لنستلهم فكر مالك بن نبي ونصنع جيلا حضاريا ؟..

أ. / أمال السائحي/
الفيلسوف العبقري مالك بن نبي، فيلسوف استطاعت أفكاره أن تأخذ مسارها الباهر من جيل إلى جيل إذ يقول الباحث «خالد النجار» أن «مالكًا» قد اجتمع في خطين قد رافقاه طوال حياته، فهو شخصية عاطفية، خيالية أحيانًا، يفكر بأحلام الفلاسفة ويهيم بالتجريد، فكان الخط الأول يصنع أفكاره، وكان الثاني ينزل بها إلى أرض الواقع، فإن تمكنه من تفسير الواقع والتاريخ، وهو هنا يشبه كثيرًا ما قام به «المسيري» بعده فيما يختص بالنماذج التحليلية والتفسيرية كأدوات لفهم وتحليل الواقع، فكانت أهم أفكاره التي يرى من خلالها الظواهر الاجتماعية «هي مفهومه عن العوالم الثلاثة: عالم الأفكار، وعالم الأشخاص، وعالم الأشياء» ومن الأفكار الإيجابية كذلك قد نجد الكثير من الأساتذة والمفكرين الجزائريين وتلامذتهم، نجدهم قد يحيون هذه الثمرة المرجوة من أفكار الفيلسوف الفذ «مالك بن نبي» عبر مقالاتهم أو عبر حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، فيبعثون فيك كل أمل منتظر لغد مشرق لأجيال قادمة -إن شاء الله – وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد الأستاذ والدكتور الفاضل بدر الدين زواقة يتحدث عن هذا المشروع الطيب حيث أعلن على صفحته الرسمية: عن استعداده للتعاون مع فريق عمل متخصص لتحويل مؤلفات الأستاذ مالك بن نبي ومقدمة ابن خلدون إلى مقررات دراسية في الأطوار الثلاث …مع تجديدها وتبسيطها …وفق المناهج البيداغوجية الحديثة ونظريات التعليم المعاصرة على أن تكون مواد:
1 – المدخل إلى علم الحضارة
2- السلوك الحضاري
3- فلسفة التاريخ
4 – فقه الجمال
5 – المدخل إلى الإنسان والمجتمع ….مقررات متكاملة في المنظومة التعلمية….مع مراعاة الفجوة التكنولوجية وذلك لتكوين جيل بعد عقدين من الزمن فقط، يكون مؤهلا لصناعة حضارته الخاصة، ربما هذا…حلم… أو نوع من الجنون …لكن أعتقد أن بداية الطريق من هنا…هذا على حد قوله.
فهل يا ترى تتبنّى وزارة التربية الوطنية عندنا هذا المشروع الجريء؟ وتغلق الباب في وجه فرنسا التي اتخذت من المناهج التعليمية التي تصدرها لنا أداة ووسيلة لتأبيد تبعية الجزائر لها؟
بالأمس واليوم وغدا، كّنا نسعى إلى تلك المنهجية التعليمية التربوية التي ترتفع بالمدرسة الجزائرية إلى المستوى الذي يجعل التلميذ مفكرا لا متلقيا، وأن تجعله مخترعا بارعا، لا اتكاليا، نحن اليوم بحاجة ماسة إلى تطوير التعليم برمته حتى يستشعر التلميذ لذة العلم، ويحب التعلم، ولا تصبح عنده الدروس عملية اجترار فقط..
ونحن لا ينقصنا الخبراء في التربية والتعليم أو في أي مجال آخر، ولا تنقصنا الفكرة، فإن ماضينا وحاضرنا حافل بهؤلاء، ولكننا نفتقد القيّادة السّياسية الجريئة التي تأخذ على عاتقها مسؤولية تجسيد الفكرة الناضجة العبقرية، في جميع المجالات لنضع اللبنة الأساس للأجيال القادمة، لتبني عليها وترفع لنا صروح المجد والفخار…
وكما قال الأستاذ بدر الدين زواقة:( بداية الطريق من هنا)، نعم بداية الطريق تكون من المنهج التربوي والتعليمي الصحيح الذي يأخذ بعين الاعتبار حاجات ومطالب المجتمع، ويتماشى مع قدرات المتعلم، ويساير روح العصر ولا يتخلف عن الركب، إنّ التعليم الجيد المناسب والممتاز، هو وحده الذي ينتج المجتمع الحديث المعاصر، أمّا ذلك التعليم الذي مناهجه من الغير فهو يبقينا في أسر الغير، ويمنعنا من الانطلاق والتحليق في جو السماء الرحبة بأجنحتنا نحن، نعم:( الطريق من هنا) أصلحوا التعليم تنصلح أحوالكم…