كلمة حق

ذراع الريـــح تـتــزين بالشجـــر والجمـــال

أ د. عمار طالبي/

هذه المنطقة التي سماها الفرنسيون بدرارية أصل اسمها ذراع الريح وكانت مزارع غناء فأتت عليها الأبنية والعمارات العالية، لذلك هب السيد الوالي المنتدب الأستاذ عبد الوهاب رتيمة، وحضرت السيدة وزيرة البيئة، وإطارات الدولة في حملة لغرس الشجر على قرب من هذه العمارات وفي أسفلها من الأرض رغم ما أصابها من فيضان، فازينت تلك الساحة بغرس شجيرات كما ازينت بحضور ورود من الولدان الذي شاركوا في هذا العمل ليتعلموا التطوع لغرس الشجر، ويقع في قلوبهم حب الأشجار، والخضرة للاستمتاع بهوائها ومنظرها الجميل، وليتذوقوا جمال الطبيعة، وحسن مشاهدها.
فهذه المبادرة من السيد الوالي يرجى أن تعمم في بقية ارجاء البلاد في مختلف الولايات والبلديات، ولا تقتصر الحملة على المدن، بل تتجه إلى البوادي وإلى الغابات التي احترقت في خنشلة وتيزي وزو، وغيرهما من المناطق التي احرقها المجرمون، فخسرت البلاد أشجارا نادرة لا تعوض، وأخرى مثمرة، اتت عليها النيران فجعلتها رمادا، وأحرقت خلايا النحل، والأغنام والأبقار والدجاج والديار، والبشر أيضا.
وإني ادعو وزارة الفلاحة لإحياء الحزام الأخضر الذي وقع التخلي عنه لأنه يمنع تقدم التصحر، وهذا خطر على أراضي الشمال الخصبة، فأنت ترى أن الصحراء وجوها بلغ جنوب تبسة، وجنوب خنشلة، وجنوب باتنة وسيدي عيسى وقصر البخاري، وأخذ يزحف إلى بورواقية والمدية.
كما ينبغي أن تتجه حملات تطوعية شعبية في كل المناطق لغرس ملايين الأشجار ومن البالغ الأهمية غرس النخيل، والزيتون، في الأراضي الصحراوية وفلاحتها، فإنها أرض بكر خصبة، ولود إذا وجدت العمل والتقنيات الحديثة، فإن عصرنة الفلاحة أمر ضروري، ولا يمكن لنا ان نصل إلى الأمن الغذائي بل الاكتفاء الغذائي إلا عن طريق تحديث الفلاحة، والبحث العلمي في هذا المجال، إن بعض المناطق في الصحراء مثل أدرار عبارة عن «الفقرات» تجري بالمياه الصافية النقية، ولا تحتاج الأرض إلا إلى الخدمة الجادة العلمية، ليُقبل الشباب على مثل هذه الزراعة، ويكتسب الثروة، ولا يحتاج إلى الهجرة، والانتحار في البحار ظنا منه أنه سيجد جنة فيما وراء البحر والذين لهم إمكانية مالية يمكن لهم أن يستثمروا في هذه المناطق فتصبح جنات غناء مثمرة، فالأمر يحتاج إلى العمل الجاد، والإرادة القوية، والصبر الجميل.
وقد رأينا بعض المستبشرين زرعوا القمح باستعمال آلات الرش، ونجحوا في ذلك أيما نجاح. وإذا كان النفط والغاز إلى نهاية وفناء فإن الأرض باقية لا تنتهي، ولود لا عقم بها، ولكن العقم في قلة العمل، والكسل الذي أخذ يسطو على عمالنا في هذا الوطن.
فالدولة ساعدت بمنح الأراض لمن يستثمرها وتخلى الكثير من المستثمرين عنها، ولم يقوموا بأي عمل جاد.
إن بلادنا واسعة، وإنها ولود خصبة ولا ينقصها إلى العمل الجاد، وتحديث علم الفلاحة، بالبحث العلمي، والاستفادة مما وصل إليه هذا العلم من جديد فعال في العالم.
نحتاج إلى عمل عمالنا بفعالية وجدية لتحقيق الإكتفاء الغذائي الذاتي. ففي الحديث: من زرع زرعا، او غرس غرسا فأكل منه إنسان أو حيوان إلا كتب له عمل صالح، وإذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها، معنى هذا أنه لا يجوز أن يتوقف الغراس أبدا ولو في هول قيام القيامة، وفناء الكون.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com