أمريكا تفر بجلدها من أفغانستان
أ. محمد الحسن أكيلال/
بداية الانسحاب من الشرق الأوسط
أخيرا اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بهزيمتها في أفغانستان وقررت الانسحاب على عجل منها ومعها كل حلفائها من الامبرياليين، انسحبت تاركة شبه الدولة التي أنشأتها وأنفقت على جيشها أكثر من 165 مليار دولار مثلما أنفقت على الحرب فيها 2.5 ترليون دولار، تاركة تلك الدولة المؤطرة بعملائها للمصير المجهول.
إن الانسحاب من أفغانستان هو بداية للانسحاب من كل الشرق الأوسط، يعني أن تتخلى عن الدول الأخرى التي أنشأتها الامبريالية في القرن الماضي وبقيت أمريكا راعية وحامية لها مقابل الثروات النفطية وعائداتها التي تعود إلى الخزينة الأمريكية بطريقة أو بأخرى.
الدولة الوحيدة التي قد تؤخر الانسحاب من المنطقة هي الدولة العبرية التي أدمجت قيادة جيشها ضمن قيادة الجيش الأمريكي الوسطى التي يوجد مقرها في اليونان.
دولة الكيان الصهيوني تخلف أمريكا على المنطقة
كان طموح قادة الكيان الصهيوني منذ غرسه في فلسطين أن يتولى قيادة كل إقليم الشرق الأوسط، والدول الغربية الامبريالية لم تدخر جهدا لتمكينه من ذلك، فالجيش منحت له كل الوسائل المادية والمالية ليصبح أقوى جيش في المنطقة، وقد مكن حتى من امتلاك التكنولوجيا النووية والقنابل عن طريق فرنسا عام 1959، بينما تولت بريطانيا في البداية تكوين هذا الجيش وتدريبه وتسليحه، بل وإشراكه في الحروب والمناورات إلى أن أصبح أقوى جيوش المنطقة، حيث ساعده الغرب على الانتصار في ثلاثة حروب متتالية ضد الجيوش العربية، وتكونت في اللاوعي الجماعي العربي أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأنه استطاع بنكبة 1948 ونكبة عام 1967 أن يصبح بعبعا مخيفا للأنظمة العربية.
ما يخيف أمريكا حاليا وحلفاءها الانكليز والفرنسيين وكل أوربا الغربية وأستراليا وكندا أن هذا الجيش بعد عام 2006 أصبح كائنا ورقيا ترعبه فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، على هذا الغرب وعلى رأسه أمريكا أن يبعد الأخطار المحدقة بهذا الكيان وعلى رأس هذه الأخطار محور المقاومة الذي تتزعه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وإذا كان لابد من التفاهم مع كل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية باعتبارهما حليفين للطرفين فليكن لكن في إطار المفاوضات التي تجمع كل الأطراف لقبول أمريكا تقديم بعض التنازلات فيما يخص التعددية القطبية.
مشكلة دولة الكيان الصهيوني تكمن في اليمين المتطرف الذي يشكل الأغلبية في الحكم، وهذا التيار لا يترك لأمريكا وحلفائها حرية التصرف والمبادرة حتى لما فيه مصلحته، فهو مثلا يريد إيقاف المفاوضات حول الاتفاق النووي ويمارس ضغوطا شديدة على الإدارة الأمريكية للقيام بتحطيم المفاعلات النووية الإيرانية لمنعها من امتلاك ليس الأسلحة النووية فقط، بل حتى مجرد التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، أكثر من هذا يمنع أيضا الدول العربية المجاورة من امتلاك هذه التكنولوجيا .
أمريكا التي تعرف أن قوى المقاومة التي بدأت تتدعم بدول عربية أخرى مثل الجزائر يمكن لها أن توقف هذا الوحش الكرطوني عند حده وطبعا ذلك لن يكون إلا بحرقه وإزالته نهائيا من الوجود ليعم السلم والاستقرار في ربوع المنطقة.