علامات استفهام وتعجب ممَّا يحدث في المغرب!

أ.د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
يا جماهير أمتنا العربية، والإسلامية، أطلّي واشهدي! ويا ملائكة الأرض والسماء تعالي فاكتبي وسدّدي، فهذا هو عدونا، اللدود، يقف على حدود جارنا المغرب، يرغد، ويزبد، ويهدد استقراري ومقصدي.
لم تُجدِ –إذن- كل نداءات التآخي، والتعايش والنأي بشعوب المغرب العربي، وعدم الإلقاء بها في أتون الحلف المدنس، بين مهندس الشر، والشيطان الأخرص.
لقد ضعُف الحاكم والمحكوم، وجبُن العالِم والعامي الغرّ المصدوم، وفعِل بالجميع فعل المتعدي المأزوم، وها هو المغرب الشقيق، يُقدَّم على طبق من خزف، إلى عدونا وعدوكم المعلوم.
رحماك ربي بمصيرنا، فما كنا نظن، وبعض الظن إثم، أن تنزع القداسة من العقول، والحقول، ويتحول عدو الله، وعدو الشعوب إلى آمر في أراضينا، يحول ويصول، ويستقبل من بعض الأشرار «بالزرنة» وهز البطون على أنغام الطبول.
إنها نذر شؤم –والله- هذه التي تبعث بها حدودنا الغربية، فتصدم الإنسان، وتجول الحليم إلى حيران، وتمكن لقوى الشيطان، من الإنس والجان.
فما دهى إخواننا في المغرب ؟ وأية عين لامة ألمّت بهم، فأصابتهم في موطن العفة الوطنية، وألقت بهم في فجاج المكائد والمؤامرات الصهيونية؟
فهل من الوطنية طعن أشقائنا الفلسطينيين في الظهر؟ وهل من العقيدة الإسلامية، إخضاعهم للمزيد من القهر تحت طائلة ما يسمى بحلف العهر؟
إننا نبرأ إلى الله، مما فُعِل ويُفعَل بقضية القدس الطاهرة، وعدالة الملحمة الفلسطينية الظاهرة، والكيد قبل هذا، وبعد هذا، ضد أمن واستقرار، ووحدة الشقيقة الجزائر القاهرة.
لحاها الله، ظلمات تراكمت فوق سماء جارنا المغرب، فبددت آمال وحدة المغرب العربي، وبعثرت أحلام شعوبه التواقة إلى الأمن، والأمان، وإلى الوحدة والإطمئنان، لتشد عضد الإنسانية والإنسان، في جميع أنحاء البلدان.
هل تنقشع هذه السحب الدكناء، عن سمائنا الصافية الزرقاء، فيسود فيها الخصب والنماء، وتبدد العواصف الهوجاء، المنذرة بالحقد والبغضاء، والتآمر والعداء؟
إننا بالرغم مما هو سائد، نظل متفائلين بمستقبل الشعوب، ولاسيما شعوبنا العربية والإسلامية، ذلك لأن هذه الشعوب مؤمنة بالله الحق العادل، وكافرة بالشيطان المريد الخاذل.
فالإيمان بالحق الإلهي، يكسب المؤمنين القوة والثبات، ويهبهم النصر بالتغلب على الشتات، ويزودهم بالقيم الإنسانية العليا، التي تجعلهم جند الله من المولد إلى المماة، طيلة الحياة.
في ضوء هذا كله نعود إلى ما استبد بنا من علامات الاستفهام والتعجب التي ركبها فينا الواقع المتأزم على حدودنا الغربية، هذا الواقع الذي لم نجد له تعليلا أو تأويلا في فقه أي دستور أو قانون.
فالعلاقة بين الحق والباطل، ظاهرة للعيان وهي من البداهة والجلاء بحيث لا تحتاج إلى أي دليل وبرهان.
فمنطق الشعوب المقهورة، حيثما وجدت، منطق يلتقي حوله العام والخاص، والعالِم وخاصة الناس، فكيف غاب هذا المنطق على القائمين في الشأن المغربي، على مختلف المستويات؟
إن الجن والإنس يسلم بعدالة القضية الفلسطينية، في صراعها على الحدود، ومن أجل إثبات الوجود.
وإن قدسية الأقصى والقدس الشريف، لا يماري فيها إلا ناقص عقل أو دين، فكيف يجرؤ البعض منا، وفيهم العالِم النحرير، والمجاهد من التحرير، والكادح في سبل البناء والتعمير، كيف يجرؤ على جلب العدو الشرير، في هذا الزمن العسير؟
فوا عجبا، لمن يتواطؤ من المتحالفين مع الأشرار، ووا أسفا، لمن يناوؤون العداء للمجاهدين الأطهار، والبررة الأخيار!
فقد قلبنا صفحات التاريخ في منطقتنا، فما وجدنا أنكى، ولا أفظع مما أقدم عليه ساسة المغرب، من توطئة أكناف البلد الشقيق العزيز علينا، أمام شرذمة الصهاينة، والتمكين لهم في أرضه، والإقدام بكل جرأة على توقيع المعاهدات المشؤومة معه.
فهل يعني هذا قيام الساعة في هذا البلد الشقيق؟ إننا لا نجد من تفسير لهذا الذي يسود، سوى ظهور علامة من علامات الساعة، ذلك أن جلب اليهودي الصهيوني المعتدي، المغتصب، إلى منطقتنا الآمنة، ليفسد علينا أمتنا وقومنا، إن هو إلا نذير شؤم، ستكون له عواقبه الوخيمة، ليس على الذين كانوا سببا في جلبه، بل حتى على الأبرياء، العزل الذين لا ذنب لهم إلا أن يقولوا ربنا الله.
وبعد فقد قال الساسة المغاربة كلمتهم المذمومة، وفعلوا فعلتهم المشؤومة، بوضع أيديهم في أيدي الصهاينة المسمومة، وبقي على جماهير أمتنا الإسلامية، وعلى علماء ومثقفي وأحرار شعوبنا الأبية، أن ينسخوا الكلمات والمعاهدات بالأعمال والانجازات.
فلئن ثبت هذا الحلف المشؤوم، ولوّث مغربنا العربي المعلوم، لئن ثبت هذا، ونحن عصبة، إنا إذن لجمع مأزوم، وذو وعي مذموم.
نحن نؤمن، بأنه مهما ادلهت ظلمات الليالي، وقصرت –مؤقتا- القوى الحية عن بلوغ المعالي، فإن المستقبل حقا سيكون للشعوب، وسيتحقق عاجلا إن شاء الله الأمل المطلوب، فتزول بذلك علامات الاستفهام والتعجب التي تلغم الحقول، وتنغص العقول، فتعود البسمة والطمأنينة إلى شفاه ووجوه الممتطين لصهوات الخيول، فالحق منتصر ولا يمكن بأية حال أن يزول.