بأتم معنى الكلمة، وهو ما وصلنا إليه فلا أحد يمكنه القول أنه تم تغيير نتائج انتخابات المجلس الشعبي الوطني. وهذا هدف وصلنا إليه».
والملاحظ أنه بعد تنصيب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تم تأسيسها في 14 سبتمبر 2019 وهي تتكون من أساتذة جامعيين، وقضاة، وإعلاميين، ومحضرين قضائيين، وناشطين جمعويين، وأنشئت لتحل الهيئة محل وزارة الداخلية في تنظيم الانتخابات والإشراف عليها بدأت تتراجع شكاوى الأحزاب من آفة تزوير الانتخابات وسرقة أصوات الناخبين والتلاعب بنتائج الانتخابات، وكانت أول انتخابات نظمتها هذه الهيئة هي الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر 2019.
تميزت الانتخابات المحلية الجديدة في رأي مسؤولي السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، عن الانتخابات السابقة بظاهرة مشاركة عدد معتبر من المرشحين الشباب وذوي الكفاءات العلمية، كما خلت الحملة الانتخابية من التجاوزات الخطيرة، وتبادل خطاب الكراهية بين المتنافسين، ومن استعمال العنف ضد المؤطرين، وحشو الصناديق، واستعمال التزوير في محاضر الفرز، وتضخيم نسب المشاركة، وباستبعاد المال الفاسد وسد الطريق أمامه حتى لا يلوث العملية الانتخابية. وبخصوص هذه الانتخابات المحلية ذكرت وسائل إعلامية «أن الأحزاب السياسية لم تشكك هذه المرة في نتائج الانتخابات المحلية، ولم تتحدّث عن التزوير، بقدر ما أكدت أن هذه الاستحقاقات كرّست بقاء نفس الخارطة السياسية التي كانت سائدة سابقا».
رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الدكتور محمد شرفي كان قد أعلن يوم الثلاثاء 30 نوفمبر المنصرم في ندوة صحفية نشطها بقصر المؤتمرات عن ترتيب القوائم الفائزة والتي تصدرتها قائمة حزب جبهة التحرير الوطني الذي أكد ريادته السياسية وعزز مكانته الأولى في المنافسة الانتخابية حيث كان قد تحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الماضية ،وتلتها قائمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي صعد إلى المرتبة الثانية بعد أن كان في المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية، وحصل المستقلون على المرتبة الثالثة مما يدل على انفتاح الساحة السياسية ودور الكفاءة الشخصية في تحقيق الفوز الانتخابي، ثم جاءت قائمة حزب جبهة المستقبل التي تشكل قوة سياسية صاعدة ما فتئت تحقق المزيد من التقدم والانتشار مع تعاقب المنافسات الانتخابية، أما قوائم حركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني وكلاهما ينتسب للحقل السياسي ذي المرجعية الاسلامية فإنها عرفت بعض التراجع في الاستحقاقات المحلية ولكنها مازالت تشكل قوى سياسية متجذرة في الواقع الوطني.
قدرت الهيئة الناخبة بـ23.717.479، وسخر لهذه الانتخابات 1.228.580 مؤطرا، ووصل عدد الناخبين إلى 7.5 ملايين ناخب أدلوا بأصواتهم في الانتخابات البلدية بنسبة مشاركة بلغت 36.58 بالمائة، فيما بلغ عدد الناخبين في الانتخابات الولائية 9,6 ملايين بنسبة مشاركة 34.76 بالمائة.. وجاء ترتيب القوائم الفائزة في هذا الاستحقاق حسب عدد المقاعد المحصل عليها كما يلي:
حزب جبهة التحرير الوطني(الأفلان): المجالس البلدية 5978 مقعدا حصل على الاغلبية بـ 124 بلدية عبر 42 ولاية. وأغلبية نسبية بـ 552 بلدية عبر 55 ولاية.
حزب التجمع الوطني الديمقراطي (الارندي): تحصل على 4584 مقعدا عبر 58 بلدية عبر 27 ولاية. بينما تحصل على الأغلبية النسبية في 331 بلدية عبر 27 ولاية.
القوائم المستقلة: تحصلت على 4430 مقعدا الاغلبية بـ 91 عبر 24 ولاية. بينما النسبية بـ 344 بلدية عبر 48 ولاية.
حزب جبهة المستقبل: المجالس البلدية تحصل على 3262 مقعدا منها الاغلبية عبر 34 بلدية بـ 18 ولاية والاغلبية النسبية في 228 بلدية عبر 44 ولاية.
حركة البناء: تحصل على 1848 مقعدا وحصد الاغلبية بـ 17 بلدية عبر 10 ولايات. وكذا الاغلبية النسبية بـ 125 بلدية عبر 21 ولاية.
حركة مجتمع السلم (حمس): تحصل على 1820 مقعد الاغلبية بـ 10 بلديات عبر 8 ولايات. بينما المقاعد النسبية 101 بلدية عبر 36 ولاية.
حزب جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس): المجالس البلدية 898 مقعدا الاغلبية 47 بلدية عبر 7 ولايات والاغلبية النسبية بـ 65 بلدية عبر 7 ولايات.
حزب صوت الشعب: تحصل على 576 مقعدا بالمجالس الشعبية البلدية ، وفاز بـ3 بلديات بالأغلبية المطلقة عبر ولايتين، و بـ 45 بلدية بالأغلبية النسبية عبر 21 ولاية.
حزب الفجر الجديد: تحصل على 258 مقعدا، وأغلبية مطلقة في 2 بلديتين.
حزب الحرية والعدالة: تحصل على 242 مقعدا، وأغلبية مطلقة في 2 بلديتين.
حزب جبهة الجزائر الجديدة : تحصل على 166مقعد ، وأغلبية مطلقة في 2 بلديتين.
حزب جبهة الحكم الراشد: تحصل على 138 مقعدا ، وأغلبية مطلقة في 1 بلدية واحدة.
أما بقية القوائم المشاركة في هذه الانتخابات فقد تحصلت على عدد من المقاعد ولكنها لم تفز بالأغلبية المطلقة في أية بلدية من البلديات.
إذا كانت الانتخابات المحلية قد جرت في ظروف هادئة فإنها تعتبر من أهم الاستحقاقات الانتخابية المتعلقة برهانات حاسمة مؤثرة على معيشة المواطن ومستقبل التنمية الوطنية وضمان الحقوق الأساسية وتحسين الإطار الحياتي للساكنة.