المرأة و الأسرة

إلى شباب الأمة “لا تكونوا أقل وفاء للأمة من شباب الأمس”/ أمال السائحي

هل بات شباب اليوم، بكل شرائحه، يعي المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه نحو وطنه الأم؟ أم أنه بات يركض خلف تلك التأشيرة التي تأخذه إلى أي مكان؟

وبأي وسيلة ولو على قوارب الموت، لكي تخلصه من مأساته الاجتماعية والثقافية والسياسية؟!

ثم هل حاول هذا الشباب الإبحار قليلا في تاريخهم الذي هو سمة هويتهم اليوم؟

لنقرأ تاريخنا: “خرج الجزائريون في مظاهرة سلمية يوم 11 ديسمبر 1960م لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري، ضد سياسة الجنرال شارل ديغول، الرامية إلى الإبقاء على الجزائر جزءا من فرنسا، في إطار فكرة الجزائر جزائرية من جهة، وضد موقف المعمرين الفرنسيين الذين ما زالوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية، قامت السلطات الفرنسية بقمع هذه المظاهرات بوحشية، مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء.

فخرجت مختلف الشرائح في تجمعات شعبية في الساحات العامة عبر المدن الجزائرية كلها، ففي الجزائر العاصمة عرفت ساحة المناورات (أول ماي حاليا) كثافة شعبية متماسكة، مجندة وراء العلم الوطني، رافعة شعار الاستقلال وحياة جبهة التحرير، وعمت شوارع العاصمة كلها.

بعد أن حققت جبهة التحرير انتصارا سياسيا واضحا، ردا على سياسة ديغول والمعمرين معا، وألقى الرئيس فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960م خطــابـا، في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب الجزائري، وتمسكه بالاستقلال الوطني، وإفشاله للسياسة الاستعمارية، والجرائم المرتكبة ضد المدنيين العزل.

ونختم بما قاله الأستاذ عبد العزيز كحيل في إطار حديثه عن لامبالاة شباب اليوم بقضايا الأمة: “الشباب يعرف كلَّ هذا، لكنه في الغالب لا يعبأ لا بالمشكلة ولا بالحلِّ؛ لأنه – كما ذكرنا- حسَمَ خيارَه، وانحاز نحو الطريق السهل الذي يجنِّبه الكَدَّ، وترك الكلام عن الأمة والعلم والمستقبل والتحديات للمُنَظِّرين، الذين لا يَقرأُ ما يكتبون، ولا يُصغِي إلى ما يقولون، لذلك تراكمت أزمات الْهُوية، والفراغ الروحي، والانحراف السلوكي، والسلبية، والتراجع المعرفي، وفقدان المناعة الحضارية وغيرها، بل صارت رقعتها تتَّسع باطِّرادٍ، حتى مسَّت الفضاء الديني ذاته، وألقت عليه بظلال التديُّن العاطفي غير المنضبط، والغلوِّ في الفَهم والتطبيق، والاغتراب الزماني، في مواجهة العولمة، والضجر من معاناة إنضاج الأفكار والعواطف، ومعاناة مكابدة الواقع السياسي، والصبر على مكاره طريق الإصلاح، وتوضيح معالمه وتنفيذ خططه، وإن المرء لَيَجِدُ في مواطن اللغو واللهو وفي مواقع التطرف، أضعافَ ما يجد في مظانِّ العلم والبحث والعمل الدائم من الشباب؛ لأن الأغلبية لم تصمد أمام مفاتن التهوُّر، والاستعجال والغثائية، ونحن وإن كنا لا نوافق الأستاذ عبد العزيز كحيل في حكمه هذا على الشباب الذي يجعل الشباب الجزائري كله قد نفض يده من قضية الأمة والعلم والمستقبل والتحديات، بل لا يزال هناك شباب يعنى بذلك ويركز عليه، بدليل قوله هو في معرض حديثه هذا: “ولأن المرء ليجد في مواطن اللهو واللغو، أضعاف ما يجد في مظانّ العلم والبحث والعمل الدائم” غير أننا معه في وجوب انحياز باقي الشباب إلى هذه الفئة، التي تحمل هم الأمة، وتعنى بمشاكلها، وتعمل على رفع التحديات التي تواجهها، في هذا المجال أو ذاك؛ وعليهم أن يعوا بأن بقاء الأمة واستمرارها يتوقف على ما يمتلكونه هم من علم،  ومعارف تكنولوجية، وما يختزنونه من حب لها، وغيرة عليها، ومقدار حرصهم على تميزها في جميع الميادين، وبكلمة واحدة، عليهم أن يدركوا أنهم هم الأمة، وأن الأمة هم، فليس لهم أن يتنكروا لها لأنهم بذلك إنما يتنكرون لأنفسهم. وهذا هو عين ما يكشف عنه قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com