قضايا و آراء

التحالف الأعرابي الصهيوني يجهز على القضية الفلسطينية/ محمد الحسن أكـــيـــلال

الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين منظمة إرهابية

 

لا داعي لأي عناء في إعمال التفكير أو البحث عن الأسئلة الحادة التي من شأنها إثارة الجدل البيزنطي والنقاش الذي لا طائل من ورائه، فالصورة واضحة جدًّا والمشهد لا ظلال فيه لتخفي شيئا عن أعين الناظرين فوق الركح؛ والحديث صريح وفصيح ومنطقي وواقعي لا لبس فيه ولا غموض.

آخر فتاوى سدنة الكعبة الشريفة ومن آلت إليه شؤون خدمة الحرمين الشريفين هي: ضم اسم الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين إلى قائمة التنظيمات الإرهابية التي تقود الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون الصليبيون الإمبرياليون حربا مقدسة ضدها دون تمحيص ولا فرز ولا تفريق بين الإرهاب الحقيقي المعروف مبنى ومعنى وحركات التحرير الوطنية التي تكافح لاسترجاع حريتها واستقلالها أو تحمي أوطانها وسيادتها.

هكذا بجرة قلم اقتنصت فكرة شاردة من طرف ولي العهد الشاب “محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود” رحم الله أعمامه وجده إلاّ من كان وراء الخطة ومبادرة السلام كخيار استراتيجي بين العرب والصهاينة.

تحالف عربي لتدمير اليمن وتفكيكه أسوة بالجار الشقيق، الصومال الذي دمر نفسه بتوجيه من مبتكرة التحالفات الولايات المتحدة الأمريكية: هذا في جنوب شبه الجزيرة، وفي شمالها تم تدمير العراق وبداية تفكيكه، بتدخل مباشر من أمريكا التي قادت جيوش التحاف الدولي الغربي والعربي، ثم انتقل التدخل لجاره سوريا بنفس طريقة الصومال تقريبا.

بين شبه الجزيرة العربية وشبه جزيرة الهند برزخ إيران الذي استعاد شعبه زمام أموره بثورة شعبية يبدو أنها لم ترق للكثيرين من هؤلاء المتحالفين ما جعلهم يغرون النظام العراقي السابق بالأموال لتدميرها، فخاض حربا ضروسا ربما أفاقته فأوقفها ولكن بعد فوات الأوان، ولذلك انتقموا منه شر انتقام وصل حد شنق رئيسه في عيد الأضحى المبارك؛ على حدود هذا البرزخ  – إيران – الشرقية تقع جمهوريتان مسلمتان تطمحان لانتزاع مكانتيهما تحت الشمس هما: باكستان وأفغانستان، هاتان الجمهوريتان تتاخمان جغرافيا أكبر احتياطي للنفط والغاز في العالم، وتقعان في منتصف طريق الحرير التاريخي.

 

تنفيذ المخطط في كل امتداداته

 

أفغانستان التي أعطت للعالم الإسلامي أحد كبار رواد النهضة الإسلامية “الشيخ جمال الدين الأفغاني” رحمه الله والتي بدأت بوادر ظهور أفكار وتصورات ثورية لامتلاك مشروع نهضوي تحرري، وقع عليها التركيز في فترة من الزمن الذي صادف فترة قمة الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي فأقحمت فيه بقوة دفعت بها إلى تبني مشروع يفوق حجمها البشري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فكان حظها من الانفجار فالدمار المستمر إلى اليوم تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية وبتمويل أعرابي طبعا.

جار أفغانستان، باكستان التي ناضل من أجل فصلها عن الهند الرئيس (محمد علي جناح) لإقامة أول دولة إسلامية جمهورية ديمقراطية بمشروع نهضوي أوصلها فعلا إلى دخول النادي النووي رغم أنوف الصهاينة، ولكن بعد ذلك التقدم العلمي أدخلت هي بدورها في أتون الفتنة الطائفية والمذهبية لتصبح بدورها تحت التهديد بالانهيار.

بإعادة توجيه البوصلة إلى الغرب، إلى شمال إفريقيا والمغرب العربي، حيث تقع مصر على تخوم شبه الجزيرة العربية الغربية، مصر التي كانت أول بلد عربي حاول الوقوف في وجه الصهيونية في عام 1948 ودخل في حرب معها بقوة عسكرية أضعف من القوة المواجهة عتادًا وعددًا فكانت أول هزيمة عسكرية وأول النكبات التي لحقت بالأمة، ثم تلا تلك الحرب تأجج لوعي شعبي أفرز قيادة عسكرية أطاحت بالنظام الملكي العميل لبريطانيا والسعي بسرعة لبناء اقتصاد كفيل بامتلاك أسس ومقومات القوة المطلوبة لشعب مهدد على حدوده الشرقية، إضافة إلى تحريك الشعور الجمعي للشعوب العربية لإعدادها للوحدة، وهذا كفيل لوحده لوضع مصر تحت الأضواء الكاشفة لكل القوى الإمبريالية وتجند لها كل المؤسسات الاستخباراتية والاقتصادية والمالية الغربية لتسقط بعد هزيمة عسكرية ثالثة في فخ التسوية الاستسلامية وتوقع مع العدو اتفاقية “كامب ديفيد” التي كانت وما تزال تداعياتها وتأثيراتها وراء ما يجري حاليا في الوطن العربي.

بالإيغال غربا بعد مصر تقع الجزائر في قلب المغرب العربي الكبير، أول قطر نكب بالاستعمار الاستيطاني لمدة قرن وربع قرن من الزمن، القطر الذي عصرت شعبه المحن فكان له أن يتفاعل معها ويروضها بإمكانياته الخاصة وينجح في صنع حركة تحرر خاصة ومميزة في عام 1925 “حركة نجم شمال إفريقيا” التي تطورت بدورها بتوالي وتراكم التجارب لتلد ثورة نوفمبر 1954 المظفرة والتي قادت الكفاح المسلح إلى النصر المبين؛ هذا النصر الذي بدأ في مواصلة المسار لبناء صرح يمكن أن يكون منارة لكل الأمة. تفطن إليه الصهاينة منذ الوهلة الأولى وكلفوا الجار الشقيق “المغرب الأقصى” بالقيام بهجوم عسكري على حدود الجزائر الغربية لتحرير إقليم الساورة بحجة مغربيته في “العهد الموحدي” ولما فشل الهجوم أعادوا الكرة في عام 1975 بهجوم آخر على الصحراء الغربية بعد جلاء الأسبان منها، فقط لخلق بؤرة توتر على حدود الجزائر وممارسة كل الضغوط عليها للاستسلام للصهيونية.

لا داعي للتوسع، فاستعراض هذه المحطات فقط ليعلم الذين لا يعلمون أن ما جرى ويجري في كل الوطن العربي والعالم الإسلامي هدفه واحد ووحيد هو التمكين لدولة الصهاينة من الاحتلال الكامل لأرض فلسطين وجعلها الدولة الأقوى في المنطقة عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا، بل وجعلها الدولة التي تقود كل الشعوب العربية والإسلامية.

إن ادعاء الأعراب أن خطر إيران والمذهب الشيعي هو دافعهم بما يقومون به من جرائم ادعاء باطل، فالجزائر دولة شعب سني وشعب الصحراء الغربية سني وشعب مصر سني وحركة حماس وشعبها الفلسطيني سنيان، أما حزب اللـه، فحتى ولو أنه حزب للشيعة في لبنان الشقيق ولكنه عنوان لكل المقاومة اللبنانية التي حاربت إسرائيل والمقاومة اللبنانية هي مقاومة كل الشعب اللبناني بكل طوائفه المسيحية والسنية والشيعية، وكل ما في الأمر أن الصهاينة يريدون التخلص من كل المقاومة ليتسنى لهم تحقيق مشروعهم في المنطقة، وللأسف يكون من العرب والأعراب من يساعدهم في تحقيق حلمهم.

أسر منظمة التحرير

آخر ما كان ينتظر أن تشيع مصر خبر قيامها بإصلاح ذات البين بين حركتي فتح وحماس، وفي الأخير يظهر أن العملية يكشفها في البداية غموض سرعان ما انجلى واتضح أن الرباعي العربي المتحالف لتدمير اليمن والمتحالف مع العدو الصهيوني ما قام به هو عملية استدراج للحركتين إلى القاهرة ووضع شروط تعجيزية أمامهما لإرغامهما على الإذعان لشروط العدو الصهيوني، وخاصة بعد ما دخلت أمريكا على الخط بعملية ابتزاز قذرة تتمثل في غلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في نيويورك ومساومتها بشروط دولة الصهاينة مقابل فتحه.

الأدهى والأمر أن صهر الرئيس الأمريكي “ترامب” المدعو “كوشنر”، وهو يهودي صهيوني من المتطرفين، يستميت في الدفاع عن الدولة الصهيونية، وهو مستشار صهره والمكلف بملف القضية الفلسطينية، هذا الرجل يبدو أنه مستشار أيضا لكل من الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” وولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وملك البحرين وولي عهد الإمارات العربية المتحدة، الرباعي الذي ثبت الآن أنه حليف لدولة الصهاينة ويعمل كل ما في وسعه لإرضائها.

لك الله يا فلسطين، لكم الله أيها الثوار العرب والمسلمون فهو وحده القادر على كل شيء.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com