اعتداءات التلاميذ على الأساتذة ما سببها؟؟
أ. / أمال السائحي/
في جولة مع صديقة، تمتهن مهنة التعليم، استغربت من قرارها الذي أخذته، وهي جازمة أن تستقيل من التعليم تماما..ويعلم الله أنّي تألمت بداخلي لذلك.. لأنها أستاذة ذكية وفطنة وتعمل بجد في ميدانها..ولها خبرتها ونحن لا تنقصنا الخسائر، في هذا الميدان أو في غيره، لأننا نؤمن دائما بضرورة وجود الإنسان المناسب في المكان المناسب..واسمحوا لي أن أضيف أن ما يعانيه مجتمعنا من مشاكل يرجع إلى تسلل كلمة «غير» ما بين الرجل والمناسب، مما جعل الموازين تنقلب في كثير من مواقع وأماكن العمل، فضاعت الجهود وساء المردود.
أردت أن أعرف ما هو سبب إقدامها على هذا القرار.فقالت بكل بساطة: «عندما يصبح التلميذ يتطاول على المدرس، وتصل الأمور إلى حد التحرش به خارج المدرسة، أو تتجرأ مجموعة من التلاميذ على تعاطي المخدرات أمامه.. ويبقى الأستاذ حائرا بين أن يعظهم أو يبلغ عنهم… أو أن ثلة من التلميذات يتحدثن عن لقطة من مسلسل في خضم الدرس، إلى غير ذلك من الآفات التي لا تحصى ولا تعد.. بين البنين والبنات..
وأردت أن أعرف رأيها في الأستاذ وما يقدمه من قدوة لهذا التلميذ، فسألتها عن ذلك فقالت: لم يعد الأستاذ كما كان في زمن مضى يعطي درسا في القيم والأخلاق، قبل أن يعطي الدرس المقرر، إلاّ فيما ندر، بل تجدينهم في بعض الأحيان لا يبالون ما إذا كان التلميذ مركزا معهم أم لا، المهم أن الدرس قد ألقي، ولا يعنيهم من كان حاضرا بجسده وعقله، أومن كان حاضرا بجسده فقط..
ممّا جعلني أسأل نفسي:هل أدرك المربي في البيت والمدرسة أهمية الأنماط السلوكية التي كان من الواجب أن تصدر عنه لتبعث في التلاميذ سمو الأخلاق وحب العلم، وحرص على أن يتشربها التلاميذ منه ويتشبعوا بها أصلا؟.
أنا لا أشك أن كل الأسر والمدارس تقوم بالتوجيه، وتسعى إلى النهوض في كل المجالات، ولكن النسبة التي تحقق النجاح في ذلك تبقى قليلة جدا، سواء على مستوى الأسر أو المدارس.
ويؤكد ذلك ما نراه من انحراف أخلاقي، وديني، واجتماعي عام، وعلى كل الأصعدة، مما يجعلنا نقول للأسرة اليوم، والأستاذ، راجعوا مناهجكم، جددوا أساليبكم، وركزوا على المرأة فإنها أساس التربية الصالحة ودعامتها، فهي المدرسة الأولى التي يتشرب منها الأطفال حب الجمال، والتوق إلى الكمال وما أحسن ما عبر عن ذلك الشاعر الذي قال:
ليسَ يَرقى الأبناءُ في أمة ما
لم تَكن قد تَرقت فيها الأُمهات