الطّروح الخاطئــــــة …في الوقت غير المناسب

يكتبه: د.حسن خليفة/
أثارت تصريحات أحد المجاهدين حول مسـمّى «النوفمبرية الباديسية» أو «الباديسية النوفمبرية» الكثير من الجدل، في وسائط الإعلام وبالأخص وسائط التواصل الاجتماعي(وقد صارت حقل التعبير الأول عن الآراء والأفكار…). وأيا تكن النوايا والدوافع فإن النتائج سيئة وخاطئة، وأقلّها الإساءة لرموزنا الدينية والوطنية، والتلبيس على الحقّ الذي لايمكن طمس أنواره؛ لأن الوقائع التاريخية ثابتة قائمة شاهدة شاخصة، وهي متوفّرة لكل من أراد أن يعرف أو يستيقـن؛ خاصة من الأجيال المتاخرة والجديدة.
إن الثابت أن بعض التصريحات تأتي في سياقات تجعل المتابع يتأكد من وجود حالات احتقان، في جهات ومستويات ما، يُبحث لها عن «تنفيس ما» أو يُبحث لها عن تصريف الأذهان، وإثارة ما يشغل الناس ..وإلا ّ فإن نفي الصفة الإسلامية والنّفَس الإيماني الديني عن حركة الثورة التحريرية المظفّرة التي نتفيأ ظلال ذكراها هذه الأيام إنما هو ضرب من ضروب «الكذب الصريح» والمغالطة الواضحة.
والعجب أن يأتي التصريح من «مجاهد» رافق المجاهدين والشهداء الكبار، ويعرف جيدا خلفية المجاهدين أثناء الثورة التحريرية المظفّرة.
والأعجب أن يأتي في ظلال ذكرى ثورة نوفمبر المجيدة، وفي سياق تبدوفيه توجّهات الرأي العام، بما في ذلك توجهات السلطة نفسها، إلى القطيعة الفعلية مع عدوّ الأمس واليوم والغد (فرنسا)بالّرد «الصارم» على تصريحات الرئيس الفرنسي النافية لوجود «أمة جزائرية»، مع كثير من «الهراء» الآخر الذي يُصرّح به من الطرف الفرنسي ،في إطارحرب كلامية لها أبعادها وأهدافها السياسية والثقافية والاقتصادية.
وما يعنينا هنا هو تصحيح وتصويب الاتجاه، وما يعنينا هو بيان الحق والحقيقة، في كل ما يتعلق بالمجتمع الجزائري، في ماضيه، وفي حاضره ومستقبله، وأبرز العناوين في هذا المجال: أن المجتمع الجزائري مجتمع مسلم يريد للإسلام أن يكون في موضع التقديروالتمجيد والاتباع، وهذا مطلب الأكثرية الساحقة من أبنائه وبناته، ولا يريد للتغريب ولا لثقافة ونمط العيش الغربي والفرنسي تحديدا أن تكون «نموذجا» لحياته ومعاشه.
وأكثرما يعمل المصلحون والشرفاء والأحرار في سبيله، بعد طلب رضوان الله تعالى، هو تحقيق الانعتاق من أسر وقيود هذا النموذج الفرنسي الذي ألحق بنا أضرارا فادحة جسيمة، في كل الميادين والحقول(الثقافة، الاقتصاد، أسلوب الحياة، الثروات، الإنسان، التاريخ).
في كل الأحوال، وعلى الرّغم من أن تلك الأطروحات لا أساس لها من الصحة، فإن إعادة نشرها بين وقت وآخر، له معناه ومقصوده غير أن أفضل ردّ عليها وهو دحضها علميا ومنهجيا، وبيان تهافتها وأنه لا أساس صحيحا لها، وأقلّه هو العمل على توجيه الأجيال المتعلمة إلى القراءة والاهتمام بالمطالعة لفهم قويم واستيعاب دقيق صادق.
والتزاما بحدود هذا المقال أريد الإشارة إلى عدد من الدراسات (وهي بالمئات)، ومعظمها أطروحات علمية: دكتوراه وماجستير، يُستحسن لكل من كانت لديه شُبَهٌ في الموضوع أن يقرأها ليعرف الحقائق الدامغة والوقائع الكاملة، وهذه بعضها:
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأثرها الإصلاحي، لأحمد الخطيب (رسالة ماجستير).
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية 1931ـ 1939 د. مازن المطبقاني (أطروحة جامعية).
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: منهجها وآثارها، إسحاق عبد الله الغامدي، رسالة ماجستير.
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، نشأة وتطور الإصلاح في مدينة الجزائر، رسالة ماجستير، عفاف زقور.
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية والثورة التحريرية، 1945ـ 1960 أحمد بوقجاني، رسالة ماجستير.
– جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في تحرير الجزائر 1931ـ 1962، رسالة دكتوراه، عبد القادر بن محمد النعيمي.
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في تطور الحركة الوطنية، للدكتور عبد الكريم بوصفصاف.
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وعلاقتها بالحركات الجزائرية الأخرى، 1931ـ 1945، عبد الكريم بوصفصاف، دراسة مقارنة، دكتوراه.
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية المباركة، أسعد هلالي، رسالة دكتوراه.
– المشروع العلماني التغريبي الفرنسي وموقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منه، مصطفى هادف، رسالة ماجستير.
ـ دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في جلب دعم المشرق العربي للثورة التحريرية، رسالة ماجستير.
ـ المواقف السياسية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين من خلال صحفها، علي حشلاف.
ـ فتاوى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، هجيرة صالح، ماجستير.
ـ التنشئة السياسية عند جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أمين بلعيفة، ماجستير.
ـ سوسيولوجيا الإصلاح الديني: جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنموذجا، زيلوخة بوقرة.
ـ البُعد المقاصدي في فتاوى أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، دراسة من خلال جريدة البصائر (1937 ـ1956)، أبو بكر صديقي، رسالة ماجستير.
ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التاريخية، ورؤساؤها الثلاثة، تركي رابح عمامرة، 450 صفحة، درس فيه خاصة في فصل كامل (الثالث) الصراع بين جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والإدارة الفرنسية بين 1933ـ 1939.
ـ حقائق وأباطيل للشيخ عبد الرحمن شيبان، وهو مقالات يدفع بها شبهات كهذه التي انتشرت الآن.
ـ ردّ شُبهات: جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في ثورة التحرير المباركة، سليمان الصيد.
وغير هذا كثير. وقد نعود إلى الموضوع بشيء من التفصيل.