تاريخنا بين ستورا وماكرون (1)
أ. عبد القادر قلاتي/
عندما ردّ المؤرخ الفرنسي بن يامين ستورا على ما جاء في تصريح الرئيس ماكرون المشكك في الوجود التاريخي للأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، لم يعن مقاربة الحق والعدل مع تاريخنا السياسيّ، بل كان يرسم خط الرّجوع الذي تستثمره لعبة السياسة دائماً، في حال مرور سحابة صيف بين سياسة بلدين ما، وما صرّح به السيد ماكرون مغالطة معروفة في تاريخنا المشترك، لها امتدادات في السياسة الفرنسية منذ الاستقلال الوطني، وكثيراً ما أثير هذا الموضوع في إطار الخلافات التي حدثت بين الجزائر المستقلة وفرنسا الاستعمارية، وكانت تعالج -دائماً – بالرّجوع إلى المؤرخين الذين يبدون ليونة ومرونة في قراءة تاريخنا دون أن يكون هناك حسم للموضوع، حتى تتمّ المعالجة السياسية على حساب التاريخ المختلف فيه بين الرؤيتين الاستعمارية والوطنية، وما جاء على لسان ماكرون لا يخرج عن إطار العرف المتبع في السياسة الفرنسية منذ خرجت من بلادنا. لم يكن ستورا في ردّه ذاك إلاّ منجدا للرئيس الفرنسي، الذي يحاول دائماً أن يبقى وفياً للتقاليد السياسية الفرنسية، التي كانت تظهر فرنسا -دائما – من خلالها -أي هذه التقاليد- أنّها ما تزال تلك الامبراطورية الاستعمارية الكبرى، لكن الوضع السياسيّ والاقتصاديّ الحاليّ فضح الدولة العجوز وأظهر عيوبها بعد أن انزاحت عن وجهها القبيح تلك المساحيق التي كانت تستر تلك العيوب وتخفي وراءها تاريخاً طويلاً من الإجرام في حقّ شعوب استغلت ضعفها، ونهبت خيراتها وثرواتها وما تزال تنهب إلى يوم النّاس هذا، ولولا هذا الرصيد المكتسب من تاريخها الاستعماري ما كان لها أن تبقى دولة محورية في صناعة السياسات في البلدان الإفريقية المسجلة في سجلها الاستعماري. إنّ تاريخنا البعيد وتاريخنا القريب، لا تحدّده فرنسا الاستعمارية ولا يرسم معالمه مؤرخوها الكبار أو الصغار، فهو تاريخ معلوم ومكتوب ومدوّن تشهد بذلك الوثائق والكتب والمعاهدات والمراسلات المتاحة اليوم حتى للإنسان البسيط، فكيف بالمشتغلين بالدرس التاريخي والعارفين بتفاصيله وخفاياه؟ .. وللحديث بقية