المرأة و الأسرة

لنجعل من مدارسنا سببا للائتلاف، لا مدعاة للاختلاف

أ. / أمال السائحي/

 

إن كلمة إنسان لها معنيان: معنى لغوي وآخر اصطلاحي، والإنسان بالمعنى اللغوي مشتق من كلمة (إنس)، ويعتقد آخرون أنّ الكلمة مأخوذة من (النسيان)، ونحن إذا اعتبرنا اشتقاقها من (الإنس) فإنّها تعني الجامع وخليفة الله، لأنّ الإنسان هو الكائن الذي يظهر أسماء الله، ومن خلاله يتمّ استئناس الحقائق وإبصارها، أما الإنسان اصطلاحياً فمعناه بحسب ما ورد في القرآن الكريم يعني أنّه:» حيٌّ متأله.
ويعرف كذلك الإنسان بأنّه كائن بشري يتكوّن من طبيعتين(ماديّة وروحيّة)، وهو أيضاً خليفة الله تعالى على سطح الكرة الأرضيّة، فهو المسؤول عن إصلاح سطح الأرض وعمارتها، والسعي بجد في سبيل تطوير المجتمعات البشريّة في كافة نواحي الحياة، وابتكار كل ما من شأنه تيسير سبل الحياة من خلال العمل في العديد من المهن كالتجارة والصناعة وسائر العلوم التي تعود عليه بالنفع.
ومن خلال تعريفنا للإنسان، نرى أنه من الجانب الروحي يحمل السعادة، والحزن، والقوة والضعف، والحب والكره. وإن اختلفت هذه السمات فيه من شخص لآخر، بحكم التربية التي تشربها، وبحكم محيطه الذي يؤثر فيه أيما تأثير من الأصدقاء في المدارس، في الأماكن العامة، أو الجيران..وقد يتولد عن تلك العلاقات آثار سيئة على الطفل، أو المراهق من خلال مقارنة ما يملكه بما يملكونه، واكتشافه لمحدودية قدرة والديه على تلبية رغباته في اقتناء نفس الحذاء أو نفس اللباس أو نفس الأدوات المدرسية التي يجدها عند أصدقائه…
من منا اليوم لم يلاحظ بأن أبناءنا أصبحوا أسيري المظهر الخارجي وأقصد به اللباس وقصة الشعر، وليس أبناؤنا فقط، بل الأسرة بأسرها باتت أسيرة هذا التفكير، وأصبح الجانب المادي ينهك كاهل المربي الذي يريد أن يوفر لأبنائه هذا النمط المعيشي لكنه لا يستطيع… ولو تساءلنا عن حالة هذا المربي اليوم؟ وكيف يكون صنيعه مع جيل اليوم، الذي أصبح همه الوحيد أن يقتني كل ما هو جديد، ويتماشى مع عصره، وليس هذا فقط، بل يريد أن يكون له اسمه ورسمه على الحذاء، أو على الملابس التي يقتنيها، حتى يتباهى بها أمام زملائه في المدرسة، وفي ذلك ما فيه من إذكاء لروح التباهي بالنسبة للمقتدرين، وتحريضهم على التمادي في التطاول على غير المقتدرين، وبذلك تشحن النفوس بالبغضاء والكراهية وترفع الحواجز النفسية بين الفريقين وتمنع التقارب بينهما وتجعل التعاون بينهما مستحيلا في المستقبل..
أليس من الأولى والأنسب أن تأخذ مدارسنا بفكرة «توحيد الزي المدرسي» في الأطوار الثلاثة الابتدائي، المتوسط، والثانوي، الذي سيكون له أبلغ الأثر وأحسنه على البعد السيكولوجي والنفسي لأبنائنا وبين بعضهم البعض، بل إن ذلك سيرسخ في وجدانهم أن لا فرق بين الإنسان وأخيه الإنسان إلا بالعمل الصالح كما نبهنا إليه ديننا الحنيف.
ولا شك أن ذلك لن يسهم في تذويب الفوارق الطبقية بين التلاميذ فقط، ولكنه سيحفزهم إلى اعتماد وسائل وأدوات وأساليب أخرى للتعبير عن تميزهم عن الغير، وسيكون التفوق في التحصيل المعرفي الأقرب إليهم، والأرفق بهم، وبذلك نضمن لأبنائنا تحصيلا دراسيا متميزا، ولمدارسنا عائدا تربويا مرضيا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com