العقاب التقليـدي لا يعدل سلوك أبنائنا
أميمة الجابر/
تتعدد المشكلات لدى الأطفال، فكل منهم يعاني سلوكا يختلف عن الآخر، الظروف الاجتماعية غير السوية تشكل عند الطفل ردود أفعال غير طبيعية فتنتهي به إلى اضطراب في السلوك، وللأسف يتجاهل الوالدان كل هذه الأسباب ويتجهون إلى عقاب الطفل عندما يرتكب سلوكا يرونه خطأ، فكيف يتوقف الطفل عن الخطأ والسبب مازال مستمرا؟
اعتاد بعض الآباء اتباع الطرق التقليدية للعقاب، وهي وسائل معظمها خاطىء وتستخدمها الكثير من الأسر، وعادة ما تؤذي الأطفال جسديا أو نفسيا، كالضرب، والانفعال، والعصبية، والصراخ، والشتم، غير النظرات الحادة، والبعض يُحزن قلب الطفل ويكسره بالمقارنة بينه وبين أقرانه، والبعض عندما يصل به الحال أن يستخدم طريقة الحبس، أو طريقة الطرد ..!!
فهل نترك الأبناء إذن دون عقاب؟
الأمر ليس كذلك، ولكن هناك بدائل عقابية لتعديل سلوك أبنائنا، وهي طرق علمية مقبولة، بدون إيذاء جسدي أو نفسي، وأمور يجب مراعاتها أثناء ذلك، أختصر لك نماذج تطبيقية منها:
– علينا أن ننتبه ألا نعاقب أبناءنا لحظة غضبنا، فلابد أن نتمالك أعصابنا حتى نهدأ، وأيضا لا نعاقب الابن أثناء ثورة غضبه، أي عندما يسلك سلوكا غير مرغوب فيه، وحتى لا يقع عليه ظلم لا يستحقه ولا يساوي ما فعله، أن نستمع لحكاوي الطفل، وشكواه، والاهتمام بطرح بعض الأسئلة البسيطة أثناء الحديث معه بطريقة بسيطة، فبسرد المواقف التي يتعرض إليها نقدم له النصح أولا بأول.
– يجب أن نراعي عدم الإكثار من التوبيخ إلا عند الحاجة الماسة، وعدم الاستهزاء، والسخرية، وعدم استخدام وسيلة الضرب، بل نتأسى بالصالحين في تعليق العصى أمام الأبناء فقط دون استخدامها إلا في الضرورة مع عدم الضرب المبرح، ولا نهدده ولا نخيفه، ولا نستخدم لغة القوة والسلطة.
ويجب تعليم الطفل عادات حسنه بدلا من العادات السيئة، والاهتمام بالأمور العبادية عنده، بالمحافظة على الصلوات بطريقة محببة للصلاة وليس بطريقة الضغط، واصطحابه في الأعمال الخيّرة كتوزيع صدقات على الفقراء، أو مساعدته على ترديد الأذكار اليومية، وتذكيره بها في صورة جماعية أو غير ذلك.
– عدم تجاهل الأبناء أو الانشغال عنهم بسبب دوامة الحياة، بل التقرب إليهم ومصاحبتهم، واللعب معهم، فمتابعة الابن مسؤولية الأبوين معا.
– يجب علينا عدم توقع تحسن سلوك الابن بسرعة، ولكن علينا أن ننتبه إلى أن الأمر يحتاج للصبر، والتحسن لا يكون إلا تدريجيا، ولا يمكن أن نزرع شوكا وننتظر أن نحصد ثمرا يانعا، بل يجب أن نقوم نحن سلوكنا معهم ثم ننتظر الأثر.
– الدعم النفسي والمعنوي لابد منه للابن، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فلابد أن نستخدم لغة التحفيز والترغيب عندما نرى سلوكا طيبا، فمثلا نزيد مصروفه، أو نشجعه بشيء يحبه من شراء هدية له، أو الخروج معه لنزهة والترفيه ومع الكلمات التشجيعية ونظرات الرضا وبسمات الإعجاب وغيره.
عند خطأ الابن الشديد أخلاقيا أو دينيا يجب إشعاره بأن الأبوين يتألمان لما فعله، فإن لم يهتم فهجره يوما، أو يومين دون الحديث معه، كذلك فعدم الكلام أو الطعام معه يعتبر نوعا من أنواع العقاب الحاد بل أشد من الضرب بكثير.
الحرمان نوع من أنواع العقاب، كحرمانه من مصروفه يوما أو يومين، أو حرمانه من الذهاب لرحلة كان يريدها، أو غير ذلك، مع مراعاة عدم حرمان الطفل مدة كبيرة، أو الزيادة في العزل عنه والتجاهل له، لأنه قد ينقلب الأمر لضده.
ليتنا نعلم أن الصغير يشعر كما يشعر الكبير، ويحزن كما يحزن الكبير بل أكثر، وعلى هذا الأساس يجب أن نعامله.