كيف نظر اليهود إلى قرار ترامب؟ تحت عنوان: “كيف كان قرار ترامب حول القدس؟”/ علي حليتيم
كتب يعقوب كاتز، المحرر السياسي في افتتاحية جريدة جيروزاليم بوست Jerusalem Postليوم 07 ديسمبر 2017م :
” لقد صحح ترامب خطأ تاريخيا ارتُكب في حق الدولة اليهودية منذ 70 سنة.
ليس هناك من بلد في العالم أملي عليه موقع عاصمته فلماذا إسرائيل؟ ”
وكتب هارب كينون على ذات الصحيفة في عدد 09 ديسمبر2017:
” لقد لاحظ الجميع وجود مايك بنس خلف ظهر ترامب حين كان يعلن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ومايك بنس مسيحي إنجيلي مؤيد لإسرائيل دون قيد أو شروط، لا يعرف الاعتذار ووخز الضمير، ويعطي لميلاد إسرائيل دلالة دينية.
إن الذين يقولون إن قرار ترامب قد أسقط الولايات المتحدة كوسيط نزيه في عملية السلام ويظن أن ذلك سيكون أمرا سلبيا للأمريكيين، عليه أن ينظر ما قاله مايك بنس منذ ثلاث سنوات .
قال بنس الذي كان آنذاك حاكم ولاية إنديانا ومرشح رئاسي محتمل لعام 2016م: إن أمريكا لا تطمح أن تكون وسيطا نزيها في عملية السلام بل إننا نحاول أن نبلّغ للعالم أنه في الوقت الذي يبحث فيه هو عن حل صادق وعادل لعملية السلام فإننا سنكون حينها إلى جنب إسرائيل”.
وتقول صحيفة جيروزاليم بوست إن هذا التطور قد تزامن مع تصويت الكونغرس على قانون تايلور الذي سيتم بموجبه قطع 280 مليون دولار من المساعدات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية.
فإذا جمعنا هذين الأمرين مع إعلان الولايات المتحدة أنّها ستغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن فإنه يبدو واضحا أن الإدارة الأمريكية تخطط لوضع قواعد جديدة على الأرض!”
ماهي دلالات خطاب ترامب؟
الأولى هي إدراك الغرب وإسرائيل أن معطيات الأرض قد تغيرت وأنه حان الأوان لإعلان ما كانوا يؤمنون به طول الوقت وينتظرون فقط الوقت المناسب لإظهاره ولذلك قال ترامب: “عندما وصلت إلى منصبي، وعدت بأن ألقي نظرة على تحديات العالم بعيون مفتوحة وفكر جديد جدا. ولا يمكننا حل مشاكلنا بإصدار نفس الافتراضات الفاشلة، وتكرار نفس الاستراتيجيات الفاشلة في الماضي. وقال ترامب إن التحديات القديمة تتطلب نهجا جديدة. وقال: “إن إعلاني اليوم يمثل بداية أسلوب جديد للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين”
والثانية هي أن حل الدولتين لم يكن قائما ولا يمكن أن يقوم إذ لا يمكن أن يعيش شعبان على أرض واحدة ولذلك قال ترامب: “إن الولايات المتحدة ستؤيد حل الدولتين إذا وافق عليه الجانبان”، وهو يعلم أن اليهود لن يقبلوا أبدا بذلك.”
مالم يقله ترامب في خطابه !
تقول الجريدة إن الأوساط الدبلوماسية في إسرائيل تقول إن الدولة العبرية هيأت جملة مطالب للولايات المتحدة تزامنا مع إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وتقول الصحيفة إن تلك المطالب لم تظهر في خطاب ترامب، وهذا يعني فقط أنها لم تظهر على السطح حتى الآن!
مالم تقله الصحيفة؟
خطة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل تعود لأكثر من عام عندما بدأ جاريد كيشنر (وهو يهودي أمريكي وصهر ترامب وأبوه صديق حميم لنتنياهو) جولة في الشرق الأوسط تم بموجبها التوافق مع المصريين والسعوديين والإماراتييين وملك البحرين وعاهل الأردن على هذه الخطوات وخطوات أخرى تالية لها، وذلك في إطار ما يسمى صفقة القرن يتم بموجبها ترحيل عباس وحكومته نحو غزة تمهيدا لإقامة إدارة فلسطينية محلية فيها فيما يشبه الحكم الذاتي في سيناء .
وحتى الرئيس الفلسطيني تم إبلاغه بذلك!
وتعلم الصحيفة ويعلم كل اليهود في العالم أن العقبة الكبيرة في طريق التهويد هي الشعوب التي أوكل أمرها لمسارين متكاملين:
مسار الإبادة التي تتكفل به الولايات المتحدة الأمريكية وعملاؤها وحلفاؤها وشركائها في الهدف بدءا من روسيا وداعش وحزب الله وإيران والحشد الشعبي ومرتزقة الإمارات العربية المتحدة وحفتر وفرنسا في إفريقيا الوسطى ومالي، وانتهاء بالجيش البورمي والهندوس وغيرهم، ومسار جر الحكام العرب إلى دائرة العمالة والتبعية وربط بقائهم ومصيرهم بالغرب، ومن ثم إملاء عليهم ما ينبغي عليهم فعله تجاه القضية الفلسطينية أولا من جهة التنازلات والسكوت عن التهويد وحصاره غزة وكل شيء وثانيا من جهة منع الشعوب من التحرك الثقافي والسياسي والاجتماعي لنصرة قضيتهم الأولى.
ما العمل الآن؟
ما أشبه اليوم بالبارحة..! وما أشبه حالنا بحال المسلمين إبان الحروب الصليبية…! حيث كان العدو الصليبي جاثما على فلسطين ينعم بالأمان بسبب الضعف والهوان والتفرقة والتجزيء التي كانت تنخر العالم الإسلامي ناهيك عن مكائد القرامطة والإسماعيلية والفاطميين في مصر الذين بلغ من سفه حكامهم أن ادعى أحدهم الألوهية.
أما في الجبهة الشعبية فإن غاية الناس في ذلك الوقت هو تدبير لقمة العيش إذا بلغ بهم الأمر في فترات المجاعات أن أكلوا الجرذان والأموات وانصرف الناس إلى الدنيا بالكلية وتحول الدين إلى طقوس بلا روح وفرق ومذاهب وصراعات وجدال لا تنتهي، ولم يعد للعقيدة والقرآن دورهما الفاعل في النهوض بالأمة وبعثها لتمارس دورها في هداية المسلمين وأستاذية العالم حتى بعث الله الزنكيين عماد الدين ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي، فقاموا بالإصلاح الاجتماعي في التربية والتعليم والصحة والإدارة كمقدمة لمعركة التحرير التي آتت أكلها بعد 90 سنة من احتلال بيت المقدس .
إن يأسنا من العدو الأمريكي الغربي وعملائه وحلفائه هو أولى خطوات النصر، لأن ذلك اليأس سيدفعنا إلى الالتفات نحو عوامل النصر الحقيقية التي وعدنا الله في كتابه الجليل ورأينا تصديقها في سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من بعده عبر العصور .
إن أمة الإسلام تضعف لكنها لا تموت وإن القدس هي عاصمة الإسلام بلا شك، لكن معركة التحرير ستبدأ فقط حين تصير القدس عاصمة في قلوب المؤمنين في كل الأقطار يعملون الليل والنهار لإحياء الايمان في القلوب وبعث قضية القدس في الضمائر، وتجنيد الأمة للمعركة الكبرى التي نرى بشائر نصرها من بعيد.