مات «لارس» السويدي فـهل مـن معـتـبــــر؟!
الشيخ نــور الدين رزيق/
جاء خبر هلاك الرسام السويدي لارس فليكس صاحب الرسوم المسيئة لنبي الإسلام، إثر حادث مروري رفقة ضابطي حراسة يقومان بحراسته الشخصية منذ 2007، بعد نشره لرسوم مسيئة للرسول محمد، ليؤكد وعد الله تعالى إزاء المسيئين لجناب رسول الله -صلى الله عليه وسلم – حين قال الله تعالى:
{إنا كفيناك المستهزئين}.
وسبب نزول هذه الآية وإهلاك الله لهؤلاء المستهزئين واحدا واحدا معروفة قد ذكرها أهل السير والتفسير وهم على ما قيل نفر من رؤوس قريش: منهم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسودان ابن المطلب وابن عبد يغوث، والحارث بن قيس.
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية: «وهذا وعدٌ من الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم – أنْ لا يضرّه المستهزئون، وأنْ يكفيهم الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله تعالى، فإنَّه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم – إلَّا أهلكه الله وقتله شر قتلةٍ».
ونقل الينا أهل العلم هذا الأثر «كان المسلمون إذا حاصروا أهل حصن واستعصى عليهم، ثم سمعوهم يقعون في النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ويسبونه، يستبشرون بقرب الفتح، ثمّ ما هو إلا وقت يسير، ويأتي الله تعالى بالفتح من عنده انتقاماً لرسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».
ومما يذكر عن أحد ملوك النصارى أنه أتى برجل من أهل دينه (نصراني) كان يسب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ويرميه بالكذب، فجمع الملك علماء ملته، وسألهم: كم يبقى الكذاب؟ فقالوا: كذا وكذا، ثلاثين سنة، أو نحوها، فقال الملك، وهذا دين محمد له أكثر من خمسمائة سنة، أو ستمائة سنة [يعني: في أيام هذا الملك ]، وهو ظاهر مقبول متبوع، فكيف يكون هذا كذابا؟؟ ثم ضرب عنق ذلك الرجل !!
وروى العلامة ابن حجر العسقلاني في كتابه النفيس «الدرر الكامنة»(ج202/3) قصة عجيبة:
«كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعاً في تنصيرهم وقد مهد لهم الطاغية هولاكو سبيل الدعوة بسبب زوجته الصليبية ظفر خاتون، وذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير عقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول، فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هناك كلب صيد مربوط، فلما بدأ هذا الصليبي الحاقد في سب النبي صلى الله عليه وسلم زمجر الكلب وهاج ثم وثب على الصليبي وخمشه بشدة، فخلصوه منه بعد جهد.. فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في حق محمد عليه الصلاة والسلام. فقال الصليبي: كلا بل هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه، ثم عاد لسب النبي وأقذع في السب، عندها قطع الكلب رباطه ووثب على عنق الصليبيي وقلع زوره في الحال، فمات الصليبي من فوره، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول».
صدق الله العظيم {أنا كفيناك المستهزئين}
قال ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير «فَقَدْ صَرَفَهُمُ اللَّهُ عَنْ أنْ يُؤْذُوا النَّبِيءَ بِغَيْرِ الِاسْتِهْزاءِ، وذَلِكَ لُطْفٌ مِنَ اللَّهِ بِرَسُولِهِ».
أما المنصف من ملتهم فشهادته في حق هذا النبي صلى الله عليه وسلم أحق أن تذكر
فها هو مايكل هارت في كتابه «الخالدون مئة» ص13، وقد جعل على رأس المئة نبينا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول:
«لقد اخترت محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أول هذه القائمة… لأن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي».
أما الدكتور زويمر (مستشرق كندي ) فيقول: «إن محمداً كان مصلحاً قديراً ، وبليغاً فصيحاً، وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء».
وغيرهما كثير ممن قدم شهادة حق و انصاف في حق هذا النبي صلى الله عليه وسلم.
اقول في الختام ،إننا وإن كنا ننظر إلي هؤلاء المستهزئين بعين الغضب والسخط والغيظ، إلا أننا أيضاً ننظر إليهم بعين الشفقة عليهم، فهم عما قريب سيموتون ويكونون من أهل النار إن ماتوا على ذلك فندعوهم إلى الإسلام والنجاة رحمة بهم وشفقة عليهم.
ونسأل الله تعالى أن يعلي دينه، وينصر أولياءه ، ويذل أعداءه، {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.