قضايا و آراء

بين الإمطار و الإثمار (1)

مداني حديبي/

( ليس المراد من السحابة الإمطار وإنما المراد منها وجود الإثمار.)…ابن عطاء ..
….
أول علم يرفع من الأرض هو علم الخشوع…ليس علم الفرائض ولا الفقه ولا الأصول…وهو علم لا بواكي له وقلة نادرة من يحتفي به…مطالعة ومجاهدة وتدريبا وتذوقا…لهذا جاء ذاك الوصف المفزع المخيف لحال مساجدنا وصلاتنا في الحديث النبوي الشريف:..حتى أنك تدخل المسجد الجامع فلا ترى فيه خاشعا..ونكاد ننسى أن أول صفة من صفات المفلحين…:
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون…
ثم جاءت بقية الصفات من إعراض عن اللغو وزكاة وعفة
ومحافظة على الصلاة…لكأن منبع هذه السمات هو الخشوع في الصلاة..
تجد المصلي همه الوحيد أن تكون صلاته صحيحة فقهيا..فيحزن ويتكدر حينما ينسى المضمضة ويتشتت حينما ينسى التشهد الأوسط..بينما قلبه في كل واد هائم..
همه وجود سحابة الإمطار لا وجود الإثمار من طمأنينة وسعادة وبهجة وحضور…
وتجد قارئ القرآن شغله الشاغل تلاوة اللسان والإدغام والإظهار والمدود..وهو أمر جيد..لكن يقرأ القرآن لا يجاوز حنجرته…فتبقى التلاوة لا تتجاوز التراقي ومستوى الأصوات وعذوبة النغم …فلا تنساب عمقا في القلب فتفعل فعلها تدبرا وتأثيرا وأثرا وزهرة وثمرة…إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا…يخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا.
نحن في حاجة إلى مراجعة جادة لصلاتنا وتلاوتنا حتى نتنعم بها ونتذوق حلاوتها وثمرتها واقعا وحالا.
لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبلال رضي الله عنه: أرحنا بها…
وجعلت قرة عيني في الصلاة..
فالصلاة التي لا ترتاح بها من الهموم والغموم والأحزان والتشتت وتسقيك إيجابية وهمة ونشاطا وثباتا..هي مجرد حركات وتمتمات..لا نقول لك اتركها..معاذ الله..بل اجتهد لتحسينها لتعيش بها ولها.
وهناك حديث يهز القلب هزا ادعوك إلى تأمله جيدا:
ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت…نأخذ الحسنات والثمرات على قدر يقظتنا وحضورنا وخشوعنا في صلاتنا..ينصرف الرجل من صلاته ولن ينال إلا كسورا وأعشارا.
وفي الحلقة القادمة نفصل في نقاط عملية لإحياء فقه الخشوع والدموع لنعيد ترتيب سحر الصلاة الذي أثره الفعال في أنفسنا وواقعنا ومجتمعنا..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com