يا شباب الجزائر أخذ آباؤكم على عاتقهم استعادة سيادة الجزائر وعليكم تثبيتها

أ. لخضر لقدي/
حلت ذكرى الفاتح من نوفمبر فتاقت نفسي لدراسة سير مجموعة ال 22 الذي فجروا الثورة ,فرأيت عجبا وكيف أن متوسط أعمارهم لم يكن يجاوز الثلاثين سنة, وأكبرهم سنا بلحاج بوشعيب كان عمره اثنتان وأربعون سنة, وأصغرهم إلياس دريش صاحب المنزل كان في الثانية والعشرين من عمره.
والشباب عماد المجتمع ومستقبل الدولة, وهم عدّة الأمة وعتادها,وغدها المشرق وأملها ورجاؤها، وسرّ نهضتها وضمان بقائها واستمرارها.
ولا أبالغ إن رددت مع إليا أبو ماضي:
إذا أَنا أَكبَرتُ شأن الشَبابِ فَإِن الشَبابَ أَبو المُعجِزات.
حُصونُ البلاد وَأَســــوارُها إذا نامَ حُرّاسُها وَالحُمـــــــــاة.
فكن أيها الشاب جامعا بين حماس الشباب وحكمة الشيوخ, صاحب إرادة مع عزيمة وإصرار ,غيورا على الحق, متحمسا لنصرة دينك, محبا لوطنك, خادما لبني جلدتك, وتحلّ بمحاسن الآداب وفضائل الأخلاق وجميل الصفات, واستفد من تجارب العلماء وخبرات الكبار.
واعلم أن عقل المرء مخبوء تحت لسانه, فتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن الصّمت, واعلم أن الاستماع فن ومهارة عالية, وخصلة رفيعة قل من يحسنها.
كن منصتا يستمع ليفهم لا ليلتقط العثرات ويتبع الزلات , ويتصيّد الأخطاء, وإذا جالست كبيرا فاستمع وأنصت, وإيّاك أن تظنّه أحمقا, فإنه قرن من الزمان يتحدّث وبحر من الحوادث يحكي, وسيل من التجارب يروي, وجبل من العواطف ,وباختصار هو بقيّة حياة فخذ من تجاربه.
وإذا جالست العلماء, فاستمع وأنصت, وتدبرْ قصةَ نبيّ اللهِ موسى عليه الصلاة والسلام, مع العبد الصالح الخِضْر عليه السلام إذ قال له: (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ).
وإذا جالست الجهّال فقل خيرا أو أصمت ,وخير لك أن تنصت, فإن قلب الجاهل من وراء لسانه يتكلّم بكل ما عرض له.
وخذ بنصيحة الحكيم التي رواها الماوردي: إذا جالست الجهّال فأنصت لهم، وإذا جالست العلماء فأنصت لهم، فإنّ في إنصاتك للجهّال زيادة في الحلم، وفي إنصاتك للعلماء زيادة في العلم.
وعاهد ربك على خدمته وخدمة دينه وخدمة خلقه, وتأمل قول الشيخ عبد الحميد بن باديس: أما الجزائر فهي وطني الخاص الذي تربطني بأهله روابط من الماضي والحاضر والمستقبل بوجه خاص، وتفرض عليّ تلك الروابط لأجله فروضا خاصة، وأنا أشعر بأن كل مقوماتي الشخصية مستمدة منه مباشرة. فأرى من الواجب أن تكون خدماتي أول ما تتصل بشيء تتصل به مباشرة….وإنني أعاهدكم على أنني أقضي بياضي على العربية والإسلام كما قضيت سوادي عليهما، وإنها لواجبات … وإنِّي سأقصر حياتي على الإسلام والقرآن ولغة الإسلام والقرآن، هذا عهدي لكم.
وحقّق أمنية البشير الإبراهيمي إذ قال في الشباب : أتمثّله حِلْف عمل، لا حليف بطالة، وحِلْس معمل، لا حلس مقهى، وبطل أعمال، لا ماضغ أقوال، ومرتاد حقيقة، لا رائد خيال.
واجعل المبادئ أهم من المصالح، واطلب الحرية فإنها حق شرعي مقدس للجميع، ولا تعرض عقلك للبيع لشيخ أو لعالم أو لحزب أو لجماعة.
يا شباب يحدوني أمل فيكم كبير فلا تخيبوني ,كونوا طلائع البعث والأمل الواعد والمستقبل المشرق والفجر المطل من وراء الدجى.
أنتم أمل الأمة وساعدها الأيمن وروحها النابضة, فتأملوا كيف كان أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم الذين ناصروا دعوته شبابا, فقد أسلم علي وهو ابن ثلاثة عشر عاما، وكذا زيد بن ثابت مترجم اللغات الأخرى للرسول صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمسة عشر عاما، وكان أسامة بن زيد بن حارثة رضى الله عنهما قائدا لجيش المسلمين وعمره أقل من عشـرين سنة، وأصبح مصعب بن عمير سفيرا للإسلام في المدينة وهو ابن سبع عشرة سنة وليس ذلك إلا لأن مرحلة الشباب هي فترة العطاء والتضحية والبذل.
يا شباب إياكم أن تتخلفوا أو تتخنثوا, أما يؤلمكم أن أمتكم تأكل قمحا لا تزرعه, وتلبس ثوبا لا تنتجه, وتتداوى بعقّار
وترياق لا تصنعه.
كونوا رجالا عظاما نافعين واذكروا قصص الوطنين أمثال مصطفى بن بولعيد والعربي بن مهيدي وباجي مختار وعميروش والحواس وعبد القادر العمودي…و.و.و.و.و
يا شباب إني:
أرى البشائر تترى في نواحيها.. من بعد يأسٍ طغى من فعل طاغيها.
فكونوا قوة لأمتكم ووطنكم بالعلم والإيمان, ولا تظنوا أن التفوق والمجد والعمل يدق على باب أحد ويذهب إليه فلابد لكم من السعي له والنشاط في تحصيله.
وليكن شعار كل واحد منكم:
إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّي عُنِيْتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ