عين البصائر

جمعية العلماء تكرِّم الفائزين في مسابقة الذكرى 90

بمنـــاسبــــة الذكـــرى 67 لانـــدلاع الثــــورة الـمجــيـــــدة/جمعية العلماء تكرِّم الفائزين في مسابقة الذكرى 90

تغطيــة: فاطمة طاهي/

 

احياء لذكرى اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، نظمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بنادي الترقي بالعاصمة، حفلاً تكريميا للفائزين في مسابقة “التسعين” التي نظمتها بمناسبة مرور تسعين سنة لتأسيسها، وذلك يوم السبت 23 ربيع الأول 1443هـ الموافق لـ 30 أكتوبر 2021م، وعلى هامش الحفل تمّ تنظيم ندوة تاريخية بعنوان: “معهد الإمام عبد الحميد ابن باديس ودوره في الثورة التحريرية”، هذا ونشط الندوة كلّ من الدكتور ناصر الدين سعيدوني والأستاذ الهادي الحسني والدكتور مولود عويمر، وأدارها الأستاذ كمال أبوسنة، الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين.
وكرمت جمعية العلماء المسلمين بالمناسبة الدكتور محمد دراجي عرفانا بمجهوداته المشهودة وأبحاثه في فكر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وقال الدكتور الدراجي بالمناسبة: “أبحاثي عن جمعية العلماء المسلمين كانت في إطار بعث الفكر الإصلاحي لتتمكن الأجيال الصاعدة من تفقه المشروع لتواصل المسير ولتكامل الأجيال”.
نالت الجائزة الأولى في مسابقة التسعين الفائزة ميمونة بن عاشور من ولاية قسنطينة سلّمها لها الدكتور عبد الرزاق قسوم، بينما عادت الجائزة الثانية لعبد القادر رحموني سلمها له الدكتور عمار طالبي، وحاز على الجائزة الثالثة عبد الباسط بعلي من ولاية سطيف قدّمها له كلّ من الدكتور ناصر الدين سعيدوني والدكتور محمد الهادي الحسني، كما تمّ تكريم الفائزين السبعة الآخرين على التوالي.

الدكتور عبد الرزاق قسوم: معهد ابن باديس..
الثكنة الثقافية التي أعدت جيل الثورة الجزائرية


وبالمناسبة اعتبر الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، معهد عبد الحميد ابن باديس أنّه الثكنة الثقافية التي أعدّت جيل الثورة ووسيلة فعّالة لمهد ثورة أول نوفمبر، وأضاف قائلا: “جاء المعهد في ظروف التخلف والجهل الذي صنعه الاستعمار، ليكحل العيون وينير العقول بالثقافة والتربية والتعليم وليوقظ ضمير الجزائريين”.
وكشف الدكتور عبد الرزاق قسوم عن تجربته بهذا المعهد ودوره في غرس قيم الوطنية والمواطنة، حيث كان منبراً جامعاً لكلّ طلائع الجزائريين عبر كلّ مناطق الوطن، وقال في هذا الصدد: “طلبة المعهد قادمون من كلّ الولايات دون استثناء وهذا ما يؤكد التنوع الإقليمي داخل الوحدة الوطنية، لا عرقية ولا عصبية ولا جهوية كانت الأخوة الوطنية والدينية تجمعنا”، وأضاف رئيس جمعية العلماء المسلمين، أن المعهد نجح في تشكيل المجتمع الجزائري وفي تكوين طلبة ملتزمين خلقياً ودينياً وتكوين وعي ثوري لقادة الجزائر التي كافحت وحملت السلاح لأجل الاستقلال.
وفيما يخص الفائزين بمسابقة التسعين لتأسيس جمعية العلماء المسلمين، ذكر رئيسها أن مناسبة توزيع الجوائز التي تزامنت وأحيت الذكرتين: المولد النّبوي الشريف واندلاع الثورة المجيدة هي فرصة تجمع الجيل السابق بجيل اليوم والصاعد، ودعوة لتجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم وحمل أمانة الإصلاح.
الدكتور عمار طالبي:
معهد ابن باديس فرع من جامع الزيتونة


هذا وأكد الدكتور عمار طالبي، نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين، بأنّ معهد ابن باديس يعد فرعا تابعا لجامع الزيتونة، وذلك من خلال إشراف لجنة علمية مبعوثة من جامع الزيتونة على الامتحان النهائي بمعهد ابن باديس من أجل الحصول على الشهادة الأهلية لمواصلة التعليم بجامع الزيتونة.
الدكتور ناصر سعيدوني: المشروع الإصلاحي انتهى وعلى جمعية العلماء أن تتبنى مشروعا حضاريا لبناء الذات.


وفي مداخلة قدمها الدكتور ناصر الدين سعيدوني تحت عنوان: “جمعية العلماء والمشروع الحضاري”، أشار فيها إلى دور معهد عبد الحميد ابن باديس في بعث الروح الوطنية والثقافية والحضارية في الجزائر، حيث اعتبره “قلعة ومعلما حضاريا” ومشروعا هيأ الثورة التحريرية.
وتحدث المؤرخ عن المشاريع الحضارية التي مرت في تاريخ الجزائر: كمشروع بناء الحضارة النوميدية ومشروع عقبة بن نافع الذي نشر رسالة الإسلام في شمال افريقيا وبعث فيها الحضارة الإسلامية، ثمّ مشروع الموحدين بالمغرب الإسلامي، ومشروع العهد العثماني، ثمّ مشروع الأمير عبد القادر، فمشروع الحركة الوطنية مشيراً في هذا الصدد إلى معهد عبد الحميد ابن باديس والثورة التحريرية باعتبارها مشروعا حضاريا، فإلى جانب التوجه السياسي فإنّ التوجه الإصلاحي أنتج الثورة التحريرية حسب ما يقوله المؤرخ.
هذا وصرح الدكتور ناصر سعيدوني بأنّ الجهاد الأكبر والراهن يكمن في الاستقلال الثقافي للجزائر، مشيراً إلى ضرروة تفعيل دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لمجابهة الثورة المضادة التي اخترقت الجزائر وكونت حسبه من يسبّ الوحدة الوطنية ومن يتحدث بالوطنية لكن عن فكر فرنسي، مؤكدا أنّ جمعية العلماء المسلمين هي المنظمة الكفيلة والقادرة لإعادة البناء داعيا إياها إلى تبني مشروع حضاري لبناء الذات وليس إصلاحيا قائلا: “الإصلاح انتهى العدو في أنفسنا والخصم عندنا”.
الأستاذ محمد الهادي الحسني:
مخطط فرنسا لاستعمار الجزائر بدأ منذ 1572م


وتطرق الأستاذ والباحث محمد الهادي الحسني في مداخلته التي حملت عنوان: “اسهامات معهد ابن باديس في الثورة التحريرية”، حيث نبه إلى أن “أول نوفمبر” هي محطة وحدث واحد في تاريخ الجزائر، مشيرا إلى ما كتبه المفكر مالك بن نبي في مجلة القبس بعنوان: “الحدث والتاريخ”، مضيفا أن مخطط فرنسا لاستعمار الجزائر كان منذ سنة 1572م وهم يحاولون اسقاط الدولة الجزائرية ومحو الأمة الجزائرية من خلال محو لغتها دينها وثقافتها قائلا في ذات السياق: “لأن الأمة هي التي تبني الدولة”، كما أشار في حديثه عن دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الثورة الجزائرية مستشهدا بوثائق أحضرها كتلك التي تثبت بأن المجاهد محمد خيضر كان يأخذ الطلبة الجزائريين الذين يدرسون بجامع الأزهر للقاء الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، من بينهم الراحل هواري بومدين.
ووثيقة أخرى بتاريخ 1955م أشار إليها الأستاذ الهادي الحسني التي كانت عبارة عن رسالة من البشير الإبراهيمي موجهة إلى ملك السعودية يطلب منه إرسال بعض الأشخاص إلى أمريكا من أجل القضية الجزائرية، بالإضافة إلى حديث بالإذاعة المصرية مع الشيخ محمد البشير الإبراهيمي والذي جاء فيه: “…. لم يبقى لنا بعد أن سدت علينا منافذ الحياة إلا أن نموت شرفاء… وإن ساعة الحساب قريبة …”.
الدكتور مولود عويمر:
معهد ابن باديس.. ظلمه طلبته ولم ينصفه المؤرخون


تحسر الدكتور مولود عويمر في مداخلة قدمها بعنوان: “دور معهد ابن باديس في الثورة الجزائرية”، عن اهمال الباحثين والمؤرخين لمعهد عبد الحميد ابن باديس الذي كان يحمل كلّ مواصفات المعاهد العلمية في العالم الإسلامي التي كانت في تلك الحقبة، قائلا: “المعهد ظلمه طلبته بعدم التعريف به ولم ينصفه المؤرخون” مشيرا إلى تلك الكتابات القليلة كالتي كتبها كلّ من الأساتذة: عبد الكريم بوصفصاف، عبد الله مقلاتي، عمار طالبي، رابح تركي..
في السياق نفسه أضاف المؤرخ أنه قبل تأسيس معهد ابن باديس كان يُنظم التعليم المدرسي الذي طور التعليم المسجدي، ومع ظهور دفعات كثيرة للطلبة المتفوقين وعدم قدرتهم جميعا على مواصلة الدراسة في تونس أو المغرب أو مصر، فضلا على الاجراءات الاستعمارية التي كانت تمنع الطلبة بالدراسة في المشرق العربي تأسس معهد ابن باديس سنة 1947م ليستقبل الطلبة الجزائريين بدءا من شهر جانفي سنة 1948م، وفي 1957م تتوقف الدراسة فيه بمنع من الإدارة الاستعمارية وذلك بسبب التحاق العديد من طلبة المعهد بالثورة الجزائرية.
وحسب الدكتور مولود عويمر أنه تم شراء مقر معهد ابن باديس بـ 50 مليون فرنك من تبرعات المحسنين من بينهم العمال الجزائريين المغتربين، وقدر عدد الطلبة بالمعهد سنة 1950/1951م بـ702 طالب، وفي السنة الدراسية 1954/1955م بـ913 طالب، كما تطرق الدكتور إلى الحديث عن مسيري المعهد من الاداريين والأساتذة والطلبة كالشيخ العربي التبسي كمدير المعهد، والأستاذ أحمد رضا حوحو أمينا عاما للمعهد، وأحمد بوشمال كمسير مالي، ومن الأساتذة الشيخ محمد العدوي أستاذ مادة الرياضيات، كما ذكر نفس المتحدث أن نشاط الطلبة بالمعهد شمل العمل الإعلامي والديبلوماسي والصحي العسكري خلال الثورة التحريرية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com