لنضع حدا للصلف الأمريكي…/محمد العلمي السائحي
لاحظ الجميع تلك المساعي التي تبذلها ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، لاستنفار دول العالم ضد إيران، بحجة أنها الراعية للإرهاب، والداعمة له، والمشجعة عليه، متخذة من الصاروخ الذي قصف به الحوثيون مطار الرياض في المملكة العربية السعودية دليلا على ذلك، فما غرضها من ذلك؟ وما هي جملة الأهداف التي ترمي إليها من وراء التخطيط لحرب تشن ضد إيران، في هذا الظرف تحديدا، وفي هذا التوقيت بالذات؟
إن من أهم ما ترمي إليه الإدارة الأمريكية من وراء الدفع لإعلان الحرب ضد إيران في هذا التوقيت بالذات، هو شغل العالم وتحويل نظره عمّا تسبب فيه قرار ترامب من تداعيات جد خطيرة، تشير كلها إلى تحولات سياسية ارتدت سلبا على المصالح الأمريكية، بل تنبئ أن وضع أمريكا بدأ يهتز ويتضعضع عما كان عليه الحال قبل صدور قرار ترامب، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، فقد تسبب هذا القرار في تفكك تحالفاته، حيث انشق عنه العاهل الأردني، ورئيس السلطة الفلسطينية، وأضعف موقف حليفه المصري السيسي، الذي عجز عن منع الشعب المصري من التعبير عن غضبه، وتسبب في تمرد الأزهر والكنيسة القبطية عليه، كما عارضه الاتحاد الأوروبي، الذي كان يعول عليه في الانحياز له، ولم تفلح جهود ومساعي حليفه ناتنياهو في حمل أعضائه على تغيير مواقفهم من قراره ذلك.
أما الهدف الثاني الذي ترمي إليه الإدارة الأمريكية من ذلك، فهو توظيف هذه الحرب المزمعة لتحجيم القدرات العسكرية الإيرانية التي بدأت تتعاظم، ممّا يعزّز مكانتها وموقعها، كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في المنطقة.
أما الهدف الثالث، صرف أنظار الداخل الأمريكي عمّا يتعرض له ترامب من ملاحقات بسبب مخالفات ارتكبها قبل وأثناء حملته الانتخابية، والمعارضة تتعاظم ضده يوما بعد يوم، لتمرده على المؤسسات الأمريكية ذاتها، ولارتجاله قراراته.
أما الهدف الرابع فهو يتمثل في إيجاد دور ريادي للولايات المتحدة الأمريكية يسمح لها بالإبقاء على زمام العالم في يديها، فالتحالف الأمريكي الأوروبي والعربي لمحاربة داعش قد زالت أسباب وجود بزوال داعش، فلم يعد هناك من سبب لتواجد أمريكا وأوروبا في المنطقة فلا بد من إيجاد سبب آخر لاستمرار الوجود ولا أفضل لذلك من حرب تشن ضد إيران، ولا سبب أقوى لاستمرار قيادة أمريكا لأوروبا من ذلك.
تلك هي بعض الأهداف والمصالح التي تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على تحقيقها من وراء هذه الحرب التي تستنفر لها دول العالم ضد إيران، فما ذا يتوجب علينا كعرب وكمسلمين اتجاه هذه الحرب؟
ـ يجب أن لا نسمح لهذه الحرب أن تشغلنا أو تلهينا عن قضية فلسطين عامة والقدس خاصة، وأن نستمر في دعم الإخوة الفلسطينيين بكل ما نملك وبكل ما نستطيع لتستمر انتفاضتهم حتى يجبروا العدو الإسرائيلي على الإقرار بحقوقهم المشروعة.
ـ علينا أن نستفيد من أخطاء الماضي ونتفادى تكرارها، فإذا اندلعت هذه الحرب لا قدر الله، فليس لنا أن نقف مع العدو، بل علينا أن ننحاز لإيران، فمهما كانت الخلافات بيننا، فإنها تبقى دولة مسلمة علينا نصرتها، وقد رأينا ما ترتب عن الانحياز للعدو ضد العراق، ما ترتب عن ذلك، من سقوط العراق واستباحة المنطقة برُمتها.
ـ علينا بذل كل المساعي لمنع اندلاع هذه الحرب المتوقعة، لأن اندلاعها سيضر بمصالحنا نحن العرب على وجه الخصوص لأن رحاها ستدار في أرضنا، فشعوبنا واقتصاداتنا هي التي تتحمل أعباءها، ونحن الذين نتكبد ما تتسبب فيه من خسائر في الأرواح والمادّيات، وهذه سوريا والعراق واليمن خير شاهد على ذلك.
ـ علينا أن نجند ليس الدول العربية والإسلامية فحسب، بل دول العالم أجمع، لنضع حدا لتهور الإدارة الأمريكية، التي تعودت على توظيف الحروب لخدمة مصالحها السياسية والاقتصادية دوان اعتبار لما تتسبب فيه من مآس للدول العالم وشعوبه، فقد آن الأوان لنحملها عن التوقف عن النظر إلى مصالحها هي فقط، ونجعلها تدخل في اعتبارها مصالح الآخرين، حيث أن السكوت عنها وعدم التصدي لها قد يدفعها إلى التمادي في ذلك، وقد ينجم عنه الدفع بالعالم إلى حرب لا تبقي ولا تذر خاصة وبعض الدول التي تتحرش بها الولايات المتحدة الأمريكي تمتلك أسلحة نووية بل تملك أسلحة أكثر خطرا من الأسلحة النووية وأشد فتكا…