التفكير بصــوت مسموع النقد في بيئــة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

يكتبه: حسن خليفة/
كثيرا ما رغبتُ في الحديث عن «الداخل» الخاص بالجمعية، ومن ذلك الحديث عن اجتماعات المكتب الوطني، وما يدورفيها، وكيف يجري ذلك، سواء من حيث طبيعة الخطاب أو أساليب وطرائق الحوار والنقاش، والذي كثيرا ما يتميزبالصراحة والقوة،و بالنقد المركز القاسي أحيانا. ولعل المناسبة تأتي للحديث عن ذلك إن شاء الله تعالى.
ولكن دعونا ا ليوم نتحدث عن شيء من النقد المُمارس في «بيئة» جمعية العلماء، وأعني به النقد الذاتي، لعله يلقي ضوءا على اهتمام ،بل احتفاء الجمعية بالنقد وتشجيعها عليه؛ لأن النقد الحقيقي البنّاء سبيل من سبُل البناء والتقويم والتطوير والتحسين.
هذا تقرير كُتب قبل سنوات ووجّه إلى قيادة الجمعية من قبل لجنة كانت تهتم بتقديم خلاصات نقد واقتراح للمكتب الوطني، على سبيل تطوير الأداء وتحسيـنه، ببيان العوائق والنقائص والعيوب واقتراح ما يجب من الحلول.
ينطلق هذا التقرير من مسلمة رئيسة تتمثل في ضرورة الانتقال إلى منهج جديد علمي واقعي فيما يتصل بتشخيص مشكلات وإكراهات جمعية العلماء المسلمين، ومعرفة المعوقات التي تعوق حركتها الإيمانية المتميزة، كما يتأسس على ضرورة الاستفادة من الأساليب العلمية في قراءة حركة المنظمات/الجمعيات واعتماد منهج التخطيط العلمي، واستشراف آفاق المستقبل كأسلوب في العمل المستقبلي ،فيما يمس عمل الجمعية عموما، وطرح برامجها ورؤاها بشكل غير تقليدي، وهوما يسمح لها ـ باذن الله ـ أن تقدم النافع من الرؤى والتصورات والبرامج في خدمة الدين والوطن وترسيخ خط الإصلاح الواقعي في عملها.
واذ نضع هذا التقرير بين يدي قيادة الجمعية فإننا نرجو أن يُتوج بما يجب من القرارات التنفيذية التي تمس خاصة المحاور المشار اليها بشيء من التفصيل ،كما ستبينه الصفحات التالية:
تشخيص ..ونقاط الضعف:
– بعد نقاشات طويلة واستعراض لما تعرفه الجمعية وعرفته من خلال مسيرتها عموما،فإن أعضاء الهئية العلمية، مع تقديرها للجهود التي بُذلت فإنها ترى أن الطابع العام الذي يطبع عمل الجمعية هو «الضعف» ـ وعليه فهي تسجل الاختلالات المتعددة في جسم الجمعية وترى أنه من الواجب تجاوزتلك الاختلالات؛خاصة في المجال التنظيمي ـ الإداري ـ التريوي ـالثقافي/الإعلامي ..
أـ من حيث التشخيص عامة:فإن الهيئة ترى أن الجمعية تعاني من ضعف كبير، لا يتناسب مع قيمتها التاريخية ولايستجيب للفرص والإمكانات والطلب الكبير في الإقبال عليها، وذلك يعود في تقدير أعضاء اللجنة العلمية .. إلى مايلي:
1- الضعف التنظيمي والاختلالات الموجودة في الهيكلة والتأطير والاستقطاب المركز.
2- العجز عن استيعاب الأعداد المطلوبة والمتوفرة في الواقع الحقيقي؛ حيث يسجِّلُ كل مهتم ومتابع ذللك القَبول الكبير على الجمعية والاهتمام بأنشطتها وبرامجها لدى قطاعات عريضة ،ولكن في نفس الوقت يُسجّل الاستيعاب الضعيف لهذا الإقبال، والبطء وقلـة الاندماج في برامج وأعمال وأنشطة الجمعية من شرائح عريضة، خاصة فئات الشباب والطلبة والنساء والتجاروالمهنيين عموما (الأطباء، المحامون، الصيادلة، الأساتذة، الخ ).
3- عدم وجود رؤية واضحة مدعومة بجهد منهـجي وأهداف محددة، رؤية من شأنها أن تتطلع لوضع برامج مدروسة من أجل تقوية صفوف الجمعية وتعظيم شأنها، ودفع الناس من مختلف الفئات إلى مناصرتها والوقوف معها فيما تدعو إليه.
4- سوء تقدير الموقف وعدم تقدير الأولويات ؛حيث إن إحدى الأولويات إنما هي تكبير وتعظيم الجمعية بالإطار البشري الجاد والمضحي..والعمل على بلوغ مستويات جيدة في مجال الإقبال الجاد على الجمعية والانخراط الحقيقي في مسارها الدعوي والعملي من قبل أكثرية من الإخوة والأخوات، وهو ما تفتقده الجمعية حاليا،بالنظر إلى ضعف الهيكلة وقلة أعداد المنخرطين والمنخرطات. على المستوى الوطني وعلى المستويات الولائية والبلدية.
5- قلة الاهتمام بالعنصر النسوي، حيث نسجل غياب الرؤية المناسبة في هذا المجال، وهذا يعني أنه ينبغي الاهتمام في مجال التوسع والانخراط بالجانب النسوي؛ حيث نسجل تناقضا في هذاالمجال ينبغي أن يحل. كثرة الحديث عن أهمية الجانب النسوي وقلة الاهتمام به، وغياب التحفيز في هذا الشأن:
• فالملاحظ أن هناك وجودا لجسم نسوي كبير، ولكنه بلا فاعلية حقيقية، بلا برامج، بلا مؤسسات، بلا تأثير كبير، وهو ما ينبغي أن ينظرإليه كتحد حقيقي في وجه الجمعية.
ولا يُنكر هنا ما يُبذل من جهود ـ نظريةـ ولكن من الواجب دراسة موضوع البُعد النسوي ـ كفروع أو كجزء من جسم الجمعية عموما ـ دراسته بما يسمح بجعله في مستوى التأثير اللازم، وذلك بإحياء دور المرأة الأسرة ـ العائلة ـالجانب الاجتماعي في الجمعية وفي المجتمع عموما. وربما يكون من الأفضل تخصيص ندوة خاصة لدراسة هذا الأمر من جميع جوانبه: التنظيمية، التفعيلية، الإدارية،تحسين الأداء الخ ..
وبناء على الملاحظات السابقة فإن اللجنـة تتصور أنه من الأولويات العمل على الارتفاع بمستوى الأداء الإداري والتنظيمي للجمعية إلى مستوى يسمح للجمعية باستقطاب المئات والآلاف ممن يمكن أن يشكلوا فائض قيمة في هيكلتها وذلك من خلال الطرق التالية:
أولا: الاهتمام بتوسيع قاعدة الجمعية في كل ولاية بمضاعفة أعداد المنخرطين والمنخرطات.
ثانيا: بالانفتاح على الطاقات الجيدة من الرجال والنساء في كل ولاية واستقطابهم الى الجمعية بشكل ميسور ومناسب لهم، كل حسب عمله وموقعه.
ثالثا: الأفضلية في هذا المقام الانفتاح على الطاقات العاملة التي تزخربها كل ولاية من ولايات الوطن: الأساتذة، الأطباء، الصيادلة، التجار، المهنيون من كل نوع.
رابعا: ينبغي أن يرتقي مستوى الطموح إلى درجة افتراض انخراط نحو200 في كل ولاية خلال العام الحالي ـ خلال عام ـ (عام 2014)
خامسا :يجب الإسراع في هيكلة وإعادة هيكلة الولايات التي تعاني من الضعف وما أكثرها ـ وإيجاد الحلول الحقيقية التي تعوق حركة النمو والتطور في الجمعية من حيث الإقبال والانخراط والاندماج ضمن صفوفها.
سادسـا: ينبغي مراعاة الظروف الخاصة بالمنخرطين واعتماد المرونة اللازمة في هذا المجال؛ فهناك المنخرط الكامل(العضو العامل )، وهناك من ينخرط بالعمل دون الحاجة إلى الانخراط التنظيمي ـ حسب ظروفه ـ وهناك من يقدم الدعم للجمعية من بعيد الدعم العلمي، الفكري، البدني، الخ .. ويجب العمل وفق أسلوب مَرِن يستوعب الجميع ويستفيد من الجميع.
سابعا: استحداث ما يمكن تسميتهُ بـ«المجلس الولائي الموسع» على غرار اللجنة الاستشارية العليا التي اعتمدها المكتب الوطني كسبيل لاستقطاب طاقات ولائية وجهوية ذات علم ونفع ويرجى منها الخير العميم، استقطابها بأسلوب إيماني دعوي فيه حبّ وأخوّة تقبله النفس وتدعم مركزصاحبه بطريقة أو بأخرى. مراعاة للنفسيات والظروف المختلفة للامزجة وأحوال الناس.
وللحديث بقية