من حق الفتاة أن ترفض الخاطب الْمُدْمِن على الشمة والتدخين.
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com/
الفتوى رقم:525
الســـــؤال
قالت السائلة (ج.و): تقدم إليها خاطب ومن صفاته أنه يتعاطى حشيش الشمة، والتدخين (حشيش التبغ). وأبوها وافق، وهي رفضت، فأراد أبوها أن يكرهها على الزواج من هذا الشمام المدخن، فهل يجوز لوالدها أن يكرهها على ذلك؟
الجـــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الأصل في الزواج أن المرأة حرة في اختيار الزوج، بغض النظر عن كونه يتناول نوعا من الخبائث أم لا،. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: [أَنْ تَسْكُتَ] (البخاري:5136.مسلم:1419) ومعنى (البكر) أنها المرأة الفتاة التي لم تتزوج بعد. ومعنى (أن تسكت) يكون سكوتها استحياء، ولكن مع قرائن تدل عن قبولها، أما إذا رفضت، فلا يجوز إكراهها.فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها، أنّها قالت: {يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحِي؟} قَالَ: [رِضَاهَا صَمْتُهَا]. فهذه مسألة، لابد ان يعلمها الآباء والأمهات. فلا يكره الابن على التزوج بمن لا يرغب فيها، وكذلك البنت لا تكره على الزواج بمن لا تحبه. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: نعم، من حق الفتاة المسلمة أن ترفض المدمن على الشمة والتدخين، فمن الخاطبين الذين يُرفضون، ولا يجوز للوالدين إكراه الفتاة على الزواج بواحد منهم. أولهم المتهاون في الصلاة، لايجوز للمسلم أن يزوج ابنته لتارك الصلاة، والذي لا يقوم لصلاة الفجر في الوقت مثلا عن عمد باستمرار، أما تارك الصلاة نهائيا فيحرم على المسلمة قبوله زوجا لها. ومدمن الخمر، والتبغ، والشمة، والقات،. والتبغ والشمة من الخبائث التي نهى الله تعالى عنها. ﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 100) والتبغ والشمة من القبائح التي تصنف مع الخمر، وتوصف الخمر بأنها أم الخبائث. وكثير من الذين يتعاطون المخدرات سبب سقوطهم في ذلك هو التدخين، الذي يُدَسُّ في سجائره أنواع الكوكايين والمهلوسات، وسائر أنواع الحشيش المعالج في مواد مخدرة، التي يصنعها الفاسقون ويقع فيها المدخنون.
ثالثا: أسباب التدخين والشمة، ثم المخدرات والقمار، ثم اللصوصية والحرابة، أول سبب {الجهل} فالشاب الجاهل الغبي يقلد، الصور في المجلات، ويقلد الأفلام، ويحسب أن ذلك الممثل، أو المسؤول، أو الغني الغنى المادي، يظن المراهق الناظر إليهم أنهم ذوو مستوى عال في الثقافة والمكانة فيقلدهم، ولو سأل أحدهم لقال له: إنها مصيبة وقع فيها. ثم إن أكثر من ثمانين بالمائة من المدخنين قلدوا الشباب الضائع. وأكثر من أربعين بالمائة من المدخنين قلدوا آباءهم.
والأسباب الرئيسة تعود إلى التقصير الخطير في التربية الأسرية، حيث إهمال الآباء العناية بأبنائهم، ثم التقصير الأخطر في التربية المدرسية، فالتوجيه التربوي التقويمي للطالب والطلبة في كل مؤسسات التربية والتعليم ناقص، بل منعدم، بل فيه إهمال يوحي بدفع الطلبة إلى الانحراف في السلوك.
رابعا: التدخين يسبب أضرارا كثيرة، منها المكونات السامة للسيجارة، وفيه مواد مُسَرْطِنة، والمدخن كأنما هو ينتحر ببطء عن قصد، ولكن ضرر التدخين لايقتصر على المدخن وحده، بل يصاب بالضرر الذين يعيشون معه: وأولهم الزوجة تصاب بالمرض المادي، والمرض النفسي، ثم الأولاد، يصابون بالمرض، والمرض الأخطر والمصيبة الكبير أنهم يقلدون أباهم القدوة في هذه الرذيلة القبيحة.!!! بالإضافة إلى رذيلة التبذير. ويكفي قبح التدخين أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين..
والغريب العجيب أن المدمنين على التدخين ومنه الشمة الخبيثة وما فيهما من الأضرار، لا يعبؤون بالحقائق العلمية التي أثبتت المشكلات الصحية والاقتصادية، فالأطباء هم أكثر الناس دراية بمشكلات التدخين والعواقب الوخيمة للمدخن صحيا ونفسيا، والمعلمون والأساتذة هم أول الناس دراية برذيلة التدخين التي تسيء إلى شخصية الإنسان ومحيطه، وقذارة فمه، والرائحة الكريهة التي تسيء إلى جلسائه. لكن أما تتعجب أكثر عندما ترى طبيبا أو ممرضا أو معلما أو مديرا يدخن ويشمم طحين النبتة السيئة المضاف إليها المواد المسكرة؟ فأمرهم غريب وعجيب.؟؟ ألا إن في الشمة والتبغ ضررا فاجتنبوه. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.