قرار “ترامب”.. يدرس يقرر بنقل سفارة بلاده إلى القدس ابتزاز قذر/ محمد الحسن أكيلال
إنَّ القرار الذي اتخذه الرئيس الامريكي يدخل في صلب ونص قانون سنه الكونغرس الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق “بيل كلينتن”، وكل ما فعله هذا الأخير ومن جاء من بعده من الرؤساء هو تأجيل له ليس أكثر.
أما السيد “ترامب” الذي عين صهره (زوج ابنته) مستشارًا له وهو من صقور الحركة الصهيونية الأمريكية ويعتبر ممثلا للحكومة الصهيونية في أمريكا، فإنه باعتباره رجل أعمال ومال وجد في هذه العملية وسيلة لا مثيل لها لتحقيق مآرب عدة أهمها:
- الاستنجاد بالحركة واللوبي الصهيوني في بلاده في قضية التحقيق التي تجري حول أحد أعضاء لجنة حملته للانتخابية الرئاسية المتهم بالتعامل مع الاتحاد الروسي لمساعدته على الفوز في هذه الانتخابات بدل “هيلاري كلينتن” وقد ثبت تورطه وهو قد كلف برئاسة مكتب التحقيقات الفدرالي FBIقبل أن يقدم استقالته بعد عشرين يوما، ولما وصلت التحقيق إليه أقر بالكذب على المحقق الفدرالي وأنه موجه من صهر الرئيس “كوشنر” الذي اعترف بدوره بذلك ولكن للطلب من الحكومة الروسية تأجيل عرض قضية في مجلس الأمن الدولي لأن ذلك يضر بأمن ومصالح دولة إسرائيل.
- للتأكيد على إخلاصه وصدقه في خدمة الصهيونية وحرصه على مصالح وأمن إسرائيل اعتمد الوسيلة التي بها يبتز السلطة الفلسطينية لإرغامها على استئناف المفاوضات بالشروط الإسرائيلية وفرض الاستسلام عليها والقبول بالأمر الواقع في بناء المستوطنات وشرعنة الاحتلال لكل أرض فلسطين، وخاصة وأن الدول العربية الأقرب إلى فلسطين والملتزمة بالمساعدات المالية لها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من إعلان بدء العلاقات الدبلوماسية العادية والتطبيع الكامل مع دولة الكيان الصهيوني.
لقد مهد للعملية الابتزازية هذه بقرار غلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في الوقت الذي كانت تجري فيه في القاهرة مداولات المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي “فتح” و”حماس” التي أعلنت حكومة “تل أبيب” رفضها المسبق لها ما جعل العملية كلها تؤجل إلى وقت لاحق، ربما لتمارس مصر ما يلزم من ضغوط على الطرفين أمليت عليها من طرف أمريكا وإسرائيل.
يجري هذا في الوقت الذي تعد حكومة “تل أبيب” للدخول في حرب إقليمية ضد إيران، وقد بدأت فعلا بقصف قاعدة عسكرية سورية قرب دمشق بدعوى أنها قاعدة إيرانية مثلما قامت بمناورات عسكرية على حدود قطاع غزة المحاصر.
العملية أيضا تدخل في ابتزاز قذر أيضا لكن هذه المرة ضد روسيا التي تربطها معها علاقات دبلوماسية وتجارية، لأنها تريد اختبارها في جدية ارتباطها الاستراتيجي بمحور – إيران والعراق وسوريا وتركيا – التي تعتبرها دولة إسرائيل الأعداء الألداء لها وهي تشكل خطرًا على أمنها بل ووجودها في المنطقة.
ابتزاز آخر وأخير لكن هذه المرة لأمريكا نفسها وهي تراها ترتخي وتبدي نوعا من الانسحاب في سوريا والعراق أمام النجاحات التي حققتها وتحققها روسيا والجيش السوري والعراق على الأرض بدعم ومساندة الحرس الثوري الإيراني وحزب اللـه اللبناني.
“ترامب” الذي يرتجف كلما جد جديد في التحقيق الذي يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي والكونغرس حول تهمة تعاونه وعلاقاته بالرئيس “بوتين” وروسيا أثناء الحملة الانتخابية التجأ إلى هذا الابتزاز لكل الأطراف بما في ذلك اللوبي الصهيوني الذي ابتزه هو أيضا حين رفعه من بين كل المرشحين في الحزب الجمهوري وساعده على إسقاط خصمه مرشحة الحزب الديمقراطي (هيلاري كلينتن) في الانتخابات. فالابتزاز يقابله ابتزاز، لكن غباؤه السياسي جعله عجينة طيعة بين أيدي الصهاينة وعلى رأسهم صهره “كوشنر” الذي أثبت للعالم إخلاصه لحكومة “تل أبيب” أكثر من إخلاصه لصهره ولبلاده الولايات المتحدة الأمريكية.
لم يبق أمام السيد “محمود عباس” والسلطة الفلسطينية إلاّ وسيلة واحدة أدناها إعلان المصالحة الوطنية الفلسطينية وفق تصور ورؤية فصائل المقاومة التي تريد الإبقاء على سلاحها خارج التفاوض مع الالتزام بالانضباط الدستوري والعسكري في قضية إعلان الحرب والسلم الذي يجب أن يكون من اختصاص الرئيس؛ وأقصاها بداية التحريك الشعبي للانتفاضة التي قد تتطور إلى استعمال السلاح في حال استعملته دولة إسرائيل ضد سكان قطاع غزة. هذه الحرب هذه المرة قد تتوسع لتشمل كل المنطقة من سوريا ولبنان شمالا إلى مصر والسعودية جنوبا وفي هذا مدعاة للتفكير في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
لقد طفح الكيل والسلطة التي تطلب من الجامعة العربية ممارسة ضغوط على أمريكا لإيقاف نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس الغربية، هذه السلطة تعلم علم اليقين أن القرار لا يلغى وإنما يؤجل لأن القرار يتضمنه نص قانون، وهذا الطلب إنما هو طلب لمواصلة الابتزاز والتركيع والضغط للاستسلام والاستسلام هذه المرة يستند إلى مرجع عربي هو مبادرة السلام كخيار استراتيجي بين العرب وإسرائيل، والصراع الذي كان قبل هذه المبادرة بين العرب وإسرائيل أصبح الآن يسمى الصراع العربي الفلسطيني.
فليتذكر السيد “محمود عباس”: وما النصر إلاّ من عند الله، إن ينصركم الله فلا غالب لكم.