اعرف عدوك …ستنتصر/علي حليتيم
لن “تكون هناك دولة فلسطينية”، هو عنوان كتاب جدير بالقراءة نشره “زياد كلو” عام 2010م. هذا المحامي الفرونكو – فلسطيني الذي لا يتكلم العربية كان ضمن وفد منظمة التحرير الفلسطينية المفاوض في عملية السلام التي أطلقها “جورج بوش” من “أنابوليس” في سنة 2007م، والتي كان يفترض أن تتوج بإعلان الدولة الفلسطينية.
ويكشف الكاتب بالحقائق والأدلة أن المفاوضات لن تصل إلى نتيجة أبداً، وأنها مجرد ديكور سياسي وإعلامي لإخفاء ما يجري على الأرض: الاستيطان والتهويد والحصار والحواجز وجدار العزل وغيرها.
ويذكر الكاتب كيف أن الرباعية (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) التي تشكلت خلال سنة 2002م عقب احتدام الصراع في فلسطين المحتلة، كانت متناغمة بالكامل مع مواقف اليمين الإسرائيلي الأشد تطرفاً، وأنها لم تحاول أن تقدم شيئا، ولو رمزياً للفلسطينيين، الذين لم يكونوا متحمسين جداً لإحراج الإسرائيليين.
لكن ما قاله “زياد كلو” بصوت منخفض كشفته جريدة “الجارديان” بشكل مدوٍ بعد ذلك بقليل!
لقد كشفت الجريدة عبر أكبر تسريب للوثائق السرية في تاريخ الصراع في الشرق الأوسط أن المفاوضين الفلسطينيين وافقوا سرا على قبول ضم إسرائيل لجميع المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة باستثناء مستوطنة جبل أبو غنيم، ووافقوا على التنازل عن الحي اليهودي وجزء من الحي الأرمني، واقترحوا مبادلة جزء من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية شرق القدس بأراض في أماكن أخرى! كما أبدوا استعدادا للقبول بلجنة مشتركة لتولي مواقع الحرم القدسي الشريف (جبل الهيكل عند اليهود) في البلدة القديمة بالقدس، وهي القضية العصية التي أدّت إلى انهيار محادثات “كامب ديفيد” في عام 2000م، وذلك بعد أن رفض الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات -رحمه الله- التنازل عن السيادة على القبة ومسجدي الصخرة والأقصى.
وكان هذا الاقتراح غير المسبوق واحدا من سلسلة من التنازلات التي كان ينبغي أن تحدث أكثر من قرار “ترامب” صدمة وغضبا في الأوساط الفلسطينية والإسلامية؛ لأنه لولا خيانة الدار لما رتع في الحمى عدو المسلمين!
وقال “صائب عريقات” لليهود: (ليس سراً أننا عرضنا عليكم أكبر “يورشاليم” في التاريخ)، وهو كلام صحيح؛ لأن الأمريكيين أنفسهم لم يعطوا لليهود ما أعطاهم المفاوض الفلسطيني.
وعندما طرح عريقات فكرة هيئة مشتركة للإشراف على الحرم القدسي، قال له “جوناثان شوارتز”: (سمعنا هذه الفكرة من قبل، إذا لست أول من يطرحها؟).
فأجاب عريقات مفاخرا بخيانته لله ورسوله وللمؤمنين: “الآخرون ليسوا كبار المفاوضين في منظمة التحرير”.!
وبذلك فقد تنازل المفاوض الفلسطيني عن الأسس الفلسطينية في المفاوضات مع اليهود ألا وهي القدس والحدود، ولم يبق إلا الأساس الثالث وهو عودة اللاجئين، فماذا فعل به مفاوض السلطة الفلسطينية؟
قدم “محمود عباس” للجانب اليهودي عرضا بعودة عشرة آلاف لاجئ في العام لمدة عشر سنوات، وهو ما يمثل مائة ألف لاجئ من مجموع خمسة ملايين أو اثنان في المائة!
لكن “أولمرت” رفض وعرض بدلا عن ذلك عودة ألف لاجئ لمدة خمس سنوات، وقالت “تسيبي ليفني” لصحيفة “جيروزاليم بوست”: (إن عدد اللاجئين المسموح بعودتهم هو صفر)! وقالت “لصائب عريقات” تعليقا على تنازلاته في القدس والحدود: (أعلم أنه لم يكن من السهل عليك أن تفكر في هذه الأمور، وأنا أقدر لك حقا مواقفك، لكننا لا نستطيع أن نقبل مقترحاتك لأنها لا تفي بمطالبنا).
وكشفت الوثائق عن التزام فلسطيني بعدم ملاحقة إسرائيل على جرائمها في أي من الهيئات الدولية [تقرير غولدستون]. وعن مطالبات من السلطة بتشديد الحصار على غزة وموافقة حكومة “عباس” على الاغتيالات بحق قادة المقاومة فبان المستور، وعلى الفلسطينيين أن يدركوا بأن فضح الخونة والمنافقين هو أول الخطو في طريق التحرير، ولهم عبرة في الشيخ الرئيس عبد الحميد بن باديس باعث حركة التحرير الجزائرية الذي كان يقول:
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ…فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ.